Site icon IMLebanon

تسليم إسلامي بالمرجعية المسيحية في الرئاسة

نتائج أولية مشجعة لعودة الحريري

تسليم إسلامي بالمرجعية المسيحية في الرئاسة

ظهر من النتائج العملية الاولى لعودة رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الى لبنان بعد اكثر من ثلاث سنوات من الغياب، ان المهمة الرئيسية التي يستثمر جهده لإتمامها، هي إبعاد الشارع السني اللبناني عن تأثيرات المحيط المتفجر بظواهره المتطرفة البعيدة عن كل التقاليد والاعراف ونمط العيش اللبناني.

ويسجل الوسط السياسي في قوى «8 آذار» للحريري «تمكنه في الفترة الوجيزة منذ عودته من تحقيق نتائج اولية على صعيد تكّريس التوجه الوطني ـ اللبناني ـ العروبي لشارعه من بوابة دينية صرفة وهي دار الفتوى، وذلك عبر:

اولا، الاشراف المباشر على انتخاب المفتي الجديد للجمهورية برعاية سعودية، بعدما برزت في فترة غيابه الطويلة عن لبنان ظواهر اسلامية على الساحة السنية، وحتى داخل دار الفتوى، لعبت على التناقضات والخلافات التي حصلت لكي تبني لها موقعا متقدما داخل الدار وفي كل المؤسسات والدوائر التابعة له، لذلك كان لدوره في تثبيت النهج التاريخي لدار الفتوى نتائج كبيرة على المستوى السياسي سجّلت في خانة الايجابيات على الصعيد الاسلامي.

ثانيا، الاصرار على ابقاء دار الفتوى ضمن خط الاعتدال والانفتاح والحوار مع المكونات الشريكة في الوطن، اذ ان تدخل الحريري المباشر جنب محاولة اخذ هذا الموقع الى مسار آخر، وهو ظهر كرأس حربة في الحفاظ على موقع دار الفتوى في الموقع الاسلامي المعتدل والوطني الميثاقي.

ثالثا، الضغط باتجاه اجراء انتخاب المفتي الجديد، حيث نجح في قطع الطريق امام محاولات استمرت لفرض تعايش بين تيارات متناقضة داخل دار الفتوى، لذلك يسجل للحريري انه قاد معركة الدفاع عن الموقع الوطني لدار الفتوى.

رابعا، اعادة لمّ شمل الساحة السنية بمواجهة التطرف، وهذا كان من اول نتائج انتخاب مفتي الجمهورية الجديد، ولكن النتائج التي ستظهر لاحقا ستتمحور حول عزل الخطاب السياسي والديني المتطرف على الساحة السنية، وفي ظل هذا الواقع الجديد تصبح القيادات السنية التي تبني زعامتها عبر الاستثمار على التطرف وخوف الناس، معزولة ومهمّشة، والقيادات السنية التي تبني زعامتها عبر العمل السياسي ستأخذ دورها عبر العودة للانضباط في اطار الاعتدال، وهذا ما برز من مواقف بعض النواب الذين سارعوا للتبرؤ من مواقف سابقة».

الواضح ان ما تحقق حتى الآن يبعث على التفاؤل ويؤشر الى نوايا ايجابية يمكن البناء عليها في مسار وطني قابل للترسّخ والنمو في ظل اجواء بعيدة من العنف في الخطاب السياسي او الديني، استنادا الى تهدئة سياسية واعلامية تواكب المرحلة الجديدة بكل صعوباتها وحواراتها المحتدمة حول الملفات الداخلية المطروحة، والتي يتأثر الموقف حيالها بالبعد الاقليمي والموقف مما يجري في المحيط، لا سيما في سوريا.

هل من ربط بين عودة الحريري والاستحقاق الرئاسي؟ عملياً، لو كان هناك من رابط مباشر، لكانت العودة تمت قبل ذلك، اذ سنحت للحريري فرصة مماثلة وهي متابعة تنفيذ الهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وكان بامكانه في حينه العودة تحت هذا العنوان لانه سبب وجيه لعودته، بينما الآن هناك هبة بقيمة مليار دولار، لذلك لا ربط بين العودة والرئاسة الا في ما يحصل على هذا الصعيد، من تطورات داخلية ببعدها المسيحي واقليمية ودولية ببعدها التفاوضي الايجابي. والحريري يعلم، كما كل القيادات الاسلامية، ان هذا الاستحقاق الرئاسي اولا واخيرا ملف مسيحي له تعقيداته المارونية من حلقة الاقطاب الاربعة، وما لم يبرز اي تطور على الصعيد المسيحي يصب في اتجاه حل العقد، فان الزعماء المسلمين لا يمكنهم التدخل مباشرة لمصلحة تسمية شخصية او اخرى.

فما الذي تغير لكي تصبح هذه المعادلة الجديدة بأرجحيتها المسيحية قائمة؟ يمكن ردّ ذلك إلى ان الظرف الراهن يشكل حساسية عند المسيحيين ومرجعياتهم الدينية والسياسية، بسبب ما يعاني منه المسيحيون في المنطقة من تهجير واقتلاع واضطهاد وتطهير ديني وعرقي، وقد يكون الرئيس الحريري، كما الرئيس نبيه بري والمرجعيات داخل الصف الاسلامي، عوامل مساعدة بما يمثلونه نيابيا وشعبيا، ولكن ليس على قاعدة الحلول مكان الشريك المسيحي.