Site icon IMLebanon

ترشيح رحمة بين المزح والجدّ

تتَّجه الأنظار إلى سيناريو جلسة 23 نيسان، ولا يمكن رصد ما سيحصل بدقّة. لكنّ تسريب إمكان ترشيح قوى «8 آذار» النائب إميل رحمة، لم يُضِف أيّ مفاجأة إلى المشهد، في ظلّ جملة معطيات حتَّمت الذهاب في مناورة المرشّح ـ التسوية النائب ميشال عون إلى النهاية.

في الخلاصة الأولى لهذه الخطوة، دلالات، أوّلها أنّ قوى «8 آذار» لم تجد مَن تُرشّحه إلى الرئاسة في وجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلّا نائباً فاز بأصوات الكتلة الشيعية، ولم ينَل في بلدته الحدّ الأدنى المطلوب ليصبح نائباً مسيحيّاً بمواصفات المنافسة. في المعلومات، أنّ جعجع ضحكَ كثيراً عند سماعه باحتمال ترشيح رحمة، لأنّ الخصوم أعطوه دليلاً إضافيّاً على استخفافهم بموقع الرئاسة، فـ»حزب الله» الذي نجح بإسقاطه نائباً بالمظلة، قادر على على إسقاطه مرشّحاً رئاسياً شكليّاً، في مجلس النواب، كمرشّح مؤهل لتمثيل دور الرئيس.

ترى مصادر «القوات» أنّ هذا الترشيح إذا تبنّاه «حزب الله» وعون سيكون نسخة شبيهة لمصادرة قرار الناخبين المسيحيين في الانتخابات النيابية، ومن تركيب الكتل النيابية الوهمية، بنواب الاحتياط، ككتلة النائب طلال أرسلان على سبيل المثال لا الحصر.

وتضيف المصادر أنّ عجز الحزب عن التعامل مع الجلسة الأولى بمرشّح من الأقوياء، دفعَه إلى هذا الاستعراض، الذي إن حصلَ سيَمسّ هيبة الرئاسة ويوضح الحقيقة القائلة إنّ الحزب يُحرّك حلفاءَه المسيحيين مثلما تتحرَّك الأحجار على طاولة الشطرنج، وهذه في رأي «القوات» أكبر خدمة معنوية لجعجع أمام الرأي العام المسيحي.

وتكشف المصادر أنّ رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي عُرض عليه لعب دور المرشح الاحتياط، المكلّف التمهيد للتوافق على عون، رفضَ القيام بهذا الدور، واشترط أنّه في حال ترشّحَ في الدورة الاولى، فإنّه لن ينسحب في الدورة الثانية لا لعون أو غيره، ومِن هنا رست القرعة على أيّ نائب مسيحي يقبل القيام بدور الرئيس.

في الحسابات الأوّلية للجلسة الأولى بات شبه مؤكّد توافر النصاب، بعد ذلك سيبدأ الـ»بوانتاج» بين قوى «14 و8 آذار» والنائب وليد جنبلاط ومن يلتف حوله من نواب ينتظرون الجلسة الثانية للانخراط في التسوية.

مهما كانت نتائج هذا الـ»بوانتاج» فهو سيكون المؤشّر الأوّل على الحاجة إلى البدء بإيجاد التسويات. وسيطرح السؤال منذ الآن: متى سيُحدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي الجلسة الثانية التي ستنتخب الرئيس بأكثرية 65 نائباً؟ وما هي شروط هذا التحديد؟ وهل سيصل التفاهم الإقليمي على التهدئة في لبنان إلى حدّ إنتاج رئيس تسوية يوافق عليه جميع الأطراف؟

النزاع بين جعجع وعون سيكون مختلفاً هذه المرّة. الأوّل يريد أن يكون رئيساً أو ناخباً، وقد تحقّق جزء من أهداف ترشيحه. أمّا الثاني فلا يريد إلّا أن يكون الرئيس، وهو يعمل لتحقيق هذا الهدف بلا كَلل، لكنّه لم يوفّق في تقديم نفسه رئيساً توافقياً بسبب عمق ارتباطه بـ»حزب الله»، وعدم قدرته على التملّص من التزامات، لا يُفترض بأيّ رئيس توافقي أن يلتزمها، خصوصاً إذا كانت تتعلّق بسلاح يقاتل في سوريا، وبسلاح خارج عن الشرعية في لبنان.

لم ينجح عون في تسويق نفسه على أنّه رئيس على مسافة واحدة من الجميع، وكلّ الاجتماعات التي عقدها مع سفراء عرب وأوروبّيين ومع السفير الاميركي ديفيد هيل، لم تفضِ إلى إقناع أحد بأنّه قادر على الابتعاد، ولو لمسافة بسيطة، عن مشروع «حزب الله». أمّا الإشارات الداخلية التي أعطاها في مجلس النواب، فهي غير صالحة كأوراق رئاسية عند الناخبين الكبار، الذين لا يتوقّفون عند الخطوات التكتية الانتخابية. الجميع يريد منع إيران من الفوز في الانتخابات الرئاسية في لبنان، وهذا ما سيُنتج في النهاية رئيس تسوية، سواءٌ أتى ذلك بعد فراغ، أو حصل في الموعد الدستوري.