Site icon IMLebanon

امتحان أخير لـ«الجنرال»

 

يفاوض «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» على الرئاسة. لم يعد ذلك في الكواليس بعد اجتماع باريس العلني بين سعد الحريري وجبران باسيل والياس أبو صعب ونادر الحريري، والكلام المباح والتسريبات المختلفة التي صدرت بعده.

ليس مستغربا ذلك التردد الذي يبديه الحريري، فالنقلة النوعية اذا ما تمت، سوف ترسم خريطة سياسية جديدة في البلد. ولذلك يعرف الجنرال ميشال عون أنه سيخضع لامتحان عسير قبل أن يتخذ تيار «المستقبل» قرارا بدعمه للرئاسة. ويعرف أيضا أن المساومة ستشتد كلما اقترب موعد 25 أيار. ويعرف أيضا وأيضا أن المساومة لها ثمن يحتاجه «المستقبل»، وأن على «الجنرال» أن يدفع ثمنا ما في مقابل الرئاسة. دائما في السياسة هناك أثمان تدفع، وإلا كيف يمكن للحريري أن يبرر للحلفاء، خصوم عون الألداء، هذه الانعطافة الكبيرة.

ثمة اسئلة صعبة ستطرح على «الجنرال»:

أولا: لقد خاض «التيار الحر» وزعيمه حربا شعواء منذ العام 2005 ضد تيار «المستقبل» وأركانه، كان سلاحها الاتهام بالفساد والافساد ونهب المال العام، تُوجت بكتاب «الإبراء المستحيل». فهل أن «الجنرال» مستعد على الأقل لسحب هذا الكتاب من التداول ومنح «المستقبل» شهادة إبراء؟

ثانيا: يتعرض «الجنرال» وتياره منذ 2006 لحرب مماثلة من قوى 14 آذار، وتحديدا تيار «المستقبل»، على نية تفاهمه مع «حزب الله». فهل «الجنرال» مستعد لإلغاء هذا التفاهم ومفاعيله من جانب واحد؟

ثالثا: يعرف «الجنرال» أن سلاح المقاومة هو البداية والنهاية بالنسبة لمفاوضيه ورعاتهم الإقليميين والدوليين، بهدف تطويع «حزب الله» وإنهاء دوره المحلي والإقليمي. فماذا يفعل «الجنرال» بسيل المواقف المؤيدة للمقاومة وسلاحها منذ ثماني سنوات، وموقفه المشرف في حرب تموز، وهو يعرف أن اللبنانيين ليسوا بلا ذاكرة، حلفاء وخصوما؟

رابعا: يعرف «الجنرال» أن الرعاة الإقليميين والدوليين لمفاوضيه المحليين يعنيهم من لبنان مدى اقترابه أو ابتعاده في هذه المرحلة عن إيران والنظام السوري. فإلى أي حد يستعد الجنرال لرفع الحواجز بينه وبين طهران ودمشق؟

الأسئلة كثيرة وطويلة، لكن هل سيقبل خصوم «الجنرال» انتخابه بلا ثمن وبلا ضمانات مسبقة؟ وما هي حدود الضمانات والتنازلات التي يستطيع الجنرال تقديمها في هذا المجال؟ وهل سيسمح «الجنرال» لشهوة الرئاسة أن تتغلب عليه، أم أنه سوف يتغلب عليها، فيقول لخصومه:خذوني كما أنا، أو لا تأخذوني؟

ليس سرا أن بعض المجالس الخاصة بدأت تتداول هذه الاسئلة جميعا بشيء من الارتياب المحفوف بالحذر. لكن الذين يعرفون الرجل جيدا يقولون أنه ليس ممن ينقلبون على أعقابهم، وأن تاريخه يشهد على ذلك. ولعل المعولين على «الجنرال» ما زالوا يراهنون على هذا التاريخ، فضلا عن أن الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية اللبنانية تحد من الضمانات التي قد يطلبها الآخرون.

في كل الأحوال، يبدو التفاهم مستبعدا والفراغ الرئاسي مرجحا، إلا اذا قرر «الجنرال» عدم خوض المعركة. عندها يصبح التفتيش عن رئيس توافقي أمرا ممكنا. وأيا يكن مصير «الجنرال»، فإن مفتاح الرئاسة لا يزال في يده، وعليه يتوقف مستقبل الخريطة السياسية في لبنان. وبانتظار ذلك فإن غدا لناظره قريب.