بري لـ {الشرق الأوسط}: كل يوم يمر يزيد تعقيد أزمة الرئاسة في لبنان
رأى أن ضرب واشنطن «داعش» في سوريا سوف يعيد «اجترار الدول»
نبيه بري
بيروت: ثائر عباس
أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وجود «شيء ما» يجري العمل عليه، من أجل الوصول إلى حل لأزمة الانتخابات الرئاسية اللبنانية، بعد مرور ثلاثة أشهر على فراغ منصب الرئيس ميشال سليمان من دون انتخاب بديل. ورفض بري الحديث عن تفاصيل التحرك الذي يقوم به مع رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط «حتى تبلور الصورة».
وقال بري لـ«الشرق الأوسط» إن طول الفراغ الرئاسي يعقّد الأمور، فكل يوم يمر يجعل الوصول إلى حلول للأزمة أكثر صعوبة. وأشار بري إلى أنه كان أول من صارح العماد ميشال عون بأن حوارا مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج، وعدّ أن «الصديق هو من يصدق الرأي، ولهذا كنت واضحا في كلامي، وهو تقبله لاحقا، وأبلغني ذلك».
ويرفض بري أيضا الخوض في مضمون الاقتراح الذي قدمه عون لتعديل الدستور، من أجل انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة، لحساسية هذا الموضوع، لكنه يتحدث عنه في الشكل، حيث لا يمكن تعديل الدستور إلا بعقد اجتماع برلماني عادي يبدأ في 20 أكتوبر (تشرين الأول)، ولا بد من إرساله إلى الحكومة للموافقة عليه، مما يزيد صعوبة الأمر، خصوصا إذا ما عرفنا أن مجلس النواب نفسه سيكون في نهاية ولايته.
وأكد بري ضرورة العمل على تحصين لبنان حيال الأزمات التي تضرب المنطقة، وتنعكس بشكل مباشر عليه، كالوضعين السوري والعراقي، ونمو حركات التشدد في البلدين، ووصول تداعياتها إلى لبنان، كما شهدنا في عرسال وأكثر من منطقة.
ورأى بري أن محاربة «داعش» تجري بتعزيز الوضع الداخلي، وانفتاح القوى اللبنانية على بعضها، بوصف أن الخطر سيدهم الجميع، إذا ما أفلتت الأمور، ولن يستثني طرفا واحدا. ويرى بري أن «الإيجابية الوحيدة» فيما حصل أخيرا هي اتضاح الصورة أكثر فأكثر لدى اللبنانيين، مشيرا إلى أنه ربما كانت المقاومة محل اعتراض لدى البعض الذي يثق بأنه يمكن محاربة الخطر الإسرائيلي من خلال الدبلوماسية والضغوط الدولية، مقابل «فريق آخر يرى نفسه مهددا من إسرائيل، ويرى الحل بالمواجهة، كما فعلنا نحن»، بينما اليوم يجد الطرفان نفسيهما مهددين من قبل «داعش» ومثيلاتها من الحركات.
وأشار بري إلى أن ضرب الولايات المتحدة، أو أي تحالف دولي وإقليمي، لتجمعات «داعش» في سوريا، سيكون معناه إعادة اجترار حدود الدول، أي إعادة الاعتبار لها، والتخلي عن مشاريع وأحلام تقسيمها.
ووصف أن ما يجري على أرض الواقع الآن هو «اتجاه نحو إزالة هذه الحدود وتقسيمها بحكم الأمر الواقع في سوريا والعراق واليمن وغيرها، وأي تحرك موحد ضدها معناه التخلي عن الخيار التقسيمي وإعادة الاعتبار إلى الحدود الدولية بمفهومها، الذي كان قائما خلال العقود الماضية.
وفي الإطار نفسه، علقت النائبة ستريدا جعجع على ما يتردد عن مبادرة بين بري وجنبلاط، داعية الأخير إلى «الابتعاد عن كل ما يثير الحساسيات والمشاعر السلبية في غير أوانها ومكانها، خصوصا أن المرحلة الحالية حافلة بالمصطادين بالماء العكر».
وقالت النائب ستريدا جعجع، وهي زوجة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع المرشح الرسمي الوحيد للانتخابات الرئاسية: «أعرف أن وليد بك جنبلاط، الذي تربطني به مودة واحترام متبادل، لا يخطئ عادة في احترام الميثاقية، أو في التصرف من وحيها، وخصوصا في المحطات السياسية والوطنية المفصلية، لكني أستغرب أن لا يظهر ذلك فيما يرتبط بالاستحقاق الرئاسي».
وأضافت، في بيان صادر أمس: «صدق وليد جنبلاط حين قال إن رئيس الجمهورية ليس للمسيحيين فقط، ولكنه لم يتنبه إلى أن رئيسي الحكومة والمجلس ليسا للسنة والشيعة أيضا، ورغم ذلك فهما يمثلان ثقلا مهما في طائفتيهما، كما تبين ذلك في محطات عدة. وإذا كانت الصفة التمثيلية لرئيسي المجلس والحكومة مهمة بمكان لدى النائب جنبلاط، فكيف إذن الصفة التمثيلية لرئيس الدولة؟ أو ما الذي يعترض أن يكون رئيس كل اللبنانيين يمتلك في الوقت نفسه صفة تمثيلية وحضورا شعبيا؟ وهل ينتقص ذلك من كونه لكل اللبنانيين؟». وتساءلت: «هل يقبل الصديق وليد جنبلاط أن يتفاوض سمير جعجع مع نبيه بري على مقاعد الدروز في المجلس مثلا، أو أن يتفاوض هو وجعجع على رئاسة الحكومة من دون سعد الحريري؟».
وفي الإطار نفسه، انتقد حزب الكتائب اللبنانية بعد اجتماعه برئاسة الرئيس أمين الجميل مبادرة عون، وعدّ أن «الانتخابات الرئاسية تشكل معبرا إلزاميا وآمنا لمعالجة سائر الملفات الساخنة، وفي مقدمها الوضع الأمني الذي ينبئ بتطورات غير مطمئنة، والوضع الاجتماعي الذي يهدد بإرباكات شعبية».
وقال الحزب في بيان أصدره، أمس: «بعد انقضاء ثلاثة أشهر على الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، وفي ضوء الأفق الغامض، وربما المشبوه، الذي يلف الاستحقاق، يدعو إلى وقف كل المبادرات الوهمية التي لا يُفهم منها سوى مزيد من العبث بالرئاسة وملهاة عن الوظيفة الأولى بانتخاب رئيس وفق القواعد الدستورية. وبعد استهلاك كل المبادرات السياسية، لم يعد يرى منفذا للخروج من مربع الفراغ سوى بالنزول إلى المجلس ورفض الاستقالة، وترك الخارج يتحكم بهذا الاستحقاق الوطني الكبير».