Site icon IMLebanon

تفجير غامض يبيد قيادة «أحرار الشام»

في حدث هو الأبرز من نوعه منذ بدء الحرب السورية، استهدف انفجار لم تتضح ملابساته بعد، اجتماعاً سرياً «رفيع المستوى» في ريف إدلب، ضم أبرز قادة «حركة أحرار الشام الإسلامية»، وأسفر عن مقتل العشرات منهم، وعلى رأسهم زعيمها حسان عبود

ضغطة زر كانت كفيلة بتقويض أقدم تنظيم «جهادي» سوري. تفجير غامض، استهدف المقر الرئيس لـ«حركة أحرار الشام الإسلامية» في بلدة رام حمدان (ريف إدلب الشمالي) أمس، وأدى إلى مصرع العشرات من كوادرها، وعلى رأسهم «أميرها» حسان عبود (أبو عبد الله الحموي)، الذي يشغل أيضاً منصب «رئيس المكتب السياسي في الجبهة الإسلامية»، و«الشرعي العام للحركة» محمود طيبا (أبو عبد الملك الشرعي)، الذي يشغل أيضاً منصب «رئيس الهيئة الشرعية في الجبهة الإسلامية».

وتداولت مصادر إعلامية «جهادية» نعياً بدا صادراً عن «الجبهة الإسلامية» اتخذ شكل بيان مقتضب، وجاء فيه «بنفس راضية ومحتسبة تنعى الجبهة الإسلامية للأمة الإسلامية وشعب سوريا الصابر ابنهما البار أبا عبد الله الحموي حسان عبود». ووفقاً للبيان، فقد قُتل مع عبود كلّ من أبو يزن الشامي (محمد الشامي، عضو مجلس شورى الجبهة الإسلامية)، أبو طلحة الغاب، أبو عبد الملك (الشرعي العام)، أبو أيمن الحموي، أبو أيمن رام حمدان (مسؤول مكتب التخطيط العسكري للحركة)، أبو سارية الشامي، محب الدين الشامي، أبو يوسف بنش، طلال الأحمد تمام، أبو الزبير الحموي (أمير قطاع حماه)، أبو حمزة الرقة، وآخرين». فيما أضافت مصادر «جهادية» إلى القائمة أبو طلحة العسكري «القائد العسكري للحركة»، وأبو الخير طعوم، وأبو يوسف بنش (أحمد يوسف بدوي، أمير قطاع إدلب)، وأبو عمر الحموي (نور الدين) شقيق عبود. المصادر أكدت أن الحصيلة الأولية للتفجير كانت 45 قتيلاً، من بينهم 20 قيادياً وشرعياً. وتداولت صفحات «جهادية» على موقع «تويتر» صورة لعبود يظهر فيها «بجسد سليم»، الأمر الذي اعتبره بعض قياديي المعارضة ونشطائها «دليلاً على استعمال سلاح كيماوي في العملية». وتزامن ذلك مع سريان رواية ثانية، تقول إن استهداف الاجتماع تم بواسطة قصف جوي مُركّز استهدف المقر، وليس بتفجير كما أفادت الرواية الأولى. وفي انتظار الكشف عن مزيد من التفاصيل، يبدو واضحاً أن العملية استندت إلى معلومات دقيقة حول مكان وزمان الاجتماع الذي تم استهدافه، والذي أكدت المصادر أنه «اجتماع سري في المقر صفر». واللافت أن قائمة الضحايا لم تشتمل على اسم أبو العباس الشامي (محمد أيمن موفق أبو التوت) الذي تؤكد مصادر «جهادية» أنه المؤسس الفعلي لـ«أحرار الشام». ولم يتضح ما إذا كان أبو التوت حاضراً الاجتماع المذكور، والذي يبدو مستغرباً أن يُعقد في غيابه، نظراً للثقل الذي يُمثله داخل الحركة، ولأهمية الاجتماع، وفق تأكيدات المصادر. كواليس «الجهاديين» انشغلت بتقديم تحليلات مختلفة لخفايا الاستهداف، صبت جميعها في خانة «المؤامرة». مصدر من داخل «الجبهة الإسلامية» قال لـ«الأخبار» إن «منطقة الاغتيال تُعتبر منطقة نفوذ قوي لشراذم جمال معروف (قائد جبهة ثوار سوريا)». المصدر لم يستبعد «ضلوع خبراء أجانب في عملية الاغتيال». ولم تستثن بعض التحليلات قادة «الجبهة الإسلامية» من الاتهام، حيث سارع البعض إلى اتهام زهران علوش (قائد جيش الإسلام) بالضلوع في العملية، من دون تقديم أي رواية منطقية حول الدور المزعوم لعلوش. مصدر مقرّب من الأخير سارع إلى السخرية من هذه الرواية، مؤكداً أن «الشيخ علوش قد تأثر تأثراً كبيراً باستشهاد الشيخ أبو عبد الله، وباقي الإخوة». المصدر أكد لـ«الأخبار» أن «قادة الجبهة الإسلامية قد سارعوا إلى إصدار أوامرهم بتشكيل لجنة تحقيق مختصة، تتولى جمع الأدلة، وتقصي الحقائق للوقوف على حقيقة ما حصل». المصدر أكد أن «الشبهات محصورة في النظام (السوري) وداعش». وأضاف «وعلى العموم فإن كلاهما وجهان لعملة واحدة». ومن شأن هذه المستجدات أن تتسبب في تفكك «أحرار الشام» بالكامل، وفي سجل الأزمة السورية حادثة مشابهة، تمثلت بمصرع «القائد العسكري للواء التوحيد» عبد القادر الصالح (حجي مارع)، والذي كان مقتله كفيلاً بتحجيم دور «التوحيد»، وصولاً إلى شبه انهيار تام.

وتُعتبر «حركة أحرار الشام» صاحبة شبكة متداخلة من العلاقات الاستخباراتية. وسبق لحسان عبود أن أكد أنها «سبقت في نشأتها الجيش الحر، حيث تمَّ تشكيلها في شهر أيار عام 2011، ولكنها استمرّت بإعداد خلاياها سراً حتى لحظة الإعلان عن تشكيل الكتائب في نهاية عام 2011». وكانت «الحركة» في مرحلة سابقة واحدة من أغنى الجماعات المسلحة في سوريا، وهي أكبر المجموعات التي ساهمت في بسط السيطرة على مدينة الرقة، قبل أن تنسحب منها إثر سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» عليها. وقامت «الحركة» حينها بالسيطرة على مقرِّ البنك المركزي والذي قُدرت الأموال الموجودة فيه حينها بخمسة مليارات ليرة سورية. كما تحتفظ بعلاقات استثنائية مع «جبهة النصرة»، ويمكن اعتبارها وجهاً آخر لها. واضطلعت «أحرار الشام» بدور أساسي في الحرب التي شنتها «الجبهة الإسلامية»، و«جبهة النصرة» ضد «داعش». وكان لاغتيال أحد أبرز قادتها محمد بهايا (أبو خالد السوري، الذي كان مندوب زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في سوريا) عاملاً مؤثراً في تأجيج «الحرب الأهلية الجهادية».

وكانت «أحرار الشام» أوّل من استقبل «جهاديين» من خارج البلاد، تحت مسمى «المهاجرين». وقد وضعت لنفسها «نهجاً جهادياً» مزجت فيه خُلاصات من مختلف «المدارس الجهادية»، مثل «الطليعة المقاتلة»، و«تنظيم القاعدة»، وسواها. وتؤكد مصادر «جهادية» لـ«الأخبار» أن «في عنق الشهيد أبو عبد الله الحموي بيعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري»، وسبق للأخير أن وضع في إحدى كلماته كلّاً من عبود، وأبو بكر البغدادي، وأبو محمد الجولاني على قدم المساواة. وكان عبود واحداً من «الإسلاميين» المعتقلين في سجن صيدنايا، الذين أُفرج عنهم في حزيران 2011.