Site icon IMLebanon

«المستقبل» يعتبر ان خطاب الحريري «تأكيد على مبادئ ثورة الأرز» الرابية: زاد من علامات الاستفهام ــ حزب الله: فتح النار

رغم اتساع دائرة «الحركة بلا بركة» السياسية ، على وقع استمرار الاهتمام بالوضع الامني والاجراءات المتخذة جنوبا وشمالا وبقاعا، يرتقب ان يشكل طرح الرئيس سعد الحريري بحسب مصادر في «تيار المستقبل»، في خطابه الرمضاني السنوي ، «لخريطة طريق حماية لبنان»، محور مواقف الاطراف على اختلاف انتماءاتها وعلى اكثر من خط لدى 8 و14 على حد سواء.

مواقف اكتسبت أهميتها من كونها جاءت في غمرة تشابُك التعقيدات الداخلية مع عناصر الاشتباك الاقليمي الذي تشكل سورية والعراق ساحتيه الرئيسيتين، وايضاً من تداعيات المباحثات بين ايران والمجتمع الدولي حول الملف النووي، مطلقة سلسلة اشارات بالغة الاهمية في أكثر من اتجاه سواء في ما يتعلق بملفات داخلية او اقليمية، مصوّبة البوصلة في اتجاه الأهمية المطلقة لبتّ الملف الرئاسي كـ «أولوية تتقدم أي مهمة وطنية أخرى» ، منطلقا منها لتحديد النقاط الأخرى التي تقوم على :تشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد إدارة المرحلة، انسحاب حزب الله من سوريا، اعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الارهاب بكل أشكاله، التوافق على خطة طوارئ رسمية لمواجهة أزمة نزوح السوريين الى لبنان، إجراء الانتخابات النيابية في المواعيد التي يحدّدها القانون وتجنُّب كل أشكال التمديد لمجلس النواب.

فقد اعاد الحريري تؤكد مصادر «تيار المستقبل» تكريس الثوابت عبر الالتزام باتفاق الطائف، انطلاقا من ثوابت الصيغة اللبنانية والحياة المشتركة بين اللبنانيين مسيحيين ومسلمين، مشددا على نقاط أبرزها:

– إجراء الانتخابات الرئاسية هو المدخل لإجراء النيابية، راسماً معادلة بارزة عنوانها »مَن من النواب سينتخب رئيساً لمجلس النواب وهو غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية؟»، معتبراً أي مشروع لفتح صناديق الاقتراع النيابية قبل الرئاسية بمثابة «دخول لبنان في سيناريو انهيار تام للدولة».

– اعلان انتهاء مرحلة انتظار توافق المسيحيين على مرشح ، ليؤكد انطلاق حوار داخل 14 آذار وخارجها للوصول الى مرشح يمكن العبور به الى بعبدا.

-نعي فاعلية مكافحة الإرهاب في حال استمر حزب الله في حربه السورية تحت هذا العنوان، موجها رسالة بأن أهل السنّة في لبنان معنيون كسائر اللبنانيين بمكافحته.

– دعمه واشادته بوزيري الداخلية والدفاع والأجهزة الأمنية ،لم تمنعه عن المطالبة بوجوب محاكمة المرتكبين لدى بعضها.

– تشديده على الطائف والمناصفة الامر الذي اعتُبر رداً ضمنياً على اقتراح عون إجراء الانتخابات الرئاسية مباشرة من الشعب على دورتين.

– مقاربته موضوع الموقوفين في طرابلس مهدداً الرئيس نجيب ميقاتي ضمناً بتسميته كمعرقل للخطة الأمنية وكمتبنّ للإضطرابات في طرابلس من خلال التحريض على الخطة الأمنية.

طرح لا يرقى الى مستوى المبادرة،كون الاخيرة غالبا ما تستتبع بحراك سياسي، بحسب اوساط سياسية مراقبة،التي صنفت طروحات «الشيخ» في اطار المبادئ الوطنية التي لا خلاف حولها، رغم حاجتها الى التوافق نظرا لتعقيداتها الكبيرة، باعتبارها معبرا الزاميا يفترض سلوكه للخروج من دوامة الازمات وفق الاولويات المشار اليها، معتبرة انه ربط النزاع مع الرئيس نبيه بري لجهة رفض التمديد للمجلس، ومع حزب الله لجهة مطالبته بالعودة من سوريا، ومع التيار والقوات لجهة دعوته الى البحث عن مرشح توافقي.

اوساط الرابع عشر من آذار، رأت في كلمة الحريري، تاكيدا على المواقف المبدئية لثورة الارز، النابعة من روحية الدستور ومن جوهر الميثاق، إضافة الى أنها تشكل دعوة، لا تستثني أحدا، لإعادة بناء ما دمر من الدولة، ولم تدع إلى هدم عبثي للهيكل الوطني من دون وجود مشروع منطقي بديل، حيث تكتسب مشروعيتها من الرسائل الدموية الآتية من الحدود الشرقية مع سوريا ومن الخطر الذي يتهدد الحدود الجنوبية، والفوضى العامة في الداخل على الكيان الواقف على حافة الانهيار.

فالخطاب الذي جاء بعيدا عن الاستفزاز ، بحسب المصادر في المستقبل، ترك الابواب مفتوحة مع جميع الاطراف، حتى اولئك الذين قطعت خطوط التواصل معهم لاكثر من سبب. واكدت ان الحريري عكس في مواقفه توجها جديا للانتقال الى آلية جديدة عنوانها البحث عن المرشحين التوافقيين واقتناع القادة المسيحيين بوجوب الانتقال الى مرحلة اللاعبين الكبار في الانتخابات لا المرشحين، بعد ثبات عقم التكتيك السابق، قاطعا الطريق جديا على امكانات البحث في اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية ورد على المطالبين بتعديل النظام بمزيد من التمسك بالمعادلة السياسية القائمة ودستور الطائف، ما يكشف ان تمسك الفريق المقابل بالخيارات الأخرى ليس سوى عناد عبثي وترجمة غير مفهومة لالتزامات تعود بالضرر على الجميع، وهو ما يحذر منه البطريرك الراعي من موقعه الديني والوطني.

في المقابل وصفت اوساط الرابية ، خطاب الحريري بالجيّد والذكي، رغم انه لم يقدم شيئا جديدا ، فرفضه لمبادرة العماد عون ضمنا، مع إبقاء خطوط العلاقة وعلامات الود والتواصل، لم يقابله بمبادرة بديلة بل رمى الكرة في ملعب المسيحيين عندما طالبهم بالاتفاق على رئيس للجمهورية، مستطردا انه سيباشر جولة اتصالات وتحركات للخروج من الشغور، وهذا معناه ان عدم اتفاق المسيحيين على رئيس سيدفع بالمسلمين، سنة وشيعة، للاتفاق على رئيس طالما المسيحيون غير قادرين على انتاجه،داعية الى قراءة دقيقة للخطوات السياسية المناسبة ،تاخذ في الاعتبار العوامل الجديدة التي طرأت على المشهد في المنطقة، كالتطورات في العراق والازمة السورية وامور اخرى وضعت الشرق الاوسط برمّته على كفّ عفريت، معتبرة ان الجميع مع المناصفة والتعايش، ولكن الترجمة الفعلية لهذا الكلام لم تأخذ طريقها الى التنفيذ بعيدا عن العموميات والشعارات، التي تفترض احترام ارادة المسيحيين والاتيان بشخص يمثلهم، لايجاد حلول حقيقية ولمعاجلة الخلل، خاتمة ان الشيخ سعد لم يضع النقاط على الحروف، بل زاد من علامات الاستفهام ونقاط التعجب.

حزب الله، الذي استبعدت مصادر مقربة منه رد فعل فوري ، بعد صدور تعميم بالتزام الصمت، تمهيدا لدراسة الخطاب بدقة، رأت في الحديث «فتحا للنار»، ما يمكن أن يسقط التهـدئة القائـمة بين الطرفين،ما قد يعقّد الأمور أكثر، خصوصاً أنّ هامش المناورة الذي كان لدى «أمل» سيتقلّص الى حدوده الدنيا، ذلك فان اي حسابـات على مسـتوى الثنائية الشيعية التي تشكّل الحركة أحد طرفيها ستكون عائـقاً أمـام أيّ تفاهم بين الحركة والمستقبل، متوقفة عند الاتهام بالارهاب، معتبرة انه بذلك يؤشر على أنه لا انتخابات نيابية ولا رئاسية في لبنان.

من جهتها لم تر اوساط الثامن من اذار جديدا في مواقف الحريري ، فالنقاط التي طرحها سبق وتداولها فرقاء عديدون ، فيما المطلوب اليوم الذهاب الى تواصل مباشر وفاعل بين القوى السياسية لتأمين انتخاب رئيس الجمهورية والاستعداد لاجراء الانتخابات النيابية، من خلال التواصل بين كل الفرقاء والتقدّم خطوة الى الامام من اجل التفاهم على المواضيع الخلافية، متوقفة باستغراب عند الحملة التي شنها على حزب الله الذي يقف اليوم بالذات في المرصاد للمنظمات التكفيرية مشكلا سدا منيعا امام تمددها الى لبنان، حيث يخوض حربا ضروسا على الجبهة الشرقية التي تشكل معقلا للارهابيين، متعجبة من كلامه عن سوريا الذي اعتبرته في غير سياقه وخارج الزمان والمكان. وقالت المصادر ان ما طرح ليس خريطة طريق بقدر ما هو خريطة عودة، بمعنى انه دعا الى تشكيل حكومة وحدة بالعناوين نفسها، دون ان يشير الى ما قد يحصل في حال الوصول الى النقطة الثانية من خريطت، اي تشكيل الحكومة، من دون ان ينسحب حزب الله من سوريا فهل سيغطي الحزب في الحكومة؟

في المقابل يبقى اللبنانيون في وضع المترقب حتى الاسبوع المقبل لما سيصدر عن اجتماع تكتل التغيير والاصلاح الثلثاء وللكلمة التي سيوجهها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله المتوقع ان يطل خلال مناسبتين الاولى تبقى غير مؤكدة، في ليلة القدر، والثانية حتمية في يوم القدس وما قد تتضمن من معطيات ومواقف جديدة.

وليس بعيدا، المواقف التي اطلقها في السياق نفسه، البطريرك الماروني الكاردينال في القداس الاحتفالي الذي رأسه في دير مار مارون عنايا لمناسبة عيد القديس شربل في حضور الرئيس ميشال سليمان، مكررا مواقفه المعهودة المتصلة بالانتخابات الرئاسية مشددا على ضرورة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بالخروج من مأزق الفراغ.