كتب عبد الامير بيضون: بعيداً من السيناريوات التي تتسلل الى واجهة الحدث اليومي، وما يبنى على حركة الاتصالات والمشاورات، مباشرة او بالواسطة، فقد بات في حكم المؤكد ان لبنان لن يشهد اليوم انتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية، إما بفعل عدم اكتمال نصاب الثلثين، وإما بفعل استنساخ مشهد الجلسة الأولى في 23 من الجاري… وكل الوقائع والمعطيات المتوافرة، وما دخل عليها من تطورات من مثل لقاء الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، في العاصمة الفرنسية، باريس، يوم أمس، موفداً من قبل رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، وهو لقاء جرى التمهيد له على مدى الأيام الماضية بسلسلة قراءات وتحليلات، أجمعت تقريباً، على استحالة ان يصل هذا اللقاء الى «نتيجة جيدة» لصالح عون، ذلك لأن الرئيس الحريري ملتزم بقرار 14 آذار الذي يؤيد ويدعم ترشيح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع… ولا معطيات جديدة تحتم العودة عن هذا القرار» بحسب ما أكدت مصادر نيابية في «المستقبل» لـ»الشرق»… بري – ابو فاعور – خليل – الحريري الثانية عشرة منتصف ظهر اليوم، سيدخل الرئيس نبيه بري الى قاعة المجلس النيابي، لترؤس الجلسة الثانية المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية… وهو عندما سيضرب بمطرقته قد لا يجد ان النصاب القانوني بـ84 نائباً، مكتملاً للشروع بالاقتراع، فيضطر الى رفع الجلسة أسبوعاً ثالثاً… ليأخذ الافرقاء المعنيون المزيد من الوقت من أجل إجراء المزيد من الاتصالات والمشاورات التي لم تنضج كفاية بعد للجزم، بأن إنجاز الانتخاب قائم حتماً ضمن المهلة الدستورية، لاسيما وان غير فريق، بات على قناعة بأن «الفراغ الرئاسي» سيحضر، عاجلاً أم آجلاً… وقد سجل المشهد الداخلي حراكاً نشطاً محوره عين التينة – كليمنصو حيث أوفد النائب وليد جنبلاط الوزير وائل ابو فاعور الى عين التينة والتقى الرئيس بري، بعدما عاد ليلاً من زيارة هي الثالثة للسعودية خلال أيام وتشاورا في جديد الاستحقاق الرئاسي… كما سجل لقاء بين وزير المال علي حسن خليل وأمين عام «المستقبل» احمد الحريري موفداً من الرئيس سعد الحريري… تعدد سيناريوات والعودة الى سلامة قهوجي وعبيد وبانتظار ما سيكون عليه موقف «الكتلة العونية» بعد لقاء الحريري – باسيل، وما اذا كان النائب عون سيعلن ترشحه أم يعتكف، فإن السيناريوات تتعدد في هذا الميدان خصوصاً مع عودة غير فريق للتداول بأسماء كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، والوزير السابق جان عبيد… وبحسب ما نقل عن نائب رئيس «تيار المستقبل» (النائب السابق) انطوان اندراوس، فإن كتلة «المستقبل»، «لن تتبنى ترشيح عون، لأن الطائفة السنية لن تنسى ما فعله في حقها…»، مؤكداً «التمسك بترشيح جعجع» داعياً عون الى «اقناع المسيحيين به كمرشح توافقي قبل ان يقنع المسلمين…». عون يقطع الأمل من تأييد الحريري وإذا كانت العاصمة الفرنسية، باريس، تحولت في نظر البعض الى «محج» للشخصيات السياسية اللبنانية المهتمة بالاستحقاق الرئاسي، كل وفق خصوصياته وأهدافه، فإن الأنظار لم تحد كلياً عما ستكون عليه مواقف الافرقاء الداخليين، لاسيما «حزب الله» الذي كان استبعد، على لسان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي، ان يتبنى الحريري ترشيح عون… والذي ربط دخول فريقه الى قاعة المجلس النيابي بتأمين النصاب، وربط تأمين النصاب بالتفاهم على مرشح رئاسي يحظى بالأغلبية… وهو أمر لم يحصل بعد… ما عزز احتمال تطيير الجلسة الى موعد لاحق… خصوصاً وأن موقف تكتل «التغيير والاصلاح» جاء ليصب في هذه الخانة، حيث شدد بعد اجتماع أمس، على ان الرئيس ليس بمعادلة معزولة عن الدستور والميثاق والصيغة الميثاقية المعروف بها لبنان» لافتاً الى أنه «عندما يخرج بإجماع المسيحيين، لأننا نريد في بكركي، وفيما بيننا، رئيس قوي ببيئته وقادر على جمع اللبنانيين، فعلينا واجب المحافظة على هذا الخيار… ليخلص الى القول إنه «من هذا المنطلق سنتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي الذي يجب ان تتوفر فيه المواصفات التي أعلناها منذ البداية…». لقاء الحريري – الراعي والتحذير من الفراغ ومع هذا، فإن الصورة لم تتضح كفاية بعد… وهي في انتظار الاجتماع المرتقب بين الحريري والبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الذي ينتقل من روما الى فرنسا للمشاركة في الاحتفال السنوي لمنظمة «فرسان مالطا» في مدينة لورد، وهو اجتماع ينظر اليه كثيرون على أنه «محطة مهمة في سياق حركة المشاورات الهادفة الى تأمين ظروف التوافق على هوية الرئيس العتيد…» الذي بنظر الراعي يجب ان يكون «توافقياً ومقبولاً من الجميع…». من غير ان يستبعد البعض ان ينقل البطريرك الراعي للحريري قلقه ازاء الوصول الى المرحلة الأخيرة من المهلة الدستورية، من دون التمكن من انتخاب رئيس ودخول لبنان في «الفراغ الرئاسي القاتل»، بما يوجب، على الجميع التنبه والعمل لمنع الوقوع في الفراغ، في ظل وضع إقليمي وعربي ودولي، مشدود الاهتمام الى مواقع أخرى في المنطقة… سلام: كأس مرة لا نريد تجرعها من جهته، فقد كرر رئيس الحكومة تمام سلام، خلال استقباله الهيئة الادارية لنادي الصحافة، تأكيده «ان الكلام عن تولي الحكومة زمام الأمور في البلاد في حال الفراغ الرئاسي، هو كأس مرة لا نريد تجرعها…» آملاً ان «تنسحب الأجواء الايجابية التي رافقت تشكيل الحكومة الائتلافية على الاستحقاق الرئاسي… داعياً الى التوافق على نقطتين أساسيتين: الأولى ضرورة ان نتواجد داخل المجلس النيابي لكي ننتخب رئيساً، لأن المقاطعة لا تفيد أحداً، والثانية ان يكون هذا الاستحقاق فرصة للتنافس حول كيفية استرجاع الدولة ومواجهة المصاعب الاقتصادية والاجتماعية وكيفية اعادة تفعيل المؤسسات الدستورية…». الحراك المطلبي: المعركة بدأت والآتي أعظم وعلى الجانب الآخر، وبعيداً من ملف الانتخابات الرئاسية، فقد بقيت الاعتصامات والاضرابات المطلبية والنقابية تملأ الفراغ في الشارع، بعد غيبة طويلة، وبعد اضراب «نقابات النقل البري» أول من أمس، قالت «هيئة التنسيق النقابية كلمتها أمس، في اعتصام نفذته في ساحة رياض الصلح، على مرمى حجر من مجلس النواب… وقد هدد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض «بخطوات تصعيدية اذا لم تقر سلسلة الرتب والرواتب»… في وقت نعى رئيس الهيئة حنا غريب تقرير اللجنة النيابية – الوزارية المكلفة دراسة السلسلة سلفاً»… مؤكداً «ان المعركة بدأت… وان الآتي أعظم…». وبالتزامن مع جلسة مجلس النواب ينفذ الاتحاد العمالي العام اليوم اضراباً شاملاً، مع اعتصام يبدأ ظهراً في ساحة رياض الصلح…