سارع وزير خارجية لبنان قبل ان يعود من البرازيل، حيث شاهد نهائيات المونديال هناك، الى الاعلان عن توجيه شكوى ضد اسرائيل على خلفية القصف المدفعي الذي أصاب مناطق في جنوب لبنان ردا على اطلاق صواريخ من لبنان على اسرائيل. لا احد يعلم ما اذا كان هناك احد في الامم المتحدة قد أعار الشكوى اهتماما، كما ان احداً لم يسمع ان خارجية باسيل قد تابعتها. بالتأكيد، هناك من قد يوجّه الثناء الى الوزير باسيل الذي لا يهتم بأن الصواريخ انطلقت من لبنان قبل ان تصل قذائف اسرائيل اليه باعتبار ان الدولة العبرية عدوّة للبنان ولا حق لها أن تضرب لبنان لأي سبب.
حقاً، إن هذا تصرف شجاع من وزير خارجية لبنان الذي يجب ان يمثل نموذجا يحتذى خصوصا من الدولة الجارة سوريا التي لم نسمع ان وزير خارجيتها وليد المعلم قد فعل مثل زميله اللبناني على رغم ان الجولان السوري تعرّض لقصف من الطيران الاسرائيلي وليس لقصف مدفعي كما حصل في جنوب لبنان، وذلك للاسباب اللبنانية نفسها، وأدى الى مقتل سوريين وليس كما حصل عندنا حيث لم تُسجّل إصابات. ولعله كان من المفيد ان يستعين المعلم بباسيل كي يلحق ما حصل في الجولان بما حصل في الجنوب طالما ان لبنان وسوريا في مركب واحد في مواجهة العدو الصهيوني.
اذا كان هناك من يثني على باسيل فهناك أيضا من ينتقده. فالاخير الذي انتبه الى القصف الاسرائيلي لم ينتبه الى القصف السوري وبالطيران للاراضي اللبنانية في عرسال حيث سقط ضحايا لبنانيون. غريب أمر هذا الوزير كما هو غريب أمر هذه الحكومة وهذه الدولة التي ينتمي اليها مثل هذا الشخص. ولمن يخدشه حياء الجيرة الاخوية نسأل: أليس هناك من يتحرك ليندد بهذه الجريمة التي يرتكبها النظام السوري تكراراً ولو ببيان؟لكن على من تقرأ مزاميرك يا داود؟ لا بل أكثر من ذلك، صدر البيان الاخير للتكتل النيابي الذي ينتمي اليه باسيل ليدافع عن اجراء الاتصالات مع دمشق لحل معضلة اللاجئين السوريين في لبنان، أي التعامل مع الجزّار الذي يذبح شعبه كي يفتك بمن استطاع الفرار من سكينه!
الآن علينا ان نفهم لماذا حل غضب النظام السوري واتباعه في لبنان على الرئيس ميشال سليمان عندما كان يجاهر بالانتقاد خلال رئاسته كلما حصل اعتداء مثل اعتداء عرسال. لا بل ان سليمان ارتكب “معصية” عندما راح من دون ملل يطالب بتطبيق “اعلان بعبدا” الذي يعني انكفاء “حزب الله” عن سفك دماء السوريين في حربه دفاعا عن طاغية دمشق. ولكن هل يعني فراغ سدة الرئاسة الاولى التي كان يشغلها الرئيس سليمان فراغاً في الضمائر عند كل المسؤولين قاطبة كي يقوموا بواجباتهم تجاه هذا التورط المخزي في الحرب السورية وكذلك في التغاضي عن جرائم نظام الاسد؟ وهنا كل الشكر للرئيس الحريري على موقفه من تورط “حزب الله”.
إننا ننتظر ما سيقوله جبران باسيل في أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء. أغلب الظن انه سيقدم تقريرا عن سبب هزيمة منتخب البرازيل!