Site icon IMLebanon

بعد 30 نيسان: مَن ينسحب أوّلاً ميشال عون أم سمير جعجع؟

 

يحتار متتبّعو الحوار بين «المستقبل» و»التيار الوطني الحر» كيف يترجمون استحالةََ التفاهم، فجاء اللقاء الباريسي ليوضح الصورة. ففيما أكّدت أوساط «المستقبل» أنّ التفاهم مستحيل، أعلنت مصادر «التيار» استمرارَ الحوار في مرحلة هي الأدق في الإستحقاق الرئاسي. ما الذي يحول دون ذلك؟ وما هي الكلفة المقدرة لكل منهما؟

يَسعى بعض اللبنانيين الغيارى على موقع رئاسة الجمهورية، ولو في الشكل، إلى القول عن اقتناع أو عدمه، إنّ البلد امام فرصة جدية لتفاهم لبناني – لبناني يُنجز طبخة رئاسية داخلية لرئاسة الجمهورية. فالسفراء الأجانب المعتمدون في لبنان يجولون على المراجع السياسية والحزبية والمرشحين للتأكيد أنّ بلادهم لا ترغب بالتدخل في الشأن الرئاسي، وهم حريصون على النأي بلبنان عن أزمات محيطة والتخفيف من آثار تورط اللبنانيين في سوريا.

ذلك كله يتزامن مع حراك الخبير في الشؤون اللبنانية الداخلية السفير الأميركي ديفيد هيل على القيادات اللبنانية، وتنقّله بين بيروت وباريس والرياض التي سيقصدها بعد غد السبت ليُدلّل أنّ بلاده لا تريد التدخل في الإستحقاق الرئاسي، وإن واكبته فما يهمّها، مثل بقية الدول الأخرى، هو إحترام المهل الدستورية ومبدأ انتقال السلطة بعد عهدٍ إنتقالي أداره العماد ميشال سليمان الذي تمايز عن اسلافه برفضه التمديد، ليس لأنّه مخالف للدستور فحسب، بل لحاجة اللبنانيين الى خريطة طريق لإدارة شؤون بلادهم.

فالربيع العربي زرع بدايات الديموقراطية العربية التي لم يختبرها بعض الدول سابقاً ولم تكتمل فصولاً بعد، فكانت التجربة العراقية أولى الإختبارات الفاشلة والتي احيت فيها «الديموقراطية الرضيعة» صداماً جديداً، وها هي مصر تتجه لتنتج «سادات متقمصاً» ووجهاً آخر لـ»مبارك جديد» مكلف إدارة شؤون المؤسستين العسكرية والسياسية المصريّتين.

وبناءً على ما تقدم، يبدو أنّ النظام الديموقراطي الذي ميَّز لبنان لعقود سابقة بدأ يترنح، فحرب النصاب أخذت شرعيتها الواقعية من خلال الممارسة التعطيلية التي شهدتها ساحة النجمة امس للمرة الثانية، على خلفية «تقصير» الخارج في تسهيل تفاهمات الداخل. فالمملكة العربية السعودية أقفلت ابوابها امام مجرد زيارة العماد ميشال عون تزامناً مع فشل جلسات الحوار كلها بين الرئيس سعد الحريري وموفدي عون في الوصول الى مرحلة تأييده ليكون «مرشحاً توافقيّاً».

وعليه، أبدت أوساط سياسية ونيابية قلقها من محاولات إستدراج الخارج الى الداخل اللبناني وسجلت عتباً كبيراً على عون الذي يتريَّث في حسم موقفه من الترشح او عدمه في انتظار «الترياق السعودي»، في محاولة يبدو أنّها أُقفلت على جوابٍ سلبي لا يمكن تبديله بالسرعة التي قلَّصتها الفترة الفاصلة عن نهاية العهد.

وتزامناً، لم يُخفِ حلفاء عون عتبهم الشديد على أسلوبه المتمادي في طلب الرعاية السعودية لتغيير موقف تيار «المستقبل»، على قاعدة الشروط التي حدَّدها الحريري والتي لا يمكن لعون التجاوب معها او التزامها وإحتفاظه بالتضامن الذي عبَّر عنه حلفاؤه ضمن سقوف محدّدة، يقال إنّ الجنرال قد تجاوزها. ذلك أنّ الصفقة التي يسعى اليها عون لها أثمان إقليمية ودولية قد لا يتحمّلها الداخل، فمَن قال إنّ عون يمكنه تجاوز الإنقسام المذهبي المتنامي في المنطقة لينال دعم الجهتين.

على هذه المعطيات، دخل لبنان استحقاقه الرئاسي في غياب ايّ حوار منتج يكسر الحلقة المقفلة التي يدور فيها فريقا «8 و14 آذار»، وها هو الإستحقاق الرئاسي دخل نفق المواجهة بين مرشح «14 آذار» والورقة البيضاء وما يمثلان من انقسام حاد، في انتظار خرق ما يسعى اليه عون لتعطيل قدرات النائب وليد جنبلاط والوسطيين.

وعلى هذه الخلفيات، كشف أحد العارفين أنّ جلسة 30 نيسان، أمس، شكلت محطةً مفصليةً للبحث عن خيار ثالث وضمن مقاربة ما زالت غير مفهومة استناداً الى مناقشات سبقتها لدى الطرفين، وقد وفّرت نوعاً من الإجماع على الخروج من ثنائية الرابية – معراب، ما فتح الباب على طرح سؤال وجيه: مَن ينسحب من السباق أولاَ عون ام جعجع؟