المشهد الجديد: الحكومة تقوم مقام الرئيس
سليمان يغادر بعبدا اليوم بخلاف مع «حزب الله» .. ونواب 14 آذار للإعتصام في البرلمان
قبل اشهر كان الرأي العام اللبناني يتحضر للفراغ في سدة الرئاسة الاولى، اي لعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الامر الذي وصفه الرئيس ميشال سليمان، وهو يضبط ساعته على توقيت مغادرة قصر بعبدا قرابة الثانية او الثالثة بعد ظهر اليوم، بعد مأدبة غداء يقيمها لاكثر من 450 شخصية، وتكون بمثابة حفلة وداعية، بأنه «يوم حزين، لانه لم يتمكن من تسليم خلفه مهام الرئاسة الاولى»، لكنه اعرب عن اطمئنانه لوعي الاطراف «لاهمية المحافظة على الاستقرار الامني في المرحلة المقبلة»، معرباً عن خوفه من وجود متضررين من الاستقرار قد يعمدون للاصطياد في المياه العكرة.
حدث الفراغ، ولم ينتخب رئيس، وتبدل المشهد، وتبدلت الاجندة، وضربت القوى مواعيد لمواقف تستهل بها الاسبوع المقبل، هو الاول، حيث سيكون في 27 الحالي، جلسة تشريعية مخصصة لمناقشة واقرار سلسلة الرتب والرواتب، ثم جلسات لمجلس الوزراء، تشترط صلاحيات المادة 62 ان يكون الوزراء جميعهم في الجلسة لكي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية:
1- الرئيس نبيه بري يتمسك بصلاحيات التشريع حتى ولو لم يكن هناك رئيس للجمهورية.
2- «التيار الوطني الحر» يحدد موقفاً اشكالياً من المشاركة في جلسة التشريع غداً، بدأت طلائعه مع تصريح الوزير جبران باسيل، بأن التعاطي مع مسألة الحكومة سيكون مختلفاً بعد الفراغ.
3- قوى 14 آذار بدأت بعقد اجتماعات متتالية وعلى مدار الساعة لتخريج موقف موحد وصفه النائب احمد فتفت بأنه «متمم للموقف الصلب الذي اتخذته في المرحلة السابقة، ويؤكد على الاولوية التي يجب ان تكون لرئاسة الجمهورية.
4- نائب بارز في كتلة «المستقبل» ابلغ «اللواء» وجوب ايجاد صيغة تزاوج بين اولوية انتخاب رئيس وجلسات التشريع.
الثابت ان الحكومة ستأخذ دورها في ممارسة صلاحيات الرئيس، وان كان الامر لا يتعلق بارادتها بل بمسألة دستورية تعبر عنها المادة 62.
والثابت ايضاً ان القوى المسيحية ستتعامل بايجابية مع اعطاء الحكومة هذا الدور، لكن السؤال بأي حدود؟ ووفق أية اجندات طال الفراغ الرئاسي أم قصر؟
والثابت ايضاً وايضاً، ان الجلسات التشريعية امام محاذير احتمالات التعطيل، بسبب الموقف المسيحي الرافض للتشريع في ظل الفراغ الرئاسي لكن الموقف النهائي يفترض ان يتظهر قبل موعد الجلسة يوم الثلاثاء المقبل.
وفي حين ذكر النائب فتفت، ان موقف 14 آذار من الرئاسة قد يعلن قبل الاثنين، قالت معلومات خاصة بـ«اللواء» ان اي موقف بهذا الخصوص لن يعلن قبل معرفة ما سيقوله العماد ميشال عون يوم الاثنين بخصوص موضوع الرئاسة تحديداً، اما الموقف من جلسات التشريع فليس بالضرورة ان يكون مرتبطاً بهذا الموعد، اذ انه عندما يكون جاهزاً للاعلان سيعلن من قبل قوى 14 آذار، والتي سيكون موقفها موحداً، بمعنى أن كتلة «المستقبل» لن تنفرد بهذا الموقف لوحدها، لافتة (أي المعلومات) ان النقاش الدائر حالياً لدى هذه القوى يدور حول كيفية التعاطي مع جلسات التشريع، مع الإصرار على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس، لأنه «كلما طالت فترة الفراغ في سدة الرئاسة، كلما زادت الخطورة»، على حدّ تعبير فتفت.
ولم تستبعد مصادر هذه المعلومات، بأن يبدأ نواب 14 آذار بالتجمع يومياً في مجلس النواب، اعتباراً من اليوم، من أجل حض زملائهم النواب الآخرين، على وجوب انتخاب الرئيس، خصوصاً وأن مواد الدستور لا تطلب بأن تكون هناك دعوة موجهة من رئيس المجلس، طالما دخلت البلاد في مرحلة الفراغ.
الجلسة الأخيرة
في عهد سليمان
ومهما كان من أمر، فانه يبدو أن الجميع سلم بهذا الفراغ، أو الشغور الرئاسي، وتجلى ذلك بشكل واضح، في الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس سليمان، قبل أن يغادر القصر اليوم، سواء من خلال كلمة الرئيس نفسه، أو في الكلام الوداعي لرئيس الحكومة تمام سلام والوزراء الذين تمنوا عليه البقاء كمرجعية وطنية، حيث أسف سليمان لعدم انتخاب رئيس جديد في موعد الاستحقاق الدستوري، مشدداً على ضرورة انتخابه بسرعة، باعتبار انه رأس الدولة ورمز وحدة الوطن وحامي الدستور.
واعتبر، من جهة أخرى، انه من ضمن موقعه وخبرته يستطيع أن يكون بتصرف الجميع للمساعدة في موضوع رئاسة الجمهورية، والاتفاق على شخص لهذا الموقع، معرباً عن استعداده للعب هذا الدور «إذ على الأقل يمكنني أن اتحرك بحرية أكثر من السلطات المعنية بالانتخاب، لأنني لا انتخب وليس لدي بعد نواب ينتخبون، ولذلك يمكنني التحرّك ولقاء الأطراف لنصل الى حل»، بحسب ما خاطب الوزراء، خلال العشاء الذي أقامه بعد انتهاء الجلسة، في حضور الوزراء وعقيلاتهم.
اما الرئيس سلام فاعتبر أن عهد الرئيس سليمان مليء بالاحداث والانجازات والمواقف الوطنية، إضافة الى القرارات المتزنة والمتوازنة، مؤكداً أن «حكومة المصلحة الوطنية» مؤتمنة دستورياً على الوطن، نيابة عنكم وبالوكالة عن رئاسة الجمهورية، املاً اكمال مسيرة الرئيس سليمان لتسليم الأمانة، ويكون الوطن وأبناؤه بخير.
على أن اللافت، انه بالرغم من حضور وزيري «حزب الله» الجلسة الوداعية، ومن ثم مشاركتهما في العشاء، وتنويه الرئيس سليمان بدور الوزير محمّد فنيش في وضع آلية التعيينات الإدارية، وبالتالي الالتزام بها، والتي اعطت دوراً اساسياً للمرأة اللبنانية، حيث تمّ في هذه الفترة تعيين 11 سيّدة في أعلى المسؤوليات، فان الرئيس سليمان يخرج اليوم من قصر بعبدا على خلاف مع «حزب الله»، وهو عبّر عن هذا الخلاف من خلال الكلمة التي ألقاها أمس امام موظفي قصر بعبدا والاعلاميين المعتمدين حيث غمز من قناة المقاومة التي تحيي غداً الذكرى الرابعة عشرة لعيد التحرير والمقاومة، في احتفال يقيمه حزب الله في بنت جبيل، وسيكون للأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله كلمة في المناسبة، عندما رأى أن «المقاومة لا تتضرر من نشوء الدولة، لا بل يحمي دورها»، متسائلاً: «لماذا التحرير إن لم يؤد الى دولة ديموقراطية راقية، مبنية على العدالة وتكافؤ الفرص»، لافتاً الى أن «هدف التحرير هو أن يتحرر الإنسان من العبودية، عبودية الزعيم، أو العبودية في الوظيفة، أو في التصفيق».
ملف النازحين دون العمداء
وفي حين خرجت الجلسة الوداعية لمجلس الوزراء بقرار توافقي حول ملف النازحين السوريين، ورسمت الحكومة للمرة الأولى سياسة واضحة تجاه التعاطي مع هذا الملف، من خلال تشكيل خلية طوارئ وزارية برئاسة الرئيس سلام تسعى الى ضبطه من جميع النواحي، فإن الحكومة لم تفلح في بتّ ملف التفرّغ في الجامعة اللبنانية وتعيين العمداء، والعالق منذ سنوات وفشلت الحكومات المتعاقبة في إيجاد حل له. وباءت المحاولة التي قام بها وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لتمريره في هذه الجلسة، بالفشل، على الرغم من إعداده ملفاً متكاملاً حول تعيينات العمداء وتفرّغ الأساتذة، متمنياً بتّه كسلّة متكاملة دون فصل ملف عن آخر، خلافاً لرغبة الرئيس سلام الذي وافق على طرح ملف تعيين العمداء من دون تفريغ الأساتذة نظراً للعدد الضخم الذي طرحه الوزير بو صعب والذي تجاوز الـ 1300 أستاذ.
وأفادت مصادر وزارية أن عدداً من الوزراء سجل ملاحظات على هذا الملف، طالبين تأجيله للاطلاع عليه بشكل معمّق، لا سيما وأنه طرح من خارج جدول الأعمال الذي كان يتضمّن 42 بنداً.
أما القرار المتعلق بملف النازحين السوريين، فقد وصفه الوزير جبران باسيل لـ «اللواء» بأنه أهم قرار للحكومة، مشيراً الى أنه كان طلب قبل بدء الجلسة من الرئيسين سليمان وسلام بتّ هذا الأمر باعتبار أنه يشكل خطراً على لبنان.
وقال إن القرار حدد توجهات السياسة العامة للحكومة والقاضية بالحد من النزوح وتأمين عودة السوريين الى بلادهم، وإنشاء تجمعات سكنية آمنة لهم ليس في لبنان، إنما داخل سوريا، وعلى الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا.
وأكد أنه صار بالإمكان أن نتحدث الآن بلغة واحدة حول وضع ضوابط على الحدود ومعايير في ما خص النازحين، فضلاً عن قيام شبكة اتصالات سيتولاها شخصياً تهدف الى جمع السوريين النازحين في مخيمات على الحدود أو داخل سوريا.
ويقضي قرار تشكيل الخلية الوزارية بأن تكون برئاسة سلام وعضوية وزراء: الخارجية، الداخلية، والشؤون الاجتماعية، وقد جرى توزيع المهام على الوزراء الثلاثة، بحيث يتولى الوزير نهاد المشنوق موضوع الحد من النزوح باجراءات سيقوم بها الأمن العام، ويتولى الوزير رشيد درباس وضع معايير للنازحين للتخفيف من تواجدهم، وكُلِّف الوزير باسيل اجراء الاتصالات للسعي من أجل اقامة مخيمات آمنة في سوريا أو في المنطقة الحدودية بالتعاون مع الجهات الدولية والإقليمية والمحلية.