Site icon IMLebanon

الهجمة الإرهابية الثانية: عرسال جبهة مفتوحة دعم أميركي وإنجاز العقد السعودي – الفرنسي

لم تقتصر الهجمة الارهابية الثانية التي شنتها التنظيمات الاصولية أمس على الجيش اللبناني في محيط عرسال على استهداف مجموعة عسكرية، بل تمددت في اتجاهات شديدة الخطورة إن من حيث تحريك خلايا لـ”داعش” في مناطق حدودية أخرى، أم من حيث استعمال السلاح الدعائي لاثارة الذعر وتعميمه من خلال الزعم الذي يصعب اثباته عن تصفية أحد الأسرى العسكريين. بذلك بدا واضحاً ان التنظيمات الاصولية تسعى الى تحويل عرسال جبهة، بل بؤرة مفتوحة للاستنزاف والضغط العسكري والمعنوي على لبنان من خلال الجيش ومشاغلته باستمرار ميدانياً ومن خلال قضية الاسرى للضغط على الحكومة وحشرها في مواقع بالغة الحرج والحساسية. واذا كان تصدي الجيش للهجمة الجديدة أمس نجح، في انقاذ أربعة عسكريين من مكمن الارهابيين فيما فقد جندي لم يعرف مصيره بعد، كما تمكن الجيش من ضبط خلية ارهابية في البقاع الغربي، فان الهجمة الثانية للارهابيين بعد أقل من شهر من معركة عرسال الاولى في 2 آب الجاري أبرزت معطيات شديدة الخطورة باتت تضغط بقوة استثنائية لتبديل اساليب المواجهة بسرعة وخصوصا على المستوى السياسي الرسمي، وغير الرسمي لان ما جرى أمس ينذر بأن التنظيمات الارهابية التي تبلّغ مجلس الوزراء انها حشدت ألوفاً من المسلحين في جرود عرسال قد تعاود وتيرة استهداف الجيش في كل لحظة. وهو الامر الذي لا تبدو الدول المعنية بتسليح الجيش غائبة عن احتمالاته المتعاظمة بدليل انتظار تطورين مهمين في الساعات والايام المقبلة هما وصول دفعة مساعدات أميركية كبيرة ونوعية اليوم الى الجيش، وتذليل معظم العقبات التي أخرت اطلاق عقد التسليح الفرنسي للجيش ضمن هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية للجيش.

ومع ذلك، تتجه الانظار الى القرار السياسي الذي يجب ان يواكب الاستنفار الاقصى للجيش والقوى الامنية في مواجهة تصاعد الخطر الارهابي وسط معالم مشهد سياسي داخلي مفجع في غيابه وقصوره عن وعي ما يحيق بالبلاد من اخطار غير مسبوقة حتى في حقب الحرب التي عرفتها سابقاً.

والواقع ان الجيش واجه أمس تطوراً جديداً في هجمات الارهابيين الاصوليين تمثل في مكمن نصبته مجموعات مسلحة كثيفة لآلية “ويليس” عسكرية عائدة الى اللواء الثامن وفيها خمسة عسكريين لدى انتقالها من أحد المراكز العسكرية في وادي حميد بمحلة وادي الرهوة في جرود عرسال حيث اشتبك المسلحون مع الجنود مما أدى الى اصابة عسكري بجروح وفقدان آخر. وقصفت مدفعية الجيش على الاثر المحلة، فأصيب عدد من المسلحين ودمرت سيارة بيك آب كانت تحمل رشاشاً مضاداً وفرارهم، بينما وصلت تعزيزات عسكرية مؤللة الى المحلة واعقبت المكمن حملة تمشيط بالقذائف الصاروخية للتلال المحيطة بعرسال واستمر القصف المدفعي المتقطع حتى ساعات المساء. وعمت المنطقة حال ذعر وسجل نزوح عائلات من عرسال في اتجاه القرى المجاورة تزامناً مع دخول وحدات مؤللة اضافية من الجيش لتعزيز عدد من مراكزه المنتشرة على اطراف عرسال من الناحية الجردية.

وتزامن ذلك مع توقيف الجيش خلية ارهابية في الصويري بالبقاع الغربي تضم خمسة سوريين، ثم أوقف الجيش لاحقا توفيق بركات صالح المطلوب بجرائم اطلاق نار على أفراد الجيش والانتماء الى جماعة ارهابية. وعمت بلبلة واسعة ليلاً مناطق في عكار اثر تناقل مواقع التواصل الاجتماعي صورة مزعومة لعسكري من فنيدق نسب الى داعش انها قتلته ذبحاً. وتعذّر التأكد من صحة الصورة والخبر، لكن الغضب عم المناطق العكارية وأقدم عدد من ابناء المنطقة على قطع الطريق الرئيسية في بلدة برج العرب بعض الوقت.

مجلس الوزراء

وعقد مجلس الوزراء جلسته أمس على وقع المعلومات التي كانت ترده عن الوضع المتدهور في عرسال. وعلمت “النهار” أن مناقشات المجلس بدأت بأسئلة طرحها وزير العمل سجعان قزي عن الهبتين السعوديتين (ثلاثة مليارات ومليار دولار) وحقيقة ما جرى في عرسال ومصير المخطوفين العسكريين، فجاء الجواب من الرئيس تمام سلام الذي قدم المعلومات الامنية الضرورية عن تطورات عرسال مؤكداً “الحرص على عدم نشر هذه المعلومات كي لا يتم المس بالأمن القومي وكذلك بأمن العسكريين ورجال الامن المخطوفين”. وفي ضوء هذه المعطيات تبيّن أن الوضع العسكري في عرسال ليس مريحاً لأن المسلحين موجودون داخل عرسال وفي محيطها وفي مخيمات اللاجئين وسط صراعات تجتاحهم مما يطرح السؤال عما إذا كانت هذه الصراعات ناجمة عن خلافات فعلية أم أنها من قبيل توزيع الادوار؟ كما دلّت المعطيات أن سلوك النظام السوري يشير الى أنه لا يقوم بما يتوجب عليه لقطع الطريق على تفاقم الوضع مما يطرح أسئلة كبيرة عما ينطوي عليه هذا السلوك؟

وفي ما يتعلق بالهبتين السعوديتين، أكد الرئيس سلام أنه في شأن هبة الثلاثة مليارات دولار هناك اتصالات جارية تمهد لتحرك قريباً جداً. أما في شأن هبة المليار دولار فإن التصرف بها يتم بصورة طبيعية.

وأعلن الرئيس سلام أنه سيدعو الى انعقاد مجلس الامن المركزي كما ستكون هناك جلستان لمجلس الوزراء الثلثاء والخميس المقبلين. كما أعلن أنه سيقوم بزيارتين للامارات وقطر.

التسليح

وفيما يتسلم الجيش ظهر اليوم دفعة من المساعدات العسكرية الاميركية من اعتدة وذخائر في القاعدة الجوية بمطار الرئيس رفيق الحريري الدولي، كشفت مصادر فرنسية متابعة لملف تسليح الجيش اللبناني لمراسل “النهار” في باريس امس ان اتفاقا تم التوصل اليه بين السلطات الفرنسية والسعودية على العقد الذي سينظم عملية تسليم السلاح والعتاد الى الجيش اللبناني بموجب هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية.

وتوقعت ان تبت المسألة نهائيا وان تزال كل العقبات المتبقية اذا وجدت خلال الزيارة التي سيقوم بها ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز لباريس ابتداء من الاثنين المقبل.

الترشيحات؟

على رغم هذه الاجواء الامنية المشحونة، برز تطور جديد يتعلق بالمهل القانونية للترشيحات للانتخابات النيابية مع اصدار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تعميما امس لتقديم تصاريح الترشيحات للانتخابات المحددة في 16 تشرين الثاني المقبل وبدأت المهلة من صباح امس على ان تنتهي في 16 ايلول المقبل. ومن شأن هذا الاجراء ان يدفع القوى السياسية والحزبية كما سائر الراغبين في الترشح الى تقديم ترشيحاتهم ضمن المهلة بمعزل عن احتمال التمديد ثانية لمجلس النواب.