Site icon IMLebanon

«المستقبل» يعمّم الأمن في طرابلس.. وميقاتي الفوضى

حملة «هستيرية» علىريفي بعد استطلاع لـ 8 آذار يُظهر تقدّم «التيار»

«المستقبل» يعمّم الأمن في طرابلس.. وميقاتي الفوضى

 

في الشكل تقع تحركات أهالي الموقوفين من أبناء طرابلس في مكانها الطبيعي، في ظلّ ازدواجية المعايير المتبعة، والتعاطي مع هؤلاء على قاعدة صيف وشتاء تحت سقف واحد، واعتماد معظم التوقيفات على ما يسمى «وثائق الاتصال» التي تكون غالباً مستندة الى معلومات مخبرين مغرضين، هدفهم الإيقاع بهؤلاء وإلحاق الظلم بهم وتأجيج النقمة الشعبية التي تمهّد لعودة التوتر الى المدينة التي تنعم بالأمن منذ أكثر من أربعة أشهر.

أما في المضمون، فإن ثمة رسائل سياسية تتلطى خلف هذه القضية الإنسانية، ويبدو أن هناك من يسعى الى تأجيج هذا الحراك لإستثماره في السياسة، عبر محاولة اللعب على عواطف الناس ودفعهم الى الشارع وإظهار أن هناك نقمة على الحكومة، وخصوصاً وزراء ونواب 14 آذار في المدينة، وتحميلهم مسؤولية الزج بأبنائهم في السجون، والزعم بأن هناك من دعاهم الى تسليم أنفسهم مقابل وعود بالإفراج عنهم سريعاً، ومن ثمّ نكث بوعده وتخلّى عنهم.

هذه المستجدات لها ما يبررها لدى الأهالي، وهي مفهومة ومقبولة، أما حقيقة مأساة هؤلاء، والدوافع الى موجات الإحتجاج التي يُراد منها التأسيس لفوضى جديدة في طرابلس، فهي تقع في مكان آخر. كل هذه الأمور ربطها مصدر طرابلسي مسؤول بعوامل عدة، بعضها سياسي وأمني محصور في الصراع على النفوذ داخل المدينة، والبعض الآخر له امتدادات أوسع على مستوى الساحة الوطنية والنار المشتعلة في المنطقة، وهذه العوامل تتلخص بالآتي:

أولاً: بات معلوماً لدى جميع الطرابلسيين، أن هذه التحركات انطلقت بإيعاز من الرئيس نجيب ميقاتي وحلفائه في قوى 8 آذار، في محاولة منهم للتأثير على شعبية تيار «المستقبل» داخل الفيحاء، خصوصاً بعد استطلاعات الرأي التي تولتها ماكينة ميقاتي الانتخابية وأظهرت نتائجها، أن شعبية «تيّار المستقبل» و14 آذار تبلغ 70 بالمئة مقابل 25 بالمئة لميقاتي وحلفائه في 8 آذار، متحدين ومتضامنين، و5 بالمئة رفضوا التعبير عن رأيهم. من هنا أتت محاولة اللعب على عواطف الموقوفين وأهلهم وقضيتهم الإنسانية.

ثانياً: ثمة مفارقة ساهمت في تأجيج غضب الأهالي، وتمثلت بالإفراج عن موقوفين من قادة المحاور السابقين في جبل محسن، مقابل الإصرار على إبقاء أبناء باب التبانة قيد التوقيف، وتعارض هذا القرار مع ما وعد به جهاز أمني هؤلاء الأشخاص بتسليم أنفسهم وتسوية أوضاعهم القانونية، مقابل سعيه الى إطلاق سراحهم في وقت قصير جداً، ليتبيّن لاحقاً أنه بعدما أجرى التحقيقات الأولية معهم، عمل على تعقيد ملفاتهم وتكبير حجم الإتهامات الموجهة ضدهم، واعتبارهم إرهابيين وقتلة ومجرمين وخارجين عن الدولة والقانون.

ثالثاً: إن شرارة هذا التحرك، إنطلقت غداة موقف وزير العدل اللواء أشرف ريفي الذي أطلقه قبل أيام، وأكد فيه المضي في التصدي للمشروع الأسدي الفارسي في لبنان عموماً، وفي الشمال وطرابلس خصوصاً، وتجريد حملة منظمة ضد ريفي تولاها بعض السياسيين من بقايا إرث الوصاية السورية، وسائل إعلام الممانعة وتلك التي تدور في فلك «حزب الله» والنظام الأسدي على خلفية هذا الموقف، وسعي هؤلاء الى قلب الصورة وتحميل ريفي مسؤولية التوقيفات وإستمرارها.

رابعاً: على اثر الاستطلاع المدوي، أنشأ ميقاتي غرفة عمليات لشن حملة على «المستقبل» وريفي لتشويه صورتهما في المدينة، ومحاولة ايقاع الخلاف بين الحلفاء. متناسياً ان هذه النتائج هي ترجمة لقناعات الناس بأن «تيّار المستقبل» قدم الأمن للمدينة بينما قدم ميقاتي الفوضى، وهنا لا مجال للمفاضلة بين المؤتمن على أمن المدينة والساعي الى تثبيته، وبين مَن عمّم فكرة الفوضى فيها.

خامساً: يأتي هذا التحرك بعد توفر معلومات للرئيس ميقاتي شبه مؤكدة، مفادها أن لائحة طرابلس للإنتخابات النيابية باتت شبه منجزة، وهي تضعه وحلفاءه خارج أي تفاهم مع «المستقبل» يسعون الى تسويقه، عبر محاولاتهم الدؤوبة لفتح قنوات تواصل جوبهت بالرفض، وتثبتهم من أن نواة هذه اللائحة تضم النائبين سمير الجسر ومحمد عبد اللطيف كبارة والوزير ريفي، فيما يبقى إعلان أسماء باقي أعضائها ملك الرئيس سعد الحريري بعد التشاور مع الحلفاء في 14 آذار.

سادساً: تدهور العلاقة بين ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي، فالمعلومات تشير الى أن ميقاتي الذي موّل مهرجان ذكرى الرئيس الشهيد رشيد كرامي، ودفع أموالاً لتأمين حشد شعبي له، تكون بمثابة رسالة سياسية الى «المستقبل» لإعادة النظر في موقفه منه، والتنبه الى محاذير إبقائه خارج اللائحة القوية التي تشكلّها 14 آذار في المدينة، غير أن هذه الرسالة جاءت بنتائج عكسية، إذ إن علاقة ميقاتي وكرامي تأزمت وبلغت الآن حدّ القطيعة، بسبب زيارة الأول لبشري وتقديم واجب العزاء الى رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بوفاة والده.

المصدر الطرابلسي أكد بشكل جازم أن «جمهور 14 آذار وأهالي الموقوفين وفاعليات المدينة، باتوا على دراية بكل هذه المعطيات، وهم بالتأكيد يرفضون استغلالهم وزجهم في معركة سياسية أرادهم الآخرون واجهة لها، لكنهم في الوقت نفسه لن يتراجعوا عن مطلبهم القائم على وضع ملاحقة أبنائهم في الأطر القانونية والقضائية أولاً، ومعاملتهم على قدم المساواة مع باقي الموقوفين ثانياً، وهم يعتبرون أن محاولة طي صفحة أحداث طرابلس الأليمة لا تكون بالتوقيفات العشوائية، والملاحقة الإنتقائية، إنما بإعتماد معيار واحد لكل هؤلاء». مشيراً الى أن مواقف فاعليات المدينة لا سيما المشايخ ورجال الدين الأخيرة كانت واضحة وصوبت بوصلة المشكلة ووضعت الأصبع على الحرج».