Site icon IMLebanon

 تبايُن في إجتماع السلسلة ودعوة إلى مبارزة إعلامية بين عون وجعجع

في خضمّ الشغور الرئاسي وتعطّل العمل في مجلس النواب، وتقطّع جلسات مجلس الوزراء، ربّما هي المرّة الأولى التي سيمرّ فيها عيد الجيش اليوم بلا صليل سيوف الضبّاط المتخرّجين، وبلا عروضٍ رمزية للألوية العسكرية، وقد اقتصرَت كلّ مظاهر الاحتفال بمناسبة الأوّل من آب على مرسوم اتّخذَه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة الأسبوع الفائت احتوى أسماءَ الضبّاط المتخرجين من الكلّية الحربية الذين لن ينالوا شرفَ تقليدهم السيوف بسبب عدم وجود رئيس جمهورية.

ولم يُسجَّل في اليوم الأوّل من العمل بعد عطلة عيد الفطر أيّ تطوّر سياسي بارز في شأن الاستحقاقات المطروحة، إذ تستمرّ الصورة ضبابية في ظلّ تفاقم الاحداث الاقليمية وغياب أيّ حلول لها.

وفي هذا السياق استبعد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس انتهاء هذه الاحداث قبل خمس سنوات، مشدّداً على وجوب تحصين لبنان من تداعياتها والمضاعفات.

وردّاً على سؤال، قال برّي: «إنّ أحداً لم يفاتحني، ولا أسمح لأحد بأن يفاتحني في موضوع تمديد ولاية مجلس النواب. فالأولوية الاولى والثانية والثالثة والعاشرة عندي هي لرئاسة الجمهورية». وأكّد أنّه لم يُثر مع رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط هذا الموضوع، ولا الأخير أثاره معه، وأنّ ما يُشاع عن أنّهما يؤيّدان التمديد للمجلس «هو أمر مغرِض، وأن مَن يسوّقه هو مَن يريد التمديد للمجلس ويتّهمنا به».

وقال بري: «إنّ الانتخابات النيابية ليست استحقاقاً داهماً، ولكنّ وزارة الداخلية تقوم بعملها كما لو أنّ هذه الانتخابات حاصلة غداً، علماً أنّ التمديد للمجلس عام 2013 حصل في الايام العشرة الأخيرة قبل انتهاء ولايته».

وأضاف: «يجب ان تحصل الانتخابات النيابية في ظل وجود رئيس جمهورية، لكن لا جديد على صعيد رئاسة الجمهورية، وقد قلت للبطريرك الراعي عندما اتّصل بي معايداً إنّ عقد جلسات متتالية لملجس النواب لانتخاب رئيس جمهورية جديد من دون تأمين انتخاب الرئيس إنّما يضرّ بسمعة الجلسة والمجلس ولا يؤدّي الى أيّ نتيجة.

لذلك يجب ممارسة ضغوط داخلية بغية إنجاز هذا الاستحقاق الرئاسي. ولقد اتّفقتُ مع جنبلاط على تحرّك مشترك في هذا الاتّجاه لن أفصحَ عنه، ولكنّه مرتبط بانتخابات رئاسة الجمهورية».

وأكّد برّي «أنّ المطلوب من الجميع تحصين الوضع اللبناني الداخلي عبر إنجاز الاستحقاقات والحفاظ على الاستقرار لتجنيب لبنان ايّ مخاطر أو مضاعفات نتيجة الأوضاع الاقليمية السائدة التي يبدو أنّها لن تنتهي قبل خمس سنوات، حتى تتوافر الحلول اللازمة للدوَل المأزومة».

سلسلة الرتب

من جهة ثانية، قال برّي أن «لا تأكيدات يمكن إعلانها حول انعقاد مجلس النواب في جلسة تشريع خاصة بسلسلة الرتب والرواتب، فالجميع يقولون إنّهم سيحضرون ولكن لا ضمانات بعد». وأضاف أنّه في ضوء نتائج الاجتماع الذي انعقدَ مساء امس بين وزير المال علي حسن خليل والوزير وائل ابو فاعور ورئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة سيتحدّد أيّ منحى سيتّخذه التحرّك في شأن السلسلة.

وقال: «أنا موقفي هو ضد زيادة الـ1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة TVA، وأؤيّد التخفيض 10 في المئة من كِلفة السلسلة وتقسيط دفعها ثلاث سنوات، وقد قلت للمعنيّين إنّه لا يمكن القبول بزيادة 1 في المئة على TVA وتقسيط السلسلة وتخفيضها، وعليكم أن تختاروا: إمّا زيادة الواحد في المئة على الـTVA فقط مقابل عدم التقسيط والتخفيض، وإمّا قبول التقسيط والتخفيض وإلغاء زيادة الـ 1 في المئة على TVA لأنّه لا يمكن القبول بالخيارات الثلاثة معاً، لأنّنا بزيادة 1 في المئة على الـ TVA نكون قد سرقنا من جيوب المواطنين ما نكون قد أعطيناهم إياه من خلال السلسلة، وفي هذا المجال فإنّني مع أيّ زيادة على الكماليات، أيّاً يكن حجمها».

وأشار الى «أنّ هيئة التنسيق النقابية تعارض الخيارات الثلاثة، ولكنّنا طرحنا سلّة تخفيض كاملة تشمل 10 % على مجمل السلسلة، لأنّ أرقام الواردات فيها اليوم تساوي أرقام النفقات».

من جهة ثانية، طلب برّي من الجهات الوصيّة على شركة «الميدل ايست» أن توعزَ إليها بتسيير خطوط رحلات إلى افريقيا «لأننا في كلّ سنة نشهد كارثة بسبب اضطرار المغتربين اللبنانيين الى السفر في طائرات أجنبية، لعدمِ وجود مثل هذه الخطوط، خصوصاً أنّ للبنان جناحين يضخّان المساعدات عليه، وهما مغتربو الخليج وأفريقيا».

على صعيد آخر، بقيَت مسألة سلسلة الرتب والرواتب مدار أخذ وردّ على أكثر من مستوى، على رغم التسريبات عن اقتراب التفاهم على مواردها ما بين تيار «المستقبل» وحركة «أمل».

وفي هذا الإطار، عُقد مساء امس اجتماع في منزل السنيورة، ضمّه والوزيرين علي حسن خليل ووائل ابو فاعور وعضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان.

وقالت اوساط المجتمعين لـ»الجمهورية» إنّ الاجتماع تخلله عرض لنقاط الخلاف في ملف سلسلة الرتب والرواتب، وجرى نقاش حوله، لكنّه لم يحقّق تقدّماً كبيراً، فالإجتماع الذي دام أقلّ من ساعة أبقى على التباينات في وجهات النظر، وظلّ الموضوع يحتاج إلى استكمال البحث فيه، فتمّ الاتفاق على اجتماعات أخرى من دون تحديد أيّ مواعيد.

ورأت الاوساط «أنّ الأمر ليس بالسهولة التي تمّ ترويجها في خلال اليومين الماضيين، فلا تفاهم على أيّ من بنود الخلاف، ولا حلول اليوم أو غداً، لأنّ النقاشات تحتاج الى وقت لكي تحقّق تقارباً بين وجهات النظر والاتّفاق على تفاهمات نهائية في شأن البنود العالقة في السلسلة».

بوصعب

وكان وزير التربية الياس بوصعب تحرّك على خط عين التينة ـ الاونيسكو، فزار رئيس مجلس النواب ثمّ التقى وفد «هيئة التنسيق النقابية» في مكتبه. وأوضح أنّه اطّلع من برّي على المعطيات المتعلقة بالسلسلة، «وما سمعتُه يجب أن يكون مطمئناً». وأشار الى أنّه كان التقى السنيورة «الذي أكّد أنّ تيار «المستقبل» و 14 آذار ملتزمون العمل لإقرار السلسلة».

وقال: «إنّ التطمين الكبير جاء من الرئيس برّي الذي أكّد أنّ التشريع لن يمرّ في المجلس النيابي إلّا عبر السلسلة». ورأى «أنّ الحلّ ليس في يد هيئة التنسيق بل في أيدي السياسيين»، وناشدَهم «أن يأخذوا في الإعتبار الطلّاب المسافرين المحتاجين إلى شهادة وفيزا، وهم لم يحصلوا بعد على نتائجهم، وبالتالي ليس معهم شهادات».

وقال بوصعب: «إنّ الوقت يدهمنا، وقد دخلنا في المرحلة الخطيرة جداً لجهة خسارة المِنح والقبول في جامعات عالمية». ونبَّه الى أنه «إذا لم نتّفق على إقرار السلسلة سيكون مستقبل الطلاب في المجهول». وكرّر التأكيد أن «لا إفادات ترشيح ولا تصحيح إلّا بموافقة هيئة التنسيق.

واعتبر «أنّ الأزمة سياسية، وآمل في أن نعود للجلوس معاً هذين اليومين حتى بداية الأسبوع إلى أقصى حدّ لنتوصل إلى تفاهم معيّن، فإمّا أن نتفاهم على موقف أو يتولّى الوزير وحده القرار».

إلى ذلك، ذكرت مصادر هيئة التنسيق أنّ رفضَها التعديلات والطروحات الأخيرة التي توصّل اليها طرفا الحوار جمَّد ما كان منتظراً في المرحلة المقبلة من حوار الطرفين، بعدما اقتربا من الصيغة النهائية التي رعاها جنبلاط.

وذكرت أنّ أبرز ما تمّ التفاهم عليه يتصل بتخفيض ما هو مطروح من التقديمات بنسبة 10 % وإضافة الـ 1 % على الضريبة على القيمة المضافة وتقسيط مفاعيلها ومردودها لمدّة ثلاث سنوات، وهي العناصر التي دفعت بهيئة التنسيق الى رفض الإتفاق والتوجّه نحو الإضراب الذي دعت اليه في السادس من آب الجاري.

غريب

وكان رئيس هيئة التنسيق النقابية حنا غريب أعلن الاضراب العام في 6 آب المقبل، ودعا من يأخذ البلاد الى الخراب إلى الإجابة عن مصير دخول الطلاب الى الجامعات. وقال: «لم نتلقَّ أيّ إجابة حتى الآن من أيّ كتلة سياسية عن ملفّ سلسلة الرتب والرواتب». وشدّد على انّ مطلب هيئة التنسيق لم يتغيّر، وهي متمسكة بالدفاع عن كامل الحقوق، وأضاف: «لا أحد يستطيع أن يزايد علينا بالحِرص على مصلحة الطلاب».

محفوض

بدوره، حمَّل نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض السياسيين مسؤولية المأزق الذي وصل الجميع إليه في ما خصَّ الطلاب.

الأب عازار

من جهته، دقّ الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار ناقوس الخطر، وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ الواقع التربوي اللبناني في وضع لا يحسَد عليه، ونتيجة الكباش الحاصل، العلاقة التربوية اهتزّت بين الأهل والأساتذة والطلّاب والإدارات المدرسية». وأضاف: «لا شكّ في أنّ للأساتذة مطالبَ، ولكن لا يجوز أخذ الطلاب رهائن، فمَن لم يُحصّل حقوقَه لا يقضم من حقوق غيره».

ولم يُخفِ عازار تخوّفه على مصير السنة الدراسية المقبلة، قائلاً: «إذا كانت السنة الدراسية مهدّدة فذلك يعني أنّ الأهالي قد لا يسدّدون الأقساط، فكيف ستُحصِّل الإدارات رواتب المعلمين؟».

«القوات»

في المقلب الآخر، لم يخرج الاستحقاق الرئاسي من دائرة المراوحة. وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «إنّ الفراغ الذي نشهده على مستوى الرئاسة غير مقبول، ولم يعُد مهزلة فقط، بل أصبح مأساة كاملة، في اعتبار أنّه يجرُ معه شبه فراغ على مستوى المجلس النيابي والحكومة، وبالتالي يجرُّ فراغاً على مستوى الدولة». واعتبر» أنّ لبنان عاد إلى ما قبل التاريخ، ليس على يد «داعش» هذه المرّة، بل بإرادة بعض الأفرقاء».

«الكتائب»

أمّا حزب الكتائب فحذّر من التأجيل المتكرّر لجلسات انتخاب رئيس للجمهورية، وطالبَ الكتل النيابية بموقف دستوري يؤمّن النصاب، ويبدّد الانطباعات القاتمة باستفحال الشغور، ويكسر أزمة الفراغ الرئاسي، وينتج رئيساً يمسك بالقرار الوطني ويضع لبنان في المسار السياسي الصحيح، ويُسقط التمديد الشائع لمجلس النواب الذي تعارضه الكتائب معارضةً لا هوادة فيها ولا رجوع عنها».

قانصو

وفي المواقف، قال نائب حزب البعث العربي الاشتراكي عاصم قانصوه لـ»الجمهورية» إنّ «أمدَ الشغور الرئاسي سيطول». وأشار إلى «أنّ لبنان ليس في أولويات الولايات المتحدة الأميركية الآن».

وسخرَ من مقولة لبنَنة الاستحقاق، داعياً إلى انتخاب رئيس من خارج اصطفاف 8 و14 آذار لإنقاذ البلد. مشيراً إلى «أنّنا ذاهبون إلى المهوار إذا ظلّ اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي قائماً». واعتبر أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «لن ينجحَ في الوصول الى الرئاسة ولا جعجع، لوجود فيتوات عليهما من الفريقين».

وإذ تمنّى قانصوه أن يجتمع مجلس النواب لإقرار مشروع قانون لبنان دائرة انتخابية واحدة، الذي تقدَّمَ به على أساس النسبية، توقّع أن يُصار إلى التمديد للمجلس النيابي لتعذّر إجراء الانتخابات النيابية راهناً.

من جهة ثانية، أكّد قانصوه «أنّ تنظيم «داعش» يتمدّد على الحدود اللبنانية من عرسال الى الطفيل، ووجوده في المنطقة ليس جديداً، بل مضى عليه أكثر من عام، منذ أن انضمّت إليه عناصر «جبهة النصرة» بعد معركة يبرود. فهذا التنظيم موجود ويستهدف الهرمل واللبوة بصواريخه».

وإذ نبَّه قانصوه من أنّ خطر «داعش» دائم وموجود، أكّد أنّ «حزب الله» المنتشر من عرسال الى الطفيل يصدّ هذا الخطر ويحمي أهالي المنطقة، وذلك بعدما نظّف منطقة القصير». وأشار إلى «وجود بيئة حاضنة لـ»داعش» في الشمال والبقاع الغربي، ومن ليس معها ليس قوياً بما يكفي لمحاربتها». واعتبر «أنّ الرهان يبقى على دور الجيش وتعاون «حزب الله» معه على الحدود، لمنعِ أيّ محاولة لدخول داعش».

أوساط كنسية

ورأت أوساط كنَسية أنّه في ظلّ انسداد الأفق الرئاسي، وتحميل بعض الأطراف عن حُسن أو سوء نيّة العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع بالتكافل والتضامن مسؤولية الفراغ في الرئاسة الأولى، على رغم مشاركة الثاني في الجلسات ومقاطعة الأوّل، كما إبداء رئيس «القوات» استعدادَه للبحث بأيّ اسمٍ آخر، لا بدّ من مبارزة إعلامية بين الرجلين تضع النقاط على الحروف.

وفي هذا السياق دعَت الأوساط جعجع وعون إلى التجاوب مع هذه المبادرة من أجل أن يطّلع الرأي العام على حقيقة الصورة، بعيداً عن أيّ تشويه أو تحريف، وأملت أن تكسرَ مبارزةٌ من هذا النوع الجمودَ الرئاسي وتعيدَ خلطَ الأوراق وتدفعَ الأمور نحو تقليص فترة الفراغ الرئاسي.