مسؤول دولي يشارك في الجهود الديبلوماسية الهادفة الى وقف الحرب في سوريا وايجاد حل سياسي لأزمتها، شدد في لقاء خاص في باريس على ان المعادلة الأساسية التي يواجهها الوسطاء والمبعوثون هي انه “ليس ممكناً القضاء على الجهاديين المتشددين والارهابيين أو تقليص نفوذهم الى أدنى حد من غير انجاز حل سياسي حقيقي شامل للأزمة السورية، وليس ممكناً انقاذ سوريا وانقاذ نظام الرئيس بشار الأسد في الوقت عينه. بل ان رحيل هذا النظام وقيام نظام جديد مختلف جذرياً عنه مطلبان ضروريان من أجل ايجاد حل شامل للأزمة ومعالجة الكوارث التي أحدثتها الحرب في سوريا. ولن يستطيع أي وسيط دولي أو اقليمي أن يخترع حلاً سحرياً للأزمة يتجاهل أو يتجاوز هذه المعادلة. وهذا ما أدركه الوسيطان السابقان كوفي أنان والأخضر الابرهيمي وهذا ما سيكتشفه الوسيط الدولي الجديد ستيفان دي ميستورا الذي بدأ مهمته الهادفة الى اطلاق عملية ديبلوماسية تقود الى وقف الحرب واحلال السلام وانقاذ ما تبقى من سوريا”.
وأوضح المسؤول الدولي، استناداً الى تجربته ومعلوماته واتصالاته الأخيرة ان مصير الأوضاع في سوريا مرتبط بالعوامل والحقائق الأساسية الآتية التي يجب الاستناد اليها وأخذها في الاعتبار في أي مسعى جدي لمعالجة الأزمة السورية:
أولاً – ضرورة التخلي عن محاولة انجاز صفقة صغيرة جزئية ومحدودة والعمل على انجاز صفقة كبيرة تؤدي الى تحقيق تغيير جذري شامل في سوريا في كل المستويات خصوصاً ان نظام الأسد مسؤول عن تفجير الأوضاع في البلد وليس قابلاً للاصلاح والتطوير والتغيير وليس قادراً على وقف الحرب واحلال السلام وطمأنة السوريين.
ثانياً – من الضروري التركيز على هدف أساسي كبير هو العمل على تحقيق المطالب والتطلعات المشروعة للشعب السوري بكل مكوناته وهي التي تجاهلها النظام سنوات طويلة ثم واجه بالقوة المسلحة المعارضين والمحتجين المتمسكين بها. فالحقيقة الأساسية ان سوريا اجتاحتها منذ آذار 2011 حركة احتجاج عميقة الجذور تحولت ثورة شعبية عارمة قلبت الأوضاع رأساً على عقب وفرضت الاهتمام بمصير الشعب وليس برغبات النظام ومصالحه وحساباته. فما يحدث في سوريا ليس نزاعاً محدوداً أو مؤامرة خارجية أو مجرد معركة مع ارهابيين بل هو صراع حقيقي بين شعب محتج يطالب بحقوقه المشروعة ونظام متسلط مستبد يتمسك بالسلطة ولو ألحقت أعماله وممارساته الكوارث بالبلد وبأبنائه.
ثالثاً – ثمة واقع أساسي فرضته الأحداث هو ان نظام الأسد فقد شرعيته الداخلية والاقليمية والدولية وهو تالياً ليس الممثل الشرعي الحقيقي للشعب السوري بكل مكوناته، استناداً الى مواقف وقرارات 18 دولة عربية والغالبية العظمى من دول العالم، بل ان هذه الدول تتعامل مع المعارضة السورية المعتدلة على أساس انها هي الممثل الشرعي للشعب أو في أقل تقدير انها الممثل الشرعي للشعب المحتج. وهذا الواقع كرسه بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 والذي تبناه مجلس الأمن وأعطاه شرعية دولية. وبيان جنيف هو مشروع الاتفاق الوحيد لحل الأزمة السورية الذي يلقى دعماً اقليمياً ودولياً واسعاً وهو يجعل المعارضة شريكاً أساسياً في حل الأزمة اذ يقترح تشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام والمعارضة وتملك الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتعمل على تحقيق التغيير الجذري الشامل في سوريا.
رابعاً – ثمة واقع أساسي آخر هو ان روسيا وايران عاجزتان عن ايجاد حل سياسي للأزمة يضمن بقاء النظام، بل انهما تحتاجان من أجل وقف الحرب الى التفاهم مع الدول الغربية والاقليمية البارزة التي تدعم الثورة والمعارضة وتتمسك برحيل الأسد وقيام نظام جديد.
وخلص المسؤول الدولي الى القول: “ان الحل الحقيقي الشامل للأزمة السورية يتناقض تماماً مع أهداف الأسد وخططه، اذ يرتكز على تنفيذ مطلبين أساسيين: الأول هو نقل السلطة الى نظام جديد ديموقراطي تعددي يحقق المصالحة مع السوريين عموماً ومع المجتمعين العربي والدولي، والثاني هو تشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام والمعارضة وتعمل على نقل السلطة الى نظام جديد واجراء انتخابات نيابية ورئاسية تعددية حرة وشفافة تسمح للشعب بأن يقرر مصيره بنفسه. ولن يستطيع الأسد أن يتهرب الى الأبد من تنفيذ هذين المطلبين الأساسيين”.