مسؤول دولي بارز معني بشؤون الشرق الأوسط شدد في لقاء خاص في باريس على “ان نظام الرئيس بشار الأسد لن يكون في أي حال جزءاً من أي تحالف دولي – إقليمي لمحاربة الجهاديين المتشددين وعلى رأسهم تنظيم “الدولة الإسلامية” أو “داعش” و”جبهة النصرة” في سوريا والعراق وساحات أخرى، ولن تتعاون أي دولة غربية أو عربية مؤثرة معه في هذا المجال أو في أي مجال آخر، بل ان هذا التحالف العسكري – الأمني – السياسي سيضم خصوصاً أميركا والدول الغربية والعربية والإقليمية المؤثرة المعادية للنظام السوري، كما سيضم قوى المعارضة السورية المعتدلة. وهذه معلومات مستقاة من واشنطن وباريس وعواصم أخرى وليست تحليلاً للأوضاع. وهذا القرار الغربي – الإقليمي مرده الى عوامل جوهرية وأساسية والى التناقض الجذري بين أهداف التحالف وخطط الأسد الذي وصفه أخيراً الرئيس باراك أوباما بانه طاغية وديكتاتور يقمع شعبه ويقتله”.
وقال المسؤول الدولي إن العوامل الأساسية التي تمنع أي تنسيق أو تعاون بين دول هذا التحالف ونظام الأسد هي الآتية:
أولاً- ترى هذه الدول ان نظام الأسد هو المسؤول الأول عن إنتشار الجهاديين في سوريا إذ ان إعلانه الحرب الشرسة على شعبه المحتج جذب الى البلد آلاف الجهاديين وساعد على نمو “داعش” واتساع نفوذه، وسمح للمئات من عناصر هذا التنظيم بالإنتقال للقتال في العراق. والنظام كان متواطئاً مع هذا التنظيم طوال أشهر إذ تركه يقاتل قوى المعارضة المعتدلة ويضم الكثير من السوريين الى صفوفه ولم يقصف أياً من مواقعه. لكن الأسد وقع في فخ “داعش”، إذ ان هذا التنظيم إستغل هذه “التهدئة غير الرسمية” من أجل بسط سيطرته على مناطق واسعة في العراق قبل أن يدخل في مواجهة بالغة القسوة مع النظام السوري ويسيطر على مواقع مهمة له ويقتل أعداداً كبيرة من جنوده وأنصاره.
ثانياً – ترى هذه الدول ان ثمة تناقضاً جذرياً بين أهدافها ومصالحها وأهداف النظام ومصالحه. فنظام الأسد يتعامل مع جميع المعارضين على أساس انهم إرهابيون يجب القضاء عليهم، لكن المجتمع الدولي يرفض هذا الموقف إذ ان مجلس الأمن تبنى أخيراً بالإجماع وبدعم روسي – صيني تحت الفصل السابع القرار 2170 الذي يمنح شرعية دولية لمحاربة “داعش” و”النصرة” لكنه يرفض التعامل مع المعارضة السورية المعتدلة على أساس انها قوى إرهابية يجب القضاء عليها وعلى مطالبها كما يريد الأسد.
ثالثاً – يرغب الأسد في أن يكون جزءاً من هذا التحالف من أجل القضاء في وقت واحد على الجهاديين والمعارضين المعتدلين. لكن الدول الغربية والإقليمية المؤثرة تتعامل مع المعارضة المعتدلة، المعترف بها عالمياً على أوسع نطاق، على أساس انها تمثل الشعب المحتج وتتمسك بضرورة إنهاء حكم الأسد ونقل السلطة في إشراف دولي – إقليمي الى نظام جديد ديموقراطي تعددي يعمل على قيام سوريا جديدة تضمن المطالب الحيوية والحقوق المشروعة لكل مكونات الشعب. ولن تقبل أي دولة في هذا التحالف التعاون مع النظام من أجل القضاء على الشعب المحتج.
رابعاً – ترى هذه الدول ان نجاح الحرب على الجهاديين يتطلب ليس فقط إستخدام القوة ضدهم بل إيجاد حل سياسي شامل وعادل للمشكلة السورية ومعالجة جذورها الحقيقية وهي وجود نظام متسلط قمعي يستخدم كل أنواع الأسلحة ضد شعبه المحتج ويرفض منح السوريين حق تقرير مصيرهم بأنفسهم من طريق انتخابات نيابية ورئاسية حقيقية وتعددية حرة وشفافة. ويرفض الأسد أي حل سياسي حقيقي للمشكلة ويتمسك بالخيار العسكري – الأمني الذي ألحق الكوارث بسوريا وشعبها.
واستناداً الى المسؤول الدولي، لن يستطيع الأسد أن يقنع أي دولة غربية أو إقليمية، باستثناء إيران، بأن التفاهم معه يقضي على الجهاديين ويحقق الأمن والإستقرار والسلام في سوريا. فنظام الأسد تعاون مع الجهاديين ضد الأميركيين وحلفائهم في العراق بعد الغزو، وتعاون مع الجهاديين وتنظيم “فتح الإسلام” في لبنان ضد القوى الرافضة للهيمنة السورية. وتعاون ضمناً مع الجهاديين في سوريا ضد شعبه المحتج والمعارضة المعتدلة. ودول التحالف ستواصل عملية إنهاك النظام وتقليص قدرات الجهاديين ضمن نطاق إستراتيجية يحدّد مضمونها وعناصرها الأميركيون وحلفاؤهم المعادون للأسد والمطالبون برحيله”.