لا يبدو أن تيار «المستقبل» قد تأثر بـ«تهديد» الرئيس نبيه بري بحشر النظام في «بيت اليك»، ورفضه التمديد لمجلس النواب. تعتبر مصادر «التيار» أن خطوة بري ليست إلا للمناورة، وللضغط على «14 آذار» بغية المشاركة في الجلسة التشريعية. لذلك، ينام المستقبليون على حرير الثقة بأن بري يريد التمديد أكثر مما يريدونه.
أكثر من ذلك، يعتبر «المستقبل» أن بري هو أكثر المستفيدين من التمديد النيابي، الذي يعني بقاءه ممسكاً بمطرقة المجلس. لم يسمع هؤلاء ما قاله عن أن رئاسة المجلس لن تضيف شيئاً إلى «عميد رؤساء المجالس النيابية في العالم». يفضلون التركيز على تهديد الرئيس سعد الحريري بأن اللجوء إلى الانتخابات قد يعني انسحاب «المستقبل» من جلسة انتخاب رئيس المجلس.
في المقابل، يقول مصدر في «8 آذار» إن من يقرأ موقف بري بهذه الخفة هو حكماً لا يعرف رئيس المجلس، مشيراً إلى أن «المستقبل» لا يستطيع فرض الشروط التي تناسبه والتغاضي عن حقيقة أنه يقفل المجلس النيابي ويمنعه من القيام بواجبه التشريعي والرقابي. بين انتظارين ورهانين، ثمة ما يدعو إلى القلق. مسألة الإفادات ما تزال صعبة الهضم. قلة استوعبت الصدمة، فيما الأغلبية، مؤيدين ومعارضين لخطوة وزير التربية، لم يصدقوا أن دولة كائنة يمكنها ببساطة أن تتخلى عن أحد أوجه سيادتها. يقول أحد الأساتذة الجامعيين من النواب، إنه في علم الاجتماع ذلك يعني أمراً من اثنين: إما أن الدولة انهارت، وإما أنها في ظرف انهيار. لبنان، مر في الحرب الأهلية بحالة الانهيار، في ظل غياب كل مقومات الدولة، وها هو اليوم، يدخل في «ظرف الانهيار».
المقارنة بين «سلسلة الرتب والرواتب» وبين التمديد للمجلس، تثير الرعب.
أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع أن تتطور أزمة «سلسلة الرتب والرواتب» سلبياً إلى الحد الذي وصلت إليه. بدا بداية أن الخلاف محض تقني ويتعلق ببعض البنود من هنا أو هناك. من تابع اللجان الفرعية ثم اللجان المشتركة فالجلسة التشريعية، أيقن أن المشكلة تتعلق بالخيارات، لكن مع ذلك كان التفاؤل سيد الموقف، خاصة أن بري تعامل مع مطالب «هيئة التنسيق» بكثير من المرونة.
اليوم، وبعد كل ما حصل، لا أحد يصدق أن الخلاف على بند الضريبة على القيمة المضافة فقط هو الذي أوصل إلى الهاوية التربوية. وكما لو أن شيئاً لم يحصل، ما يزال «المستقبل» يؤكد أنه جاهز للنزول إلى المجلس لإقرار «السلسلة»، شرط تضمينها زيادة الـTVA واحد في المئة.
إذا سقطت ورقة الضغط المتمثلة بتصحيح الامتحانات، لن يكون بالإمكان الحديث عن تفاؤل بإقرار «السلسلة». البعض صار على يقين أن كل ما يحصل يأتي في سياق منظم هدفه تعطيل كل شيء، وصولاً إلى مقايضة، قوامها تسوية مالية لحقبة السنيورة مقابل الإفراج عن التشريع النيابي في مسائل عديدة، منها: الاعتمادات الإضافية، سلسلة الرتب والرواتب، اتفاقيات القروض والموازنات.. وجهة نظر أخرى ترى أن المطلوب «مستقبلياً» هو تجميد كل الملفات بانتظار الفرج الإقليمي.
من لا يدخل في تحليل المواقف وخلفياتها، مكتفياً بالمقارنة بين أزمتين، يخشى أن تتدحرج الأمور في مسألة الانتخابات النيابية كما تدحرجت في «السلسلة»، بما يشكل «تتمة للاعقلانية». عملياً، صار الجميع مقتنعاً بصعوبة إجراء الانتخابات، بشكل أو بآخر. مع ذلك، لا أحد يضمن اجتماع المجلس النيابي قبل 20 تشرين الثاني لإقرار قانون التمديد.
ففيما كان يفترض أن تكون الفترة من الآن حتى ذلك الحين، هي فترة التحضير للانتخابات، ها هي تتحول إلى فترة السعي إلى تسجيل النقاط. علماً أن مراقباً مستقلاً يجزم أن التمديد لن يقر إذا لم يجتمع المجلس للتشريع. هو يرى أن رئيس المجلس لم يستعمل كل أسلحته بعد. يقول إنه اكتفى، حتى الآن، بالتهديد بحشر النظام في «بيت اليك»، ولم يطرح النظام نفسه على الطاولة. يسأل المراقب: إذا فعل بري ذلك مدعوماً من «حزب الله»، هل يبقى «المستقبل» على رفضه للتشريع؟