أمران مهمان يشغلان بال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في المرحلة الراهنة، ويسعى لإيجاد الحلول المناسبة لهما هما : مكافحة الإرهاب وإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، و«يُشكّلان خطّين يلتقيان، على عكس ما يعتقد البعض أنّهما عموديان، كما سبق وحذّرت قبل معركة عرسال التي هي خير دليل على هذا التلاصق الخطير»، على ما قال الوزير باسيل في دردشة مع الإعلاميين في مكتبه في قصر بسترس، مشيراً الى أنّه في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء اتُخذت إجراءات جيدة لتخفيف أعداد النازحين السوريين وإعادتهم الى سوريا، غير أنّ نجاح هذه الإجراءات يُقاس بعددهم إذا كان يتزايد أو يتناقص.
وعن إمكانية لعبه دور «وسيط خير» في موضوع رئاسة الجمهورية، كونه الوحيد القادر على حلحلته من خلال زياراته الى الخارج واجتماعه مع السفراء الأجانب والعرب في لبنان، كما قيل له، أكّد «لست وسيطاً بهذا الملف، أنا الأكثر تشدّداً في «التيّار الوطني الحرّ»، وقّفنا الواسطة ما يعني أنّه ليس من وساطة، نحن نعمل على مكافحة الفساد». ولفت الى أنّ هذا الملف لا يُدرجه على جدول أعمال زياراته الرسمية الى الخارج، بل غالباً ما يُسأل عنه، وتكون إجابته مختلفة بحسب السؤال. وعندما سئل عن أي من الـ «جانين» (نسبة الى إسمي قائد الجيش جان قهوجي والوزير السابق جان عبيد) تؤيّد لرئاسة الجمهورية، أجاب ضاحكاً: «إنّ موضوعي الإرهاب والنازحين أهمّ بكثير من الجانات والجينات»، مشدّداً على «ضرورة الفصل بين ما أُعلنه كعضو في «التيار الوطني الحرّ»، وقد عبّرت عن موقفي أخيراً من الرابية بعد اجتماع «تكتّل التغيير والإصلاح»، وبين مواقفي كوزير لخارجية لبنان.
وأكّد أنّه «ليس من نقاش أنّ لبنان بحاجة الى رئيس وأنّ وجود رئيس الدولة مقدّمة جيّدة لاستقامة بقية أعضاء الدولة، ولكن يستطيع لبنان ألاّ يُبرّر الأخطاء بعدم وجود رئيس. وبإمكان لبنان أن يحمل موقفاً جيّداً الى الجمعية العمومية في نيويورك بوفد برئاسة رئيس الحكومة تمّام سلام، ومشاركة وزير الخارجية، فثمّة أرضية لبنانية جامعة حول الموضوعين اللذين يُشكّلان الخطر الأكبر على لبنان أي الإرهاب والنازحين.
ففي موضوع مكافحة الإرهاب، يقول باسيل إنّه «استطاع أن يُحقّق إنجازاً من خلال الكتاب الذي سبق وأن أرسلته الى المحكمة الجنائية الدولية بخصوص أحداث غزّة والموصل إذ تسجّلت لنا كدولة ليست عضواً في هذه المحكمة. وقال إنّه «تلقّى في 21 آب الجاري كتاباً جوابياً من مدعي عام المحكمة السيدة باتو بن سودا تشكره فيه على كتابه، وتُعلمه أنّها وضعت يدها على القضية بموجب الكتاب الذي أرسله اليها ونظام المحكمة. فقد تحرّكت، وطلبت من لبنان تزويده بمعلومات إضافية يمكنها أن تستفيد منها في التحقيقات عمّا حصل في الموصل فقط، لأنّ الطرف المعني بموضوع غزّة هو السلطة الفلسطينية»، مشيراً الى أنّه «على لبنان واجب التحرّك في هذا الموضوع لأنّه المعني الأول بها كونه حرّكها لدى المحكمة الجنائية».
وفيما يتعلّق باللوائح المتعلّقة بأسماء الإرهابيين، لفت باسيل الى أنّ «لبنان يجب أن يتعاون دولياً ويعطي أسماء، لا سيما بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع عن محاربة الإرهاب يحمل الرقم 2710. حتى الآن لم نقدّم شيئاً، لكن هذا لا يعني أنّنا تأخّرنا لأنّ الكتاب وصل منذ أيّام»، مضيفاً أنّ لبنان يقوم بحركة ديبلوماسية وأمنية وسياسية لمواجهة الإرهاب، وأنّ ثمّة تحالفاً دولياً علينا الإنضمام اليه في هذا الإطار». واعتبر باسيل أنّه «حالياً يجب فكّ عرسال عن أمرين: عن المسلّحين في جرودها، والنازحين في محيطها. هذه بداية خلاص عرسال».
في كلّ زياراته الرسمية لا سيما في العراق وطهران وجدّة والأردن، تحدّث باسيل عن أهمية وجود منظومة عربية إقليمية لمحاربة الإرهاب، يكون هدفها ليس الإطباق على تنظيم «داعش» فقط بل على الفكر التكفيري ككلّ بمعزل عمّا يحصل حولنا، بدلاً من تقاذف الخطر، لافتاً الى أنّه سيدعو في 6 و7 أيلول المقبل في جامعة الدول العربية الى وضع أسس هذه المنظومة لا سيما مع وجود حركة غير اعتيادية عن بواد تحالف يضمّ جميع الدول».
وبرأي باسيل انّ «الجيش اللبناني تمكّن بقدرته الحالية من التعاطي مع معركة عرسال، فقد قام بردّة فعل سريعة في الدفاع عن النفس، كما استوعب حصول ضربة عليه لم يكن يجب أن تحصل، إذ لم يكن سرّاً أنّ ثمّة خطة تتحضّر وأنه هناك مساومة على سجناء روميه. فالمعلومات كانت متوافرة ومتداولة وتمّ استيعاب ما حصل بسرعة سياسياً ووطنياً وعسكرياً. واستطاع الجيش أن يضرب المسلّحين بقوة ويسيطر على عرسال ويُحكم الطوق، لكن ما نخشاه هو أن نهدر إنجاز الجيش في عرسال بالسياسة، وأن نعرّضها لأن تصبح مشكلة أمنية، فقد قال وزير الداخلية نهاد المشنوق اليوم «إنّ معركة عرسال لم تنتهِ». لهذا يجب إكمال العمل الأمني لا أن نعيده الى الصفر». وحذّر من أنّ «أي تلكؤ يُظهره لبنان في المفاوضات سوف يسمح بتحويل عرسال مجدّداً الى مكان للعمليات ووجود المسلّحين، أو عرضة لأمر معيّن».
أمّا مبدأ التفاوض مع الإرهابيين، فمرفوض منذ الأساس، على ما أضاف باسيل، لأنّ الموضوع لا يُعالج إلاّ بالحسم الأمني. وقلنا «إنّنا نريد المحافظة على عرسال، ولا نقبل بالمفاضلة بين عرسال والمخطوفين، ولكن تمّ الاختيار، فتحرّرت البلدة وأبقينا على المخطوفين. وبناء عليه، علينا ألا نخطف عرسال مجدّداً»، متسائلاً: «لقد أحكم الجيش الطوق حول عرسال فسيطر عليها وانتصر، فمن فكّ الطوق عنها اليوم ليدخل اليها المسلّحون مجدّداً»، واضعاً السؤال برسم لجنة التحقيق العسكرية.
وعن أزمة النازحين أكّد أنّه «آن الأوان لنا كلجنة وزارية أن نقيّم كلّ شيء قمنا به في الثلاثة أشهر الأخيرة، لأنّنا نودّ الذهاب الى نيويورك بسياسة حكومية حازمة وواضحة مع المجتمع الدولي والمنظمات لتخفيف عدد النازحين. فحتى الآن، إنّ نتائج التعاطي الدولي مع أزمة النازحين سلبية، لا تأتي لمصلحة لبنان بل للنازحين، ما يُشجّعهم على البقاء في لبنان». وذكر أنّ حادثة عرسال أظهرت كمية الخطر الذي يواجهه البلد جراء النزوح، مشدّداً على أنّ عودة 1700 نازح سوري الى معلولا قد حصل بعلم السلطات اللبنانية، وهذه العودة يجب أن تتتابع في مناطق أخرى بدءاً من عرسال.
وفيما يتعلّق بموضوع تسليح الجيش اللبناني، كشف باسيل أنّه أثناء توجّهه الى طهران في زيارة رسمية، وتزامناً مع معركة عرسال، أجرى اتصالاً من على متن الطائرة، بالسفير الأميركي ديفيد هيل طالبه خلاله بالقيام يتحرّك سريع للجيش لمكافحة الإرهاب. وكرّر طلب تقديم المساعدة للجيش أمام السفير الروسي الكسندر زاسبكين الذي أبدى تجاوب بلاده مع هذا الطلب. وكشف باسيل أنّ ثمّة خلل كبير حصل على صعيد الهبة السعودية للجيش البالغة قيمتها 3 مليارات دولار، آملاً أن تتمّ معالجته إيجاباً وبسرعة. وقال إنّه «بسبب هذا التأخير، قدّمت السعودية مساعدة أخرى للجيش خلال معركة عرسال بقيمة مليار دولار وشدّد على أنّنا «لا نريد خسارة مثل هذه الفرصة التي تدعم الجيش، فالمسؤوليات تُلقى على هذا الطرف أو ذاك، وإذا كان ثمّة طرف لبناني أخطأ في هذا السياق فليُحاسب».