بوادر حل في عرسال بعد انسحاب مسلحين وتسليم عسكريين
جنبلاط يقود حراكا لتعبيد الطريق أمامه.. ونائب عوني لا يرى «تبدّلا في قواعد اللعبة»
بيروت: كارولين عاكوم
يبدو أن معركة عرسال خلطت «الأوراق الرئاسية» في لبنان. والإجماع الداخلي والخارجي الذي حصل عليه الجيش وقائده العماد جان قهوجي في تصديه للمسلحين قد يؤدي إلى تعبيد الطريق السياسية أمامه للوصول إلى قصر بعبدا «الفارغ» منذ أكثر من شهرين. وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «الحراك السياسي على أكثر من خط يأخذ هذا التوجه بانتظار نضوج المباحثات بين الأفرقاء ولا سيما تلك التي يقودها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط». وبعد لقائه أمين عام حزب الله حسن نصر الله قبل نحو أسبوعين، كان لافتا أمس اللقاء الذي جمع جنبلاط برئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، المرشح للرئاسة من قبل فريق 8 آذار، وقبله اللقاء الموسع الذي عقد ليلا، في دارة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان وحضور البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس الحكومة تمام سلام ورئيس كتلة المستقبل، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، إلى جانب جنبلاط، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.
وأشارت الوكالة إلى أن البحث في الاجتماع تناول ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي والانتخابات النيابية إضافة إلى الوضع الأمني في بلدة عرسال وموضوع الهبة السعودية للجيش.
وعن طبيعة «الحراك المستجد» الذي يقوم به جنبلاط، قال مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، رامي الريس، لـ«الشرق الأوسط»: «جنبلاط يستشعر الخطر الذي فرضته أحداث عرسال وهو الذي لطالما كان يحذر منه، وبالتالي بات من الطبيعي أن تكون وتيرة حركته أسرع في مختلف الاتجاهات لبناء شبكة تفاهم داخلية عنوانها تحصين لبنان».
وعما إذا كان جنبلاط الذي سبق أن رفض وصول قائد الجيش ودعا مرشحي فريقي «8 آذار و14 آذار»، النائب ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، للتراجع عن ترشحهما للتوصل إلى تسوية تنهي الفراغ، بات اليوم يعمل على خط تسهيل الطريق أمام قهوجي، أجاب الريس: «بطبيعة الحال المستجدات تستوجب من كل القوى إجراء قراءات سياسية جديدة تأخذ بعين الاعتبار أن الوقت لم يعد مناسبا لترف نقاشات وخلافات سياسية في غير مكانها وزمانها».
من جهته، اعتبر النائب في تكتل التغيير والإصلاح الآن عون أنه لا يجوز استثمار الموضوع الأمني في الموضوع السياسي، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «أن اللقاء الذي جمع رئيس تكتل التغيير والإصلاح ورئيس حزب التقدمي الاشتراكي، كسر الجمود بين الطرفين ومن شأنه أن يسهل عملية التواصل، مشيرا إلى أن النقاش شمل كل القضايا وكيفية مواجهة المستجدات وسبل الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية».
وعما إذا كانت الأحداث الأمنية ستؤدي إلى تبدل في مواقف رئيس تكتل التغيير والإصلاح، لجهة تمسكه بالترشح إلى الرئاسة، قال عون: «على الرغم من أهمية ما يحصل في عرسال لا أرى لغاية الآن أن من شأنه أن يغير في قواعد اللعبة السياسية بشكل عام والرئاسية بشكل خاص».
وكان قد صدر بيان مشترك عن مفوضية الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي»، ولجنة الإعلام في «التيار الوطني الحر»، حول اللقاء بين عون وجنبلاط، مشيرا إلى أنه جرى التداول في التطورات السياسية الراهنة في لبنان والمنطقة.
وقال البيان إن «الاجتماع كان صريحا ووديا ونوقشت خلاله كثير من الملفات السياسية، أبرزها المعركة التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة الحساسة ضد الإرهاب، وكان تأكيد مشترك على أهمية الدعم المطلق للجيش اللبناني، من دون أي شروط أو تفسيرات أو تأويلات من شأنها التشويش على المناخ الداعم للمؤسسة العسكرية».
وأضاف البيان: «تخلل الاجتماع نقاش في سبل تحصين الساحة الداخلية إزاء هذه التحديات المتنامية، وفي آليات تعزيز الاستقرار الداخلي، وهو ما يتحقق من خلال الابتعاد عن الحسابات الفئوية بين اللبنانيين، ويتعمق عبر تفعيل المؤسسات الدستورية والإسراع في ملء الشغور الرئاسي».
ولفت كذلك إلى أن التباحث شمل أيضا العلاقة المشتركة بين «التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي» وضرورة استمرار التواصل المشترك بين الحزبين وتفعيله، بما يؤكد على الاستقرار والتنوع في الجبل ويعزز مناخات التقارب بين اللبنانيين، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان.
وإذا نجحت مساعي جنبلاط واتفق الأفرقاء اللبنانيون على انتخاب رئيس للجمهورية في الأيام المقبلة، فإن من شأن هذا الأمر إنقاذ الانتخابات النيابية بعدما كانت المعطيات قد عكست توجّها للتمديد للمجلس النيابي الممدّد له أصلا، والذي تنتهي ولايته في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إذا استمر الفراغ الرئاسي.
وكان البرلمان اللبناني أقدم منتصف العام الماضي على التمديد لنفسه لسنة وخمسة أشهر، بحجة الظروف الأمنية وتداعيات أزمة سوريا على لبنان. ولم يخصص منذ ذلك الحين أي جلسة لبحث قانون انتخاب جديد، علما بأن القانون المعمول به وهو قانون الستين الأكثري يلقى معارضة من معظم الكتل السياسية.
وقبل أسبوعين من انتهاء المهلة الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة وبناء على طلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقع أمس، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات للمقيمين وغير المقيمين بناء على قانون الانتخابات الساري المفعول، وأرسل إلى مجلس الوزراء لكي يوقع عليه الوزراء بناء للآلية المتفق عليها بالتوقيع على المراسيم.