Site icon IMLebanon

بصبوص والتشكيلات: الأمر لجعجع!

قبل تثبيته في منصبه مديراً عاماً أصيلاً لقوى الامن الداخلي، شمّر اللواء ابراهيم بصبوص عن زنوده وأصدر دفعات عدّة من التشكيلات والمناقلات العام الفائت، كان بعضها كفيلا باستفزاز العماد ميشال عون من خلال تهميش بعض الضباط المحسوبين عليه.

ومن بين اسمائها تسلّلت أيضا مؤشرات الى تثبيت قبضة «تيار المستقبل» في المؤسسة من خلال إعادة العقيد سمير شحادة (رقّي لاحقاً الى رتبة عميد) الى الضوء مجدداً، عبر نقله من موقعه في «المباحث الجنائية الخاصة» الى قيادة منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الامن الداخلي.

يومها لم يكن التقارب بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» قد وجد طريقه الى حيث يجب أن يترجم تعاوناً وتنسيقاً قي التفاصيل غير المرئية.

لكن ما عدّ في السابق اقتحاما من «المستقبل» للبوابة الجنوبية بتعيين شحادة، تحوّل لاحقاً الى وجه من وجوه التنسيق بين «التيار» و«حزب الله»، أما ميشال عون فلم يعد يرى في تشكيلات المديرية كيدية تستهدفه عن سابق تصوّر وتصميم.

لكن التشكيلات التي أصدرها اللواء بصبوص مؤخّراً أثارت غباراً وإشكالات لم تنته ذيولها بعد. الأمر المؤكّد أن وزير الداخلية نهاد المشنوق لم يقف بداية على خاطر المرجعيات المسيحية عند إعداد التشكيلات.

الدليل أن سمير جعجع استنفر ضده، وميشال عون سجّل اعتراضاً، وسليمان فرنجية انزعج. الأهم، أن المشنوق، وقبل ساعات من صدور التشكيلات، كان خارج البلاد، فلم تنفع محاولات الاتصال به للمراجعة. لكن ممانعة المشنوق على الضغوط لم تصمد طويلاً، خصوصاً إذا كان أمن معراب «في الدقّ».

لولا كسروان لكانت التشكيلات، بنسختها الأولى، مرّت على خير. فقد تمّ نقل النقيب شربل طوق آمر مفرزة غزير، التي تتبع معراب الى نطاقها الاقليمي، الى مفرزة الجديدة، مما أغضب جعجع وزوجته النائبة ستريدا جعجع، خصوصا أنه ترافق مع تعيين النقيب غطاس موسى المقرّب من العونيين مكانه، مع أنه عمل لفترة طويلة في «فرع المعلومات».

لكن عملياً، كان عون في مجالسه يرفع الصوت معترضاً على واقع كونه صاحب أكبر كتلة مسيحية وكتلة كسروانية من خمسة نواب «خاص ناص له»، و«لا يُسأل» في تشكيلات تخصّ منطقته الانتخابية!

لم تهدأ معراب حتى عاد «الحق الى أصحابه». كما أنها لم توفّر جهدها سابقاً لعدم نقل النقيب شربل طوق من موقعه.

وهكذا أدّى التشبث بالتشكيلات كما هي الى ضرب «الحكيم» برجله على الأرض رافضاً الأمر الواقع، فما كان من الوزير المشنوق الا أن غرّد على «تويتر» قائلاً «الحرص على أمن جعجع أكيد، وكذلك الصلة والصداقة القديمة، وقضية نقل آمر فصيلة غزير لها حلّ ضمن إطار قرار الدولة».

«الحلّ ضمن إطار الدولة» اقتضى تراجعاً من اللواء بصبوص عن توقيعه، فأصدر مذكرة فصل، كملحق «العودة عن الخطأ»، يراعي الهواجس القواتية: النقيب غطاس موسى انتقل مجدداً من فصيلة غزير الى فصيلة الحدث، وفي تبادل للمراكز تمّ تعيين النقيب شربل طوق، (خلافاً لتأكيدات النائب انطوان زهرا بأنه سيرجع الى غزيز) آمراً لفصيلة ريفون مكان النقيب زياد كامل الذي عيّن آمراً لفصيلة غزير، كما عيّن النقيب ملحم طوق آمراً لفصيلة عيون السيمان.

عملياً، وقبل صدور مذكرة الفصل الثانية، كان النقيب غطاس قد التحق فعلاً بمركزه، بعد أن جمّد القرار لـ 24 ساعة. بعدها جرى تسريب لخبر مفاده بأنه سيتمّ نقل النقيب غطاس موسى من غزير ليعيّن آمراً لمفرزة سير جونية التي يتولاها حالياً النقيب ريشار كرم، غير أن الرابية اعترضت، وأصرّت من باب ضرورة التمسّك بتوقيع اللواء بصبوص على التشكيلات وعدم التراجع عن توقيعه، ببقاء النقيب موسى في موقعه، والأهم عدم الرضوخ الى ضغوط جعجع ومطالبه وكأن بعض مناطق كسروان مطوّبة له.

عملياً، كان يصعب حجب الفرحة القواتية بتصوير الأمر وكأنه «استيلاء» على الجرد الكسرواني من ضباط قوى الأمن المحسوبين على «الحكيم» لمصلحة حماية أمن معراب، والتعاطي مع المسألة وكأن ثمّة غلطة ارتكبها الوزير المشنوق بحق سمير جعجع ثم عاد وصحّحها!

بالطبع لم يصدر أي توضيح من جانب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي المنهمكة بالاحتفال بعيدها السنوي، حيال هذا «التصحيح» الذي لحق بالمذكرة الصادرة عن اللواء بصبوص منذ نحو اسبوعين.

بالمحصّلة، ثمّة استياء عوني انطلق بشكل أساس من واقع عدم استشارة «الجنرال» في تشكيلات تخصّ منطقة يحتكر مقاعدها الخمسة، ومن ثم صدور ملحق يراعي حساسية معراب المفرطة، وكأن غزير وريفون وجعيتا وفاريا «إمارات» تابعة لرئيس حزب «القوات».

ضغط الرابية من أجل احترام مدير عام قوى الأمن الداخلي لتوقيعه على التشكيلات والوقوف بوجه الهيمنة القواتية لم يؤت ثماره، حيث صدرت النسخة الثانية التي دفعت القواتيين الى اعلان ما يشبه «الانتصار».

كان ردّ بصبوص على المراجعات العونية بأن المؤسسة لم ترضخ لمطالب «القوات» والدليل بأن النقيب شربل طوق لم يرجع الى موقعه كآمر فصيلة غزير، أما الرابية فتمّت مراعاتها من خلال إبقاء النقيب كرم في مكانه، مؤكداً أن المؤسسة لا تعتمد المعايير الطائفية والمحسوبيات في عملها، وعندها كان سؤال واضح من جانب العونيين «ولماذا إذاً رضخت ايها المدير العام ونقلت النقيب غطاس موسى من موقعه الذي عيّن فيه في غزير؟».

ردّ بصبوص، لم يشف غليل ميشال عون الذي لم يكن ممنوناً لا في التشكيلات في نسختها الاصلية ولا في «الملحق». انتظر المعنيون في الرابية انتهاء احتفال قوى الامن الداخلي أمس، والذي شارك فيه وزير الداخلية، لاستيضاحه وأخذ أجوبة منه بشأن التشكيلات بنسختها الثانية. لكن خطوط المشنوق أقفلت سريعاً، حيث تبيّن لاحقا أنه استقل الطائرة وغادر الى قطر يرافقه مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم واللواء بصبوص.

أوساط في «التيار الوطني الحر» أكدت أنه حتى في ظل التقارب الحاصل اليوم بين عون و«تيار المستقبل» الا أنه لن يكون ممكناً تجاوز هذه المسألة، وسيتمّ التشاور بشأنها فور عودة المشنوق من زيارته الى قطر.

يذكر في هذا السياق، أن بياناً نشر أمس على الفايسبوك تحت اسم «حركة المقدّمين» جاء فيه «أن مصادر مقرّبة من النقيب محلم طوق أكدت انه لم ولن يكون يوماً مقرباً من أية جهة حزبية»، كما اكدت ان «ولاء النقيب طوق وبكل فخر واعتزاز هو فقط لوطنه لبنان وللمؤسسة التي ينتمي اليها أي المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، وهي وحدها الحريصة والمسؤولة عنه وعن نقله الى اي مركز تراه مناسباً».

وتفيد المعلومات هنا، أن النقيب ملحم طوق، وخلافا لما تمّ الإيحاء به من جانب «القوات»، فهو يعتبر من المقرّبين من النائب السابق جبران طوق وليس من سمير جعجع.