Site icon IMLebanon

بري لـ«الجمهورية»: لا يمكن تسمية رئيس حــكومة بِلا وجود رئيسَي الجمهورية والمجلس

مع دخول البلاد في مدار عطلة عيد الفطر السعيد المتوقعة نهاية الاسبوع، ينتظر أن تشهد الايام المقبلة تطورات حاسمة على صعيد الملفات الحياتية والمطلبية المطروحة، فإمّا انفراج وإمّا انفجار. فمن المرجّح ألّا يقبض موظفو القطاع العام رواتبهم قبَيل العيد وربما بعده، لتعذّر انعقاد مجلس النواب حتى الآن لإقرار مشروع قانون يُجيز صرف هذه الرواتب، بسبب رفض كتلة المستقبل وحلفائها حضور الجلسة التشريعية، فيما 107 آلاف طالب يهَددون بسنواتهم الدراسية في حال استمر تعليق تصحيح الامتحانات الرسمية حتى مطلع الشهر المقبل، اذ سيكون متعذراً على كثيرين منهم الالتحاق بالجامعات في الخارج، وحتى في الداخل. في هذه الاثناء، لم تغيّر خريطة الطريق التي اقترحها الرئيس سعد الحريري في مسار الاوضاع السياسية، علماً انّ تيار «المستقبل» سينطلق منها في مشاورات مع حلفائه والآخرين ابتداء من اليوم.

وتعليقاً على «خريطة» الحريري نوّه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالشقّ المتعلق منها بمواجهة الارهاب، وقال لـ«الجمهورية» إنه «يتطابق مع وجهة نظرنا في التصدي للاعمال الارهابية». امّا في ما يتعلق بكلامه حول ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية قبل النيابية، فقال: «إننا من المتمسكين اساساً بانتخاب رئيس الجمهورية قبل إجراء الانتخابات النيابية وأيّ استحقاق آخر».

ورداً على قول الحريري انه لا يمكن انتخاب رئيس مجلس نواب قبل انتخاب رئيس جمهورية، قال بري: «انا اوافق الحريري حرصه على رئاسة المجلس النيابي، ولكن لا يمكن انتخاب رئيس حكومة ايضاً قبل انتخاب رئيس الجمهورية الملزم بالتشاور مع رئيس المجلس النيابي والنوّاب لتسمية رئيس الحكومة التي هي عملية انتخابية. وبالتالي، فإنه في حال استمرار الشغور الرئاسي لا يمكن تسمية رئيس حكومة، علماً انّ المجلس النيابي يستطيع ان يجتمع وينتخب رئيسه».

واضاف: «اذا كان انتخاب رئيس مجلس النواب صعباً بدرجة في ظل الشغور في سدة رئاسة الجمهورية فإنّ انتخاب رئيس الحكومة أصعب بدرجات. ولذلك، حرصاً على انتظام عمل كل المؤسسات وانجاز كل الاستحقاقات ينبغي انتخاب رئيس الجمهورية لأنّ انتخاب الرئيس هو «إفتح يا سمسم».

وعن أزمة رواتب موظفي القطاع العام والخوف من مضاعفاتها على المواطنين مع اقتراب نهاية الشهر وحلول عيد الفطر، قال بري: «مَن يتحمّل مسؤولية الّا يقبض الموظفون رواتبهم، هو من يوقّع ثم يتنصّل من توقيعه.

وللعِلم، فإنّ مجلس الوزراء أقرّ مشروع قانون بتسريع صرف مبلغ مليار و450 مليون ليرة المتبقية من مشروع سابق أقرّ أيام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وقد أحيل هذا المشروع الى المجلس النيابي فأقرّته لجنة المال والموازنة النيابية ليتحوّل تلقائياً الى الهيئة العامة للمجلس، فإذا ببعض الذين وقّعوه يرفضون المشاركة في الجلسة النيابية وينقلبون على التزامهم».

واكّد بري انه «لن تكون هناك رواتب للموظفين الّا وفق القانون وبعيداً من ايّ مخالفة، وأنا سأذهب في هذا الامر حتى النهاية ومهما كان الثمن». واشار الى انّ المسألة تتخطى موضوع الرواتب والسلسلة الى وجود رغبة بمقاطعة المجلس وتعطيل التشريع فيه، مع اننا نقول لهم: انزلوا وصَوّتوا «مع أو ضد»، المهم أن تحسم هذه الملفات».

الى ذلك، اكّد بري «انّ الحوار بين حركة «امل» وتيار «المستقبل» مستمر»، وقال انّ اجتماعاً جديداً سيُعقد اليوم بين الجانبين، مشيراً الى انّ «اللقاء السابق حقّق ايجابيات، لكنّ المواقف السلبية التي عبّر عنها البيان الاخير لكتلة المستقبل برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة هَدّد بتبديد هذه الايجابيات».

إستياء بكركي

في غضون ذلك، أعربَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي عن أمله في «أن يتحرّر النواب من كل حساب رخيص، شخصّي أو فئوي، ويتصالحوا مع الوطن والشعب، بل ومع أنفسهم، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يُعيد الاعتبار لسدة الرئاسة، ويكون بكبر شخصيته وأخلاقيته وتجرّده، القائد الحكيم لسفينة الوطن في خضمّ هذا البحر الهائج سياسياً واقتصادياً وأمنياً». وتساءل: «كيف نرجو انتخاب رئيس وباب المجلس النيابي مقفل خلافاً لِما ينص عليه الدستور؟».

لكنّ محبّي الفراغ رفضوا، أيضاً، هذه الأمنية. ولست أدري كم هو كريم في أعينهم وطن مبتور الرأس! وكم هي محترمة عندهم سدة الرئاسة، وقد آثروا إقفال أبواب القصر الجمهوري».

«التيار الحر»

في المقابل، يبدو انّ دعوة الراعي الى النواب المقاطعين لن تلقى صداها لدى نواب «التيار الوطني الحر» الذين سيقاطعون مجدداً الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والمقررة بعد غد.

وإذ حرصت مصادر بارزة في «التيار» على تأكيد العلاقة الجيدة مع بكركي، قالت لـ»الجمهورية»: «إنّ سبب عدم انتخاب رئيس جمهورية جديد هو عدم إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، ما يعني الحفاظ على مجلس نيابي قواه متقاربة.

ففريق 14 آذار يملك عدداً معيناً من النواب، وفريق 8 آذار يملك عدداً آخر، ما يعني انّ أيّاً من الفريقين لا يملك وحده الغالبية. لذلك، وفي غياب التوافق السياسي، لن يتمكّن هذا المجلس من انتخاب الرئيس حتى لو اجتمع كل ساعة».

واضافت المصادر: «صحيح انّ الصورة ستكون افضل اذا نزل النواب الى المجلس لانتخاب الرئيس، لكن في الحقيقة هناك أمران أساسيان: الأمر الاول نحن لا نقبل بأن ينتخب رئيس يمدّد للفراغ ست سنوات جديدة، ويا للأسف كان الرئيس سليمان يملأ هذا الفراغ بفراغ. لذلك، نحذّر اليوم جميع اللبنانيين، خصوصاً المسيحيين، من الوقوع في هذا الفخ، أي من استعجال انتخاب رئيس يملأ الفراغ بفراغ.

والامر الثاني هو أنّ رئيس الجمهورية يجب ان يكون رئيساً قوياً وتوافقياً في الوقت نفسه، بمعنى انه يملك مشروعاً ولديه كتلة نيابية وفي الوقت نفسه لا يستفزّ احداً ويستطيع التحدث مع الجميع».

وقالت المصادر: «نعتبر انّ مَن عطّل فعلياً إجراء الانتخابات الرئاسية هو مرشّح التحدي سمير جعجع الذي ترشّح، ليس للوصول الى الرئاسة، بل فقط لقطع الطريق على العماد ميشال عون، وقد صَرّح بنفسه عن ذلك أمس. اذاً، انّ جعجع هو الذي عطّل مسيحياً الانتخاب من خلال ترشحه لحَشر حلفائه اولاً، ولقطع الطريق امام العماد عون ثانياً، علماً انّ المسيحيين لا يتحملون وحدهم مسؤولية الفراغ».

مجلس وزراء

وفي هذه الأجواء، دعا رئيس الحكومة تمام سلام مجلس الوزراء الى الانعقاد في العاشرة قبل ظهر الخميس المقبل، علماً انّ لا اتفاق بعد على ملف تعيين عمداء كليّات الجامعة اللبنانية، ولا على الملف المالي.

القزي

وتعليقاً على هذه الدعوة، قال وزير العمل سجعان القزي لـ»الجمهورية»: «نحن نؤيّد دعوة الرئيس سلام مجلس الوزراء الى الانعقاد لأنه لا يمكن للبنان اليوم البقاء في حالة فراغ شامل. فرئاسة الجمهورية شاغرة، وهناك التباس حول دور مجلس النواب، هل يكون هيئة ناخبة أم تشريعية؟

فلذلك لا يبقى سوى مجلس الوزراء كهيئة شرعية يُحتّم أن تبقى جاهزة وقائمة، ليس فقط لإقرار مشاريع القوانين وتسيير شؤون الدولة وتلبية قضايا الناس، وإنما ايضاً ليكون مجلس الوزراء المحاور الشرعي مع المجتمع الدولي، خصوصاً أنّ تطورات كبرى وزيارات ديبلوماسية مهمة تحصل في المنطقة اليوم. لذلك، أعتقد أنّ الرئيس سلام كان على حق حين دعا المجلس الى الانعقاد».

وسُئل القزي: ألا تخافون من تفجير الحكومة من الداخل في ظل عدم الاتفاق بعد على ملفات عدة، ولا سيما منها ملف الجامعة اللبنانية وقضايا مالية؟ فأجاب: «الحكومة ليست أمام خطر التفجير، على الأقل في المرحلة الحالية، أمّا حصول خلافات حول قضايا تُطرح ومشاريع قوانين، فهذا ليس بالأمر الجديد في حياة الحكومات، فما نتّفق عليه يُقرّ وما نختلف عليه يوضَع جانباً ويخضع لمشاورات سياسية خارج مجلس الوزراء.

هذه هي المنهجية التي اتفقنا عليها برئاسة رئيس الحكومة ويجب أن نحترمها، فإذا كان هناك مَن يريد أن يخرق هذه القاعدة، وهي قاعدة أخلاقية أكثر ممّا هي قاعدة دستورية، فيجب أن يتحمّل المسؤولية وحده، لا أن يُحمّل مجلس الوزراء موقفه المخالف للإجماع، علماً أنه يحقّ لكل مكوّن أو وزير أن يُبدي رأيه، رفضاً أو قبولاً بأيّ مشروع من دون أن يعطّل عمل المجلس».

هل تحلّ أزمة الرواتب قبل العيد؟

وفي محاولة لترتيب مخارج لمسألة رواتب موظفي القطاع العام التي يفترض توفيرها قبل عيد الفطر، أي قبل ايام على نهاية تموز الجاري، يلتقي وزير المال علي حسن خليل قبل ظهر اليوم عضوي كتلة «المستقبل» غازي يوسف وجمال الجراح قبل ان يتحدث ظهراً الى الإعلاميين عن جديد الإتصالات الجارية من اجل اصدار قانون يُجيز دفع هذه الرواتب.

وتأتي هذه المحاولات بعدما تعثّرت مساعي خليل لإقناع النواب المقاطعين لجلسة تشريعية تسبق جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لبَتّ هذه القضايا وأخرى تتصِل بسلسلة الرتب والرواتب وإصدار سندات اليوروبوند لمواجهة كلفة الدين العام.

وفي هذه الأجواء يسعى وزير الصحة وائل ابو فاعور، بتكليف من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، الى لقاء ثلاثي جديد يجمعه وخليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري لاستئناف البحث في التحضيرات الجارية لجلسة تشريعية.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ اللقاء الثلاثي قد يعقد مساء اليوم في منزل ابو فاعور إذا نجحت مساعيه التي يدعمها جنبلاط الذي تحدّث الى بري في الساعات الماضية للتأكيد انّ مساعيه لن تتوقف إزاء تخفيف أجواء التشنّج المتبادلة بين «المستقبل» وحركة «أمل»، والتي تجَلّت بأسوأ مظاهرها يوم الجمعة الماضي في البيانات التي حفلت بالإتهامات المتبادلة.

مجزرة غزّة

على صعيد غزّة، تتجه الأنظار نحو القاهرة والدوحة حيث تتكثّف الجهود الدبلوماسية بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، إثر مجزرة دامية شكّلت الشجاعية مسرحها أمس، وسارعت واشنطن إلى إعلان نيتها إرسال رئيس الدبلوماسية الأميركية لتسريع وتيرة المشاورات، في وقت يبحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قطر تطورات غزة مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، قبل زيارة يقوم بها الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون.

من جهته، أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن قلقه لإرتفاع عدد القتلى في غزة، وذلك في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معلناً عن توجه وزير الخارجية جون كيري الى القاهرة في مسعى لإنهاء القتال.

وأفاد البيت الابيض في بيان أنّ أوباما دان الهجمات التي تشنّها حركة «حماس» على إسرائيل، معرباً عن «قلقه البالغ بشان إرتفاع عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين في غزة وسقوط جنود إسرائيليين»، مشيراً إلى أنّ كيري سيتوجه الى العاصمة المصرية «قريباً».

بدوره، دعا الأمين العام للامم المتحدة إسرائيل الى تجنّب سقوط مدنيين خلال حملتها العسكرية على غزة، في وقت طالب عباس بعقد جلسة طارئة لمجلس الامن لـ»تحمل مسؤوليته تجاه غزة».

«القسّام» تخطف جندياً إسرائيلياً

إلى ذلك، أعلنت كتائب عز الدين القسّام، الجناح المسلح لحركة «حماس»، أنّها اختطفت جندياً إسرائيلياً أمس في قطاع غزة، في خبر أثار فرحاً عارماً في القطاع، حيث خرج الآلاف الى الشوارع إحتفالاً به. وقال المتحدث بإسم الكتائب أبو عبيدة: «إنّ القسّام تمكنت من أسر الجندي الصهيوني شاؤول أرون صاحب الرقم (العسكري) 6092065».