Site icon IMLebanon

تجربة لمجموعة سياسية خارج الاصطفاف اتجاهات يغيّبها الصراع فهل تحظى بالتأثير؟

دخلت مجموعة من الشخصيات منذ بعض الوقت على خط الازمة السياسية التي يغرق فيها لبنان واطلت عبر بيانات حملت عنوان “لقاء سيدة الجبل” و”التشاوري الشيعي” كان من ابرز محاورها الدعوة الى تحييد لبنان على غرار البيان الاخير الذي صدر يوم الاثنين الماضي رفضا “لدولتي ولاية الفقيه وداعش”. عنوان الاجتماع لهذه الشخصيات قيد اعادة النظر ولا يعبر عن ماهية المجتمعين كما يقول احد اعضائها السفير خليل مكاوي لكن حركتهم لم تأخذ لا الحجم ولا الوقع المطلوبين حتى الآن في الساحة السياسية على رغم ان غالبية اللبنانيين اقله وفق ما تعبر عنه مواقع التواصل الاجتماعي تقترب في اقتناعها من اقتناعات هذه المجموعة لجهة الرغبة في بقاء التواصل قائما بين مختلف الطوائف وعدم حصول قطيعة بينها والاستمرار في الالتقاء حول قواسم مشتركة تساهم في انقاذ لبنان.

ثمة تجربة حديثة لا تزال في الاذهان لقوة ثالثة طبعت المرحلة الماضية قبل اعوام بطابعها وهي تجربة لقاء قرنة شهوان الذي استطاع ان يكون دينامو للحركة السياسية في البلد والذي انفرط عقده بعد تحقيق الكثير من الاهداف التي رفع لواءها وكان ابرزها انسحاب القوات العسكرية السورية من لبنان وحين تغيرت المرحلة السياسية التي نشأ فيها ومن اجلها. والمجال ليس للدخول في التفاصيل لكن هذه التجربة بدت ناجحة في التشجيع على امر مماثل في ظل استنقاع سياسي يكاد ينهي لبنان.

حين غادر الرئيس ميشال سليمان موقعه في رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولايته الرئاسية في 25 ايار الماضي بدا ان النائب وليد جنبلاط خسر ركيزة اساسية في السلطة الداعمة للقوة الثالثة او الخط الثالث الذي جهد في ارسائه بعيدا من الاصطفافات كما كان خسر الرئيس نجيب ميقاتي الذي رفع شعار الوسطية وكان الركيزة الثالثة في الخط خارج الاصطفاف بين قوى 8 و14 آذار ولو لم يعتبره خصومه كذلك. ويعمل جنبلاط على نحو منفرد في السلطة راهنا حيث يلتقي احيانا مع الرئيس نبيه بري ويبتعد احيانا اخرى كما في موضوع تأمين الايرادات لسلسلة الرتب والرواتب مثلا. وحين اعلن ترشيح النائب هنري حلو لرئاسة الجمهورية انما حاول جنبلاط ان يحدث ربط نزاع مع المرحلة المقبلة التي يفترض ان تأتي برئيس مكمل للرئيس ميشال سليمان وليس نقيضه اي من هذا الفريق او ذاك. لكن هذا يبقى في الطبقة السياسية في حين يعتقد كثر ان لبنان متعطش الى قوة ثالثة من خلال مجموعة مستقلة نسبيا ومقدار الممكن عن الاصطفافات الضيقة من اجل ان تضغط بالحد الادنى على القوى السياسية ومن اجل تأمين خيارات مختلفة للرأي العام. وابرز ما قامت به المجموعة الجديدة حتى الآن كان تسليمها رسالة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون دعما لتحييد لبنان من اجل ضمان استقراره على ان يكون الهدف في المرحلة المقبلة ان تكبر دائرة الدعم وتضم غالبية الفاعليات في البلد من تلك الداعمة للاستقرار والرافضة لأي تدخل من اي نوع كان باعتباره كان ولا يزال علة العلل في لبنان والرهان في ذلك على كل الفاعليات لا سيما منها الفاعليات الاقتصادية وفق ما يتطلع مؤتمر وطني تعتزم المجموعة عقده في تشرين الاول المقبل لحشد الدعم لفكرة تحييد لبنان واستقراره او ما تتطلع الى تحقيقه لقاءات تعتزم المجموعة اجراءها مع رؤساء البعثات الديبلوماسية للدول الدائمة العضوية في مجلس الامن.

الامر الجيد وفق ما يرى متابعون هو تلاقي مفكرين واصحاب رأي من كل الطوائف على قواسم مشتركة باتت تغيب عن الطبقة السياسية في ظل صراعات على المواقع وحشد طائفي ومذهبي وان على نحو غير مباشر ما يعني ان ليس هناك انغلاقا على الطائفة الشيعية المستغرقة في ادبياتها او على كل من الطوائف الاخرى وادبياتها ايضا بغض النظر عن صوابية هذه الأدبيات او عدم صوابيتها. والامر الجيد اكثر يكون اذا استطاعت ان تجذب الدعم الشبابي اليها. فما يحتاج اليه البلد هو افكار من خارج ما يتم تداوله في اليوميات السياسية وحشد رأي عام لبناني يبحث عن الابتعاد عن الاصطفاف المذهبي او الطائفي او السياسي خصوصا ان فكرة تحييد لبنان فكرة رئيسية ينبغي ان تنبع من الداخل وليس من الخارج خصوصا متى كانت قيادات او افرقاء لبنانيين يبحثون عن تدخل خارجي متواصل في الشؤون اللبنانية الداخلية. الامر غير المشجع حتى الآن بالنسبة الى البعض ان هذه المجموعة لم تستطع ان تحدث اي اختراق اعلامي وسياسي او ان تطلق دينامية داعمة لها علما ان المسار ليس سهلا وهناك عقبات. يقول هؤلاء ان ثمة مقاربات لدى هذه المجموعة تظهر اصطفافا وليس قوة ثالثة بعيدا من اصطفافي قوى 8 و14 آذار وان تعلن مثلا معارضة لدولتي داعش والولي الفقيه في معرض الترويج والدعم لفكرة تحييد لبنان يجعلها اقرب الى 14 آذار منها الى قوة ثالثة بعيدا منها خصوصا في المساواة ما بين مشروعي داعش وولاية الفقيه خصوصا ان المجموعة تضم شخصيات من 14 آذار ابرزها النائبان السابقان سمير فرنجيه وفارس سعيد. يضاف الى ذلك ما قد يراه البعض في كون غالبية الشخصيات الشيعية المشاركة ممن تحمل افكارا تتناقض ومنطق “حزب الله” ما قد يعرض هذه القوة او صدقية عمل هذه المجموعة لحملات تهميش او ربما ايضا لانتقادات اكثر.