تعطيل الانتخابات الرئاسية يرتّب أخطاراً حقيقية على البلاد: التمديد للبرلمان وتعذّر دفع الرواتب وتعطيل السلسلة
على أهمية الإجراءات الاستبقاقية للأجهزة الامنية في إحباط المخططات التفجيرية الانتحارية، والتي بيّنت جهوزاً عالياً لدى القوى الامنية والعسكرية، الا ان الاجراءات لا تقلل من حجم التحديات والمخاطر الامنية التي تتهدد الساحة الداخلية في محاولة لتحويل لبنان إلى ساحة متفجرة متأثرة بإمتدادات الازمة السورية من جهة والأحداث العراقية من جهة أخرى، والارتباط الوثيق بينهما وبين إنخراط “حزب الله” في الحرب السورية.
وعلى رغم حرص رئيس الحكومة تمام سلام على أن يأتي ملف إنتخاب رئيس جديد للجمهورية متقدماً على اي موضوع آخر، حتى الموضوع الامني، فإن الاحداث الامنية الاخيرة أعادت الامن إلى واجهة الاهتمام في ظل تكشف عدد غير قليل من الخلايا النائمة التي نشطت في أكثر من إتجاه وعلى أكثر من هدف. ولعل هذا الملف شكّل الحافز الاكبر لتفعيل عمل الحكومة وتجاوز أزمة توليها صلاحيات رئيس الجمهورية. فقد تم التوافق على الآلية التي ستعتمد والتي على اساسها إنعقد مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، فيما علم أن الرئيس سلام وجه السبت الماضي دعوة للوزراء الى جلسة الخميس المقبل وتم توزيع جدول الاعمال على الوزراء بموجب الآلية المتفق عليها. وعلم أن الجدول حفل ببنود معلقة لكنه لم يقارب أياً من الملفات الشائكة في انتظار حصول التفاهمات حولها.
وبحسب مصادر وزارية مطلعة،فإن المجلس سيتناول في جلسته المقبلة ملف أساتذة الجامعة اللبنانية الذي سبق أن تم التفاهم عليه ثم سقط قبل يومين من الجلسة السابقة، وحتى الآن لم يتم التوصل الى اتفاق في شأنه.
لا يخفي زوّار رئيس الحكومة قلقه من التأخر في إنجاز الاستحقاق الرئاسي رغم التوافق السياسي على تسيير عمل الحكومة، نظرا الى المخاطر التي يحملها هذا التأخير على الاوضاع العامة في البلاد بمختلف وجوهها السياسية والامنية والاقتصادية والمالية.
فاستمرار تعثر انتخاب الرئيس، سينعكس بحسب ما ينقل الزوار عن سلام، على ملف الانتخابات النيابية الذي سيفرض في المهلة القصيرة الفاصلة عن إنتهاء الولاية الممددة للمجلس النيابي تمديدا جديدا، مع ما يحمله مثل هذا الامر من تمديد للأزمة ولكل الملفات العالقة.
ويرى سلام أن البلاد مقبلة على مجموعة من الاستحقاقات والتحديات التي بدأ وزير المال علي حسن خليل يدق ناقوس الخطر في شأنها، وتتمثل في ملفات اساسية تحتاج إلى معالجات فورية، وكان سبق لـ”النهار” أن أشارت اليها:
– تغطية الحاجات التمويلية للخزينة في ظل استنفاد الاعتمادات الكافية لتغطية حاجات القطاع العام، ولا سيما في مجال الرواتب والاجور، إذ ان الاعتمادات المتوافرة كفيلة بتغطية شهر تموز فقط. ويحرص وزير المال على التمسك بموقفه الرافض اللجوء الى سلفات من دون وجود قانون يغطي الانفاق.
– بلوغ الخزينة سقف الاستدانة المتاح في قانون الاجازة للحكومة الاستدانة وتعذّر اللجوء الى اصدارات جديدة في ظل نفاد مفاعيل قانون الاجازة مطلع تموز. الامر الذي يتطلب تجديد مفاعيل القانون، وهذا خاضع لقرار الكتل النيابية في مجلس النواب التي قد ترفض تجديد قانون الاستدانة او اقرار قانون انفاق جديد قبل تسوية أزمة الانفاق من خارج القاعدة الاثني عشرية، والتي شكلت ازمة في الاعوام الماضية لم تجد طريقها الى الحل بعد.
– ملف سلسلة الرتب والرواتب المرتبط بشكل وثيق بمشروع قانون موازنة السنة الجارية، بإعتبار أن أي إقرار للسلسلة سيتطلب تعديلا في أرقام الموازنة. وليس في الافق ما يؤشر لنضج توافق سياسي حول هذا الموضوع.
والاهم ان عدم اقرار السلسلة يعني عدم تصحيح الامتحانات الرسمية، أي اللجوء الى الافادات بدلا من الشهادات.
– ملف النفط العالق بفعل عدم اقرار مرسومي الترخيص في مجلس الوزراء، علما أن تأخر إقرار المرسومين سيؤدي الى تعطيل اطلاق مناقصة التنقيب عن النفط التي كانت مقررة في آب المقبل.
وعليه، فإن الحكومة والمجلس النيابي سيكونان امام مجموعة تحديات مالية واقتصادية واجتماعية، ولا يبدو في ظل المناخ الامني المتأزم والتعثر في معالجة الملف الرئاسي، أن ثمة اهتماما ولو بالحد الادنى بالتعامل بجدية معها رغم المخاطر المالية الخطيرة التي تنطوي عليها.