Site icon IMLebanon

الوصاية الإيرانية فجّرت العراق

إذا كان تنظيم “داعش” الذي تحوم حوله شكوك كبيرة، ولا سيما لجهة ولادته، ولوظيفته الاقليمية الحقيقية التي اظهرت في سوريا تقاطعا واضحا مع النظام وايران، فإن التنظيم في العراق يبدو وكأنه اخذ توجها آخر اقلق الايرانيين الذين عملوا على مر عامين في سوريا على معاونة “داعش ” في تمدده، وحربه ضد “الجيش السوري الحر”.

نقول ان “داعش” تنظيم يتقاطع في اهدافه مع السياسة الايرانية، وثمة من المراقبين من يعتبر انه صنيعة المخابرات الايرانية في الاساس، لجهة تعاونها الذي لم ينقطع منذ انهيار نظام طالبان عام ٢٠٠١، وهروب العشرات من قادة تنظيم “القاعدة”الى ايران، وقيام الاخيرة بإيوائهم، ثم باستخدامهم في العراق خلال الوجود الاميركي بالتعاون مع النظام في سوريا. وقبل عامين برز تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” قوة عسكرية عملت على مقاتلة المعارضة السورية في كل مكان، وقد تبادلت التسهيلات مع النظام في العديد من المناطق.

المهم مما تقدم ايضاح مسألة الشكوك الدائمة حول هذا التنظيم الذي تقاطعت مصالحه مع العديد من القوى السنية التي عانت الامرين من حكم نوري المالكي وغلبة المكون الشيعي في المعادلة العراقية. وهذا بالتحديد ما ادى الى انهيار جيش نوري المالكي في مناطق واسعة من العراق من الموصل الى ضواحي بغداد بالشكل الذي شهده العالم بدهشة كبيرة.

ليس صحيحا ان “داعش”، هذا التنظيم المؤلف من بضعة آلاف مقاتل في العراق، أسقط هذه المناطق التي تغطي مساحتها ثلث العراق تقريبا. الصحيح ان السياسة الايرانية التوسعية عبر حكومة المالكي جعلت من المناطق السنية ارضا خصبة لانتفاضة شاملة على “الحكومة المركزية”، وانتفض الآلاف من اطياف متعددة (عشائر – بعث سابق – جيش سابق) وأسقطوا حكم نوري المالكي في المحافظات السنية. اما “داعش” فمكون صغير في المعادلة الاكبر التي تضم في ظلها ملايين المواطنين العراقيين المنتفضين على حكومة المالكي. يستطيع اعلام النظام في سوريا ومعه اعلام ايران و”حزب الله” تنظيم حلقات دعائية مطولة عن “داعش” والتطرف والارهاب. لكن ثمة “داعش” اخرى لا تختلف في سلوكياتها عن “داعش الاولى، و”حزب الله ” ينهل من نبع التطرف نفسه بكل تجلياته العملانية في كل مقام.

بالعودة الى العراق، يمكن القول ان البلاد دخلت حربا اهلية، وان سلوك المالكي وحلفائه، والوصاية الايرانية، اديا الى انفجار البلاد. اما الخيار الاميركي بالوقوف بجانب المالكي وايران فيشي بإعادة تموضع اميركية سوف تنسحب على العديد من الملفات في المنطقة، واولها الصراع في سوريا، ثم الوضع في لبنان.

لن يحكم نوري المالكي العراق نفسه بعد الآن. واي حل لن يقوم إلا على اعادة توزيع السلطة، وضبط الوصاية الايرانية التي تكاد تكون نسخة جديدة من الوصاية السورية السابقة على لبنان.