Site icon IMLebanon

تصحيح الأخطاء القاتلة لـ«السلسلة».. بزيادة بين 20 إلى 25%

صارت سلسلة الرتب والرواتب مناسبة لخلط فاضح بين الحقوق والمطالب والإمكانات.. غير أن الأفدح استمرار انسحاب السلطة من مسؤولياتها منذ 16 عاما، فكان أن وصلنا إلى مأزق الامتحانات الرسمية، فيما تتجه الأمور نحو التئام الهيئة العامة لمجلس النواب غداً، وبالتالي سنكون أمام احتمال إقرار «السلسلة» ولو مشوهة.

يوضح خبير في الإدارة العامة لـ«السفير» أن مشروع السلسلة الذي تقدمت به اللجنة النيابية الفرعية ينطوي على التمييز والأخطاء والتناقضات، سواء لجهة جداول السلاسل أو لجهة الإصلاحات والضرائب المقترحة.

كيف بدأت قصة «السلسلة»؟

يجزم الخبير أن إشعال فتيل «السلسلة» لم يبدأ مع إقرار سلسلة القضاة في العام 2010، ثمّ لاحقاً سلسلة الجامعيين كما صار راسخا في أذهان الرأي العام، بل قبل ذلك عندما أعطت الحكومات المتعاقبة 12.5 درجات استثنائية للمعلمين الثانويين والابتدائيين بعد إقرار السلسلة الأولى في العام 1998، وذلك تحت وطأة الإضرابات السنوية المتلاحقة، خصوصاً قبيل إجراء الامتحانات الرسمية، ما جعل راتب الأستاذ الثانوي يقترب من راتب القاضي أو الأستاذ الجامعي، الأمر الذي دفع بالقضاة والجامعيين إلى المطالبة بسلسلة رواتب جديدة لهم، وهكذا بدأت المطالب تتدحرج وتتسعّ ككرة الثلج، حتى وصلت إلى الوضع الذي نحن عليه اليوم.

وبلغة الأرقام يوضح أنه نتيجة إقرار سلسلة الرواتب في العام 1998، كان راتب القاضي أو الأستاذ الجامعي 2150000 ل.ل، فيما كان راتب الأستاذ الثانوي 860000 ل.ل، أي أقلّ من النصف، ومع إعطاء الدرجات الاستثنائية المذكورة تقلّص الفارق كثيراً. ويضيف الخبير أن الفارق بين مجموع راتب الأستاذ الجامعي ومجموع راتب الأستاذ الثانوي لم يكن في يوم من الأيام 6 درجات كما يدأب البعض على القول، بل كان أكثر من ذلك بكثير، فالمعادلة كانت قبل إقرار السلسلة في العام 1998، التي دمجت فيها التعويضات في أساس صلب الراتب على الشكل التالي:

راتب الأستاذ الثانوي = أساس الراتب + 60% علاوة تعليم.

راتب الأستاذ الجامعي = أساس راتب الأستاذ الثانوي + 6 درجات + 60% علاوة تعليم + 50% علاوة تفرغ + 15% بدل أبحاث، أي كان مجموع راتب الأستاذ الجامعي ما يزيد عن ضعفي راتب الأستاذ الثانوي.

ويشير الخبير إلى أن الأساتذة الثانويين، قد نالوا حتى الآن نسبة 120% التي ما انفكّوا يطالبون بها، بفعل الدرجات الاستثنائية وغلاء المعيشة في العامين 2008 و2012.

(1900000) (الراتب الحالي) ـ 860000 (راتب السلسلة في العام 1998)/ 860000= 120%.

والأمر نفسه ينسحب على أساتذة التعليم الأساسي والمتوسط.

أما نسبة الزيادة على راتب الأستاذ الثانوي وفق سلسلة اللجنة الفرعية الأخيرة فبلغت منذ العام 1998:

(2200000 ـ 860000) / 860000 =155.8 %

فيما نسبة الزيادة على الراتب الجامعي قد بلغت بعد السلسلة:

(3700000 ـ 1850000) /1850000 = 100%.

من هنا، يوضح الخبير بأن هناك عملية تضليل كبيرة للرأي العام وللدولة، أمّا الكارثة الحقيقية فقد حلّت برواتب العسكريين، وبنسبة أقل الفئات الإدارية (الثالثة، الرابعة، الخامسة) باسثتناء الفئة الأولى. فعلى سبيل المثال، راتب الجندي قد ارتفع من 900000 (الراتب الحالي) إلى 950000 وفقاً لسلسلة اللجنة الأخيرة، أي بزيادة 50000 ل.ل، وراتب الملازم وهو (فئة ثالثة) قد ارتفع وفقاً لسلسلة اللجنة نفسها من 1300000 (الراتب الحالي) إلى 1350000 ل.ل أي خمسين ألف ليرة أيضاً، وتكون النسبة المئوية التي حصل عليها منذ العام 1998:

(1350000 ـ 860000) / 860000 = 56 %.

أما أساس راتب العميد، فبعد أن كان تاريخياً يفوق راتب القاضي والأستاذ الجامعي ويعادل راتب الفئة الأولى تقريباً، زاد وفقاً للسلسلة 250000 ل.ل. فتكون النسبة المئوية التي حصل عليها منذ العام 1998:

(2900000 ـ 2150000)/ 2150000 = 34.8 %

فيما حصل موظف الفئة الأولى في الأسلاك الإدارية على ما يفوق 100% (أربعة ملايين + 4 درجات استثنائية)، مع الاشارة الى ان الموظف من الفئة الاولى قد يحال على التقاعد في الدرجة 16، فيما العميد يحال على التقاعد بالدرجة 5 كحد أقصى، كون الضابط يستحق هذه الرتبة وهو في الـ52 من عمره كحد ادنى ويحال حكماً على التقاعد في الـ 58 من عمره، «وهكذا شكّل جدول اللجنة الاخيرة انقلاباً على سلسلة لجنة المال والموازنة، وبالتالي يستنتج وجود محاولة واضحة للنيل من مكتسبات العسكريين ومعنوياتهم وليس إعطاء سلسلة لهم، بما يشكّل تنكّراً لآلاف عائلات الشهداء والمعوقين والعسكريين في الخدمة الفعلية، ولدور الجيش وباقي المؤسسات الأمنية»، على حد تعبير الخبير الاداري.

أمّا قول البعض بأن هناك بعض التعويضات المتممة للراتب لدى العسكريين، «فهذه التعويضات الزهيدة التي لا تكفي اجور تنقل العسكري بين أطراف البلاد، يقابلها بدل ساعات إضافية لدى المعلمين والإداريين، فضلاً عن عدم إمكانية العسكري ممارسة أي عمل مأجور بحكم ظروف خدمته والقوانين الصارمة المطبقة عليه، كما أنه لا يمكن أن تقارن التعويضات المذكورة على الإطلاق، بطبيعة حياة العسكري وتضحياته والأخطار التي يتعرض لها، وساعات العمل التي يقضيها في الخدمة بعيدا عن عائلته، فلو أردنا إلغاء هذه التعويضات وإعطاء العسكري مقابلها بدل ساعات إضافية (120 ساعة في الميدان أسبوعياً) لأستحق أن يكون راتب العسكري 15 ضعفاً راتب المعلّم الذي يدرّس عشر ساعات في الأسبوع كمعدل سنوي، وخمسة أضعاف راتب الإداري الذي يعمل 30 ساعة في الأسبوع كمعدل سنوي، فهل تستطيع الدولة إذ ذاك تحمّل أجور العسكريين العادلة»، يسأل الخبير نفسه؟

بالنسبة إلى الضرائب، يشير الخبير الى انه لا مشكلة عموماً في هذا الاطار، لكنه يلفت الانتباه إلى ضرورة التركيز على تفعيل أجهزة الرقابة والتفتيش وضبط الجباية والإنفاق غير المجدي، وتحسين آليات تنفيذ القوانين الناظمة، لا سيّما منع احتكاك المواطن بالموظف إلى أكبر قدر ممكن، لوقف الرشى ومزاريب الهدر في جميع المرافئ والإدارات، ولعلّ أولى هذه الخطوات تبدأ من تخصيص شركة الكهرباء التي باتت خسائرها السنوية تقارب 3500 مليار ليرة أي نصف العجز العام.

ويختم الخبير بالدعوة إلى التمسك بقاعدة الفئات الوظيفية لتحديد اساسات الرواتب كما هو معمول به في دول العالم شتى، وكما عُمل به تاريخياً في لبنان، مقترحاً إلغاء السلسلة برمتها وإعطاء زيادة جديدة لجميع موظفي القطاع العام بنسبة تتراوح بين 20 الى 25 في المئة، ووقف بدعة الدرجات الاستثنائية نهائياً، والتشديد على عدم المسّ بحقوق الأجهزة العسكرية والأمنية التي تشكّل الضمانة الوحيدة والأخيرة لبقاء الوطن.