Site icon IMLebanon

تربية الحقد

خالد ليس الضحية الأولى. صحيح أنه ضحية مرتين، الأولى عندما هُجّر من بلد يؤمن رئيسه بأن شخصه هو مبرر وجود الوطن والدولة، والثانية حين رماه فقر أهله إلى أهل عباس ليكدح، منفذا كل أوامرهم في مقابل 3 أو4 آلاف ليرة يوميا.

الضحية الأولى هو عباس نفسه. طفل لا يعرف لماذا يضرب كائنا بشريا مثله، و”يتمرجل” على من هو في 6 اضعاف عمره، بلا سبب، وهذا إن وجد لن يفهمه.

لم يقل الأب، الجلاد الفعلي لعباس وخالد، ما ذنب الأخير: هل يُضرب لأنه “تكفيري”، أم لأنه سوري، أو لأن هويته “الفرعية” تبرر ضربه “عالعمياني”، وتوجب “تأديبه” في الصغر، وبيد عباس، ليحمي من “غدره”، في يوم آت، المقامات، والأقليات، والممانعة، والتوسع الامبراطوري للولي الفقيه.

إنه فائض القوة في أحد تجلياته، وهو، أيضا سليل التحشيد المذهبي الذي درة تاجه “مبررات” الأمين العام للحزب المتسلط للحرب على الشعب السوري، وتنقلها من حماية اللبنانيين، الشيعة تحديدا، إلى حماية المقامات، الشيعية أيضا، إلى علنية حماية النظام السوري من “التكفيريين” السنة، فإلى المجاهرة بملامح المشروع الفارسي الامبراطوري في المنطقة، من العراق، إلى سوريا فلبنان، للوقوف عند بوابة فاطمة ومطالبة واشنطن، عبر اسرائيل، بحصة الشريك في إدارة شؤون الإقليم. فالحزب ليس سوى بيدق في لعبة امبراطورية، عنوانها الرنان فلسطين، ومضمونها توسل فلسطين غطاء إلى منصب الراعي الإقليمي.

عباس هو الضحية الأولى. فعل ضرب خالد هو غش له، وايحاء له بأنه الأقوى. لن يفهمه في لحظة الإعتداء، لكنه سيستوعبه مع الزمن ومع التكرار. كيف لا وأبوه يرد على وصف ما جرى بأن “مرجعيته حزب الله وحركة أمل”. الأخطر زعمه أن من كان يشجع عباسا، ليسوا سوى فتيان تحت السن القانونية. أي غير مسؤولين، قانونيا، وفي الوقت نفسه أن “هوى” العداء لخالد، وما ومن يمثل، حالة عامة في البيئة الحاضنة.

في العام 2001، طلب أحد الباحثين الإسرائيليين لأغراض أكاديمية، من 84 طفلاً إسرائيلياً أن يكتب كل منهم رسالة الى طفل فلسطيني يتصور أنه يعرف عنوانه ويريد أن يقول له شيئاً، بهدف التعرف إلى مشاعرهم تجاه الأطفال الفلسطينيين. من العينات، وهي متشابهة في عدوانيتها، رسالة من طفلة عمرها 9 سنوات، أرفقتها برسم لشارون وهو يحمل رأس طفلة فلسطينية ينزف دما بين يديه، في حين أن آخر بعث برسالة إلى طفل فلسطيني: “أريد أن أشرب من دمك حين أراك”.

الحقد والتعصب والعنف صفات يكتسبها الانسان، من بيئته وعبر التربية. وهو ما انسل باستمرار من خطب الحزب وأدبياته، إلى حد نبش التاريخ، واستخراج عداء يربو عمره على 1400 سنة، ولا أحد معني به سوى نابشه.