Site icon IMLebanon

النزوح السوري يضغط على الحكومة .. والكتائب تفضح التفرُّغ

الإهتراء: «تقنين قاتل» تتبرأ منه الكهرباء ووزارة المال؟!

النزوح السوري يضغط على الحكومة .. والكتائب تفضح التفرُّغ

  مع أن لا رابط ظاهرياً بين «بيان الشؤم الكهربائي» والسجال الجاري حول التداعيات السلبية الخطيرة للنازحين السوريين على الخدمات العامة، إلا أن ما أعلنه وزير الخارجية جبران باسيل من أرقام، منها ما يتعلق بالكهرباء (مائة مليون دولار أميركي) وفيما يتعلق بالمستشفيات والتعليم والترببة، كشف أن عبء النزوح السوري بات يهدد بنية الخدمات العامة، للبنانيين والمقيمين على حد سواء، فضلاً عن استقرار البنية الاجتماعية، مع طغيان العنصر غير اللبناني على الكثافة السكانية.

وبصرف النظر عن الآليات التي ستعتمد لمعالجة مشكلة النزوح من جوانبها كافة، وبصرف النظر عن القرار السياسي الذي سيتخذ سواء على مستوى اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف، فإن مصادر وزارية حذرت من أن يتحوّل إلى نقطة تجاذب في الأسابيع المقبلة، في ضوء الآثار السلبية المترتبة على عدم تنظيم هذا الملف وتركه يسير على عواهنه دون حسيب أو رقيب، بالتزامن مع تحوّل الحدود الشمالية والشرقية مجدداً الى مرتع للاشتباكات وأرض محروقة نتيجة القصف بالطيران الذي امتد من قرى القلمون السورية وبعض الأودية والجبال حيث يتمركز مسلحو المعارضة والجماعات المتطرفة، وصولاً الى بلدة عرسال التي تشهد اشتباكات أو تفجيرات أو إشكالات عنفية سواء مع الأجهزة الرسمية أو بين النازحين وأبناء البلدة، أو بين الجماعات المتطرفة نفسها.

وتحدثت المعلومات عن مقتل شخصين سوريين وسقوط عدد من الجرحى في غارات شنها الطيران السوري قبل ظهر أمس على وادي عجرم في عرسال والجرود المحيطة بالبلدة.

وعلى هذا الصعيد، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن لا خلاف مع وزير الخارجية جبران باسيل حول معالجة ملف النازحين.

وأضاف في تصريح لـ «اللواء» أن موقف باسيل لا يتعارض مع سياسة الحكومة، وأن باسيل رغب في مؤتمره الصحافي تأكيد موقفه بعدم إقامة مخيمات للنازحين داخل الأراضي اللبنانية، لافتاً النظر الى أن الحكومة لم تتخذ قراراً بإقامة مخيمات، وإن كانت طلبت الى الخلية الوزارية درس هذا الملف.

وفي السياق أشار مصدر وزاري الى أن إقامة المخيمات سواء في المناطق العازلة أو داخل الأراضي السورية هو أمر يحتاج الى مفاوضات، وليس من الضرورة أن تجري هذه المفاوضات بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية، بل يمكن أن تتم عبر طرف ثالث هي الأمم المتحدة.

واعتبر أن هذا الملف ستكون له الأولوية في الأسبوع المقبل، نظراً لما يترتب من أعباء لم يعد من الممكن تحملها في ظل إعراض المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته تجاه لبنان.

تجدر الاشارة الى أنه كانت لوزير الداخلية نهاد المشنوق مطالعة أمنية – سياسية في جلسة مجلس الوزراء أمس حول النزوح السوري رد فيها على ما طرحه باسيل من معارضة لإقامة مخيمات للنازحين على الأراضي اللبنانية.

ومما قاله الوزير المشنوق في هذا الصدد أنه يوجد حالياً في لبنان، حسب احصاءات الأمم المتحدة نحو مليون و100 ألف نازح، عدا عن النازحين غير المسجلين، وهؤلاء ينتشرون في نحو 2200 مخيم عشوائي، من دون أي رقابة أو سلطة ولا قدرة للقوى الأمنية على ضبط هذه المخيمات العشوائية، مشيراً الى أن المنظمات الدولية نصحت بإقامة عشرة أو 12 مخيماً لاستيعاب كل النازحين بشكل منظم، وبحيث تكون القوى الأمنية قادرة على توفير وسائل الضبط والمراقبة.

ولفت المشنوق نظر الوزراء الى أن التقارير تتوقع أن يرتفع عدد النازحين الى نحو مليونين، متسائلاً ماذا نفعل حيال هذا الأمر، إذا كنا لم نستطع خلال السنوات الثلاث الماضية أن نقوم بشيء حيالهم سوى تأمين الخدمات لهم من رعاية ومسكن وتعليم وكهرباء، ولكن ماذا نفعل لتأمين السيطرة الأمنية على أماكن تواجدهم، مشيراً الى أن «داعش» لن تأتي الى لبنان بواسطة أهل بكفيا، ولا عبر أهالي الطريق الجديدة، بل يمكن أن تأتي من خلال هؤلاء النازحين، إذا لم نستطع أن نتدبر أمورنا معهم.

ولم تستبعد مصادر وزارية أن يكون مؤتمر باسيل أمس، للرد على الطروحات التي وردت في سياق جلسة مجلس الوزراء أمس الأول في شأن إنشاء مخيمات للنازحين داخل لبنان، مؤكداً أن موقفه الرافض بشرعنة إقامة مخيمات أو تجمعات سكنية لإيواء النازحين لن يتغيّر، وهو موقف مبدئي ودائم، متسلحاً بقرار الحكومة الصادر بتاريخ 23/5/2014 الذي كلفه السعي من أجل إقامة مخيمات آمنة في سوريا أو في المنطقة الحدودية العازلة بين لبنان وسوريا، موضحاً أن معالجة مسألة الدخول السوري تكون عبر وقف دخول السوريين بصفة نازح وبتقليص أعداد النازحين الموجودين.

أزمة الكهرباء

 وأول الغيث على صعيد الاهتراء الحاصل هو البيان الذي زفته مؤسسة كهرباء لبنان إلى اللبنانيين بأن برنامج تقنين قاسياً ينتظرهم خلال أشهر الصيف التي تمتد من تموز إلى أيلول، ربما يعيدهم إلى الوراء بمعدل ست ساعات تقنين إضافي على التقنين الحالي، أي تراجع التغذية من 20 أو 19 ساعة إلى 13 ساعة يومياً، لا سيما في الجنوب والشمال والجبل والبقاع.

واعرب مصدر نيابي عن مخاوفه من أن تعجز المؤسسة عن الوفاء بالتزامها تجاه بيروت الإدارية بالابقاء على نظام التقنين، على ما هو عليه اليوم، مع العلم أن التقنين بلغ 6 ساعات يومياً في بعض احياء العاصمة، محذراً من مرحلة تقنين مقنع يعيد ربط العاصمة مع بقية المناطق.

ولم يقتصر الأمر على التبريرات التقنية المتعلقة بالانتاج والتوزيع وحسابات الكيلوات، بل بدا أن هناك أزمة سياسية ومالية تواجه هذا الملف، بعضها يتعلق بتراكمات موروثة من الحكومات السابقة، وبعضها يتعلق بفشل البرامج التي وضعت في السنوات الماضية لزيادة الإنتاج وإصلاح الشبكات المتهالكة، وبعضها ثابت يتعلق بعدم تمكن المالية العامة من ضخ أموال إضافية في «صندوق مفقود»، على حدّ تعبير مصدر مسؤول في وزارة المال.

وسيتولى وزير المال علي حسن خليل شخصياً يوم الاثنين المقبل مساجلة مؤسسة كهرباء لبنان في المبالغ التي طلبتها من الوزارة لتمويل العجز والخيارات المطروحة وما يترتب على الحكومة أن تفعله على هذا الصعيد، سواء بتغيير مجلس إدارة الكهرباء أو زيادة سعر الكيلوات أو رفع قيمة التمويل أو تسديد جزء من المساعدات التي تأتي من الدول المانحة للمؤسسة على حساب خدمات النازحين السوريين.

وكان الوزير خليل أكّد أن وزارة المال تدفع لكن مؤسسة الكهرباء تهرب من فشلها، مشيراً إلى أن الوزارة تدفع الاعتمادات المستندية لتغطية كلفة الفيول فور ورودها وفق الإملاءات المعدة من قبل المؤسسة.

ملف الجامعة

 البارز في هذا المجال جولة الاتصالات التي باشرها وزير التربية الياس بو صعب مع القوى السياسية ورؤساء الكتل بدءاً من عين التينة للوقوف على موقف رئيس المجلس تجاه هذا الملف، بعد الموقف المعلن للرئيس برّي من ان الأولوية تقضي بتعيين مجلس الجامعة ليتولى هو اعداد لوائح المتفرغين بدل ان يناقش الوزراء الأسماء والكفاءات والشهادات واحتياجات الجامعة، وهذا ليس من اختصاص الحكومة بل الوحدات الجامعية ومجلس الجامعة بعد تشكيله وفقاً للقانون 66.

وبالتزامن مع اتصالات بو صعب، كانت لجنة المتعاقدين تزور بكفيا وتجتمع إلى مُنسّق اللجنة المركزية لحزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي شرح مطولاً للوفد الجامعي، في حضور المسؤولين التربويين والجامعيين في الكتائب الاعتبارات التي حدت بوزراء الكتائب في الجلسة الماضية بعدم الموافقة على ملفي العمداء والتفرغ دون الاطلاع عليهما.

وقال الجميل للأساتذة: نحن لسنا ضد تفرغكم ولا ضد حقوقكم ولكن هل تعلمون أن بين المرشحين للتفرغ في ملف وزير التربية والذي هو عبارة عن 1160 أستاذاً، هناك 550 أستاذاً لم تدرس ملفاتهم الوحدات ولم ترشحهم الجامعة؟

 وكشف الجميل أن وفداً كتائبياً سيزور وزارة التربية لدرس ملفات المرشحين مع الوزير، فيما جدّدت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين دعوتها لتنفيذ الإضراب طيلة الأسبوع المقبل، وحتى إقرار ملفي التفرغ والعمداء.

وأوضحت مصادر مطلعة أن جولة بو صعب على الكتل والمرجعيات هدفها تسهيل إقرار الملفين في جلسة مجلس الوزراء المقبلة يوم الخميس تجنباً لأي مفاجأة.

لكن اللافت، بحسب الوزير بو صعب نفسه، أن الأمور التربوية كلها مترابطة، إذ انه حتى لو تمّ تفريغ الأساتذة في الجامعة، فاننا لا نستطيع أن ندفع معاشاتهم طالما أن التشريع في مجلس النواب معطّل، وطالما أن سلسلة الرتب والرواتب للأساتذة عالقة،

 لافتاً النظر انه اذا لم يحصل توافق للذهاب إلى مجلس النواب من أجل تشريع الضرورات فاننا سندخل من فراغ إلى فراغ، ونتورط في مشكلة لا أعرف ما إذا كان الشعب اللبناني يستطيع تحملها.

وبطبيعة الحال فإن كلام بوصعب يشير إلى أزمة الشغور الرئاسي التي ستدخل شهرها الثالث، من دون أن يكون هناك في الأفق حل لها، في حين ما يزال طرح النائب العماد ميشال عون موضع أخذ ورد بين مؤيد ورافض وتريث في تحديد الموقف منه، لا سيما حزب الله الذي أكدت أوساطه في أعقاب اعلانه انه يدرسه وينتظر مواقف الأطراف منها ليحدد موقفه، غير ان الاسبوع انقضى من دون أن يقول الحزب كلمته، وان كانت أوساطه ألمحت إلى اعتراضه على التوقيت وعلى الآلية المقترحة، ولا سيما تعديل الدستور، وانه الأفضل لو انه اقترح مرشحاً غيره.

وفي هذا السياق، أوضح عضو كتلة «التحرير والتنمية» النيابية النائب علي خريس لـ«اللـــواء»، ان التحرك الرئاسي لا يندرج في إطار المبادرة، إنما هو عبارة عن اتصالات يقودها لاستخراج آراء الكتل والقيادات السياسية لكيفية الخروج من الأزمة الراهنة وطرح الحلول والوسائل للوصول إلى مخرج معين.

إلا ان خريس ألمح إلى انه ما من وقت محدد لإعادة إحياء هذه الاتصالات، كأن هذا الأمر يعود إلى الرئيس بري نفسه.