برز تطور لافت بعد ظهر أمس من شأنه أن يرخي بظلاله على الوضع في المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً، ولا سيما لجهة السير قدماً في الاستحقاق الرئاسي، وتمثل باعلان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل توجيه دعوة لوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لزيارة السعودية واستعداد الرياض لاستقباله في اي وقت يراه مناسباً، وتأكيده ان “المملكة جاهزة للتفاوض والحديث مع ايران”، وكان وزير الخارجية الايراني ادلى بتصريح في مسقط جاء فيه “يتعين على ايران والسعودية العمل معاً من أجل السلام والاستقرار في المنطقة”، مؤكداً استعداده لزيارة السعودية.
وليس سراً ان تقارباً ايرانياً مع السعودية من شأنه ان ينعكس ايجاباً على الاوضاع في لبنان، بدءاً بازالة العقبات التي تعترض اجراء الانتخابات الرئاسية، وقد وصفت مصادر سياسية لبنانية هذا التطور بأنه “عنصر مهم ويشكل حدثاً كبيراً”، وبدت واثقة من انعكاسه المباشر على الاستحقاق الرئاسي، وإن تكن في الوقت نفسه، تجزم بأن لا انتخابات رئاسية قبل الخامس والعشرين من الشهر الجاري موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وأن جلسة غد الخميس لن تكون أفضل من سابقاتها وستنتهي الى تأجيل آخر في غياب أي تطور محلي أو تغيير في المواقف، وفي ظل استمرار التكتلات النيابية في تحالف 8 آذار بالامتناع عن حضور الجلسات التي يدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري وتعطيل النصاب القانوني لكل منها، باستثناء الجلسة الاولى التي ا كتمل نصابها، ولكن نواب 8 آذار اقترعوا بأوراق بيضاء ولم يستبقوا انعقاد تلك الجلسة باعلان مرشحهم للرئاسة، ولا يزال الوضع على حاله وان يكن معروفاً أن مرشح 8 آذار – حتى إشعار آخر – هو رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، تماماً كما هي حال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي يبقى – حتى إشعار آخر – مرشح قوى 14 آذار، مع فارق غير بسيط هو ان جعجع اعلن ترشحه، وعون لم يفعل ذلك “رسمياً”. واما استمرار امتناع تكتلات 8 آذار عن اعلان مرشحها، فيعني استمرارها في التغيب عن الجلسات، وبالتالي تعطيلها، وهي تهمة تجمع على توجيهها تكتلات قوى 14 آذار متسائلة عن النتيجة سوى الدفع في اتجاه الفراغ؟
وتقول مصادر إحدى الكتل الوازنة في 14 آذار لدى سؤالها عن الفرق بين عدم اعلان الترشح وتقديم مرشح غير مقبول: “ان الفرق كبير جداً، فعدم اعلان المرشح والتغيب يعنيان استمرار التعطيل”. وفي الوقت نفسه تبدي هذه المصادر “عدم تمسك” بترشيح جعجع حصراً اذ تدعو الكتل النيابية في 8 آذار الى اعلان مرشحها، وتخص بالذكر الكتل المسيحية خصوصاً، وتدعوها الى تفاهم بالحد الادنى على أي مرشح.
واذا كان المرشح الأبرز، بل الوحيد في 8 آذار العماد عون ينتظر نتيجة اتصالاته ولا سيما مع الكتلة الاكبر في مجلس النواب، وهي كتلة “المستقبل” فإن مصادر قريبة من تلك الكتلة تؤكد أن الاتصالات الجارية بين الطرفين، لم تسفر في الشق المتعلق بالاستحقاق الرئاسي، سوى عن الدعوة الى تجنب الفراغ. وتقول إن دعوة الرئيس سعد الحريري التكتلات النيابية المسيحية الى تفاهم على مرشح وان بالحد الادنى، إنما تؤكد انفتاحه على أي تفاهم من هذا النوع، وتلفت الى أن أي تفاهم بين الحريري وبري ورئيس اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، مثلا، سيدفع الى القول أن لا رأي للمسيحيين في اختيار الرئيس وان المسلمين هم من يختارونه، من هنا دعوة الحريري لعون، مباشرة ومن خلال موفده جبران باسيل (الموجود في السعودية للمشاركة في مؤتمر اقليمي ولم يعرف ما اذا كان سيلتقي الحريري) الى التفاهم مع مسيحيي 14 آذار، وهو جاهز لتأييد من يتفقون عليه، وهذا ما أبلغه موفد الرئيس الحريري، نادر الحريري الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مكرراً موقف “كتلة المستقبل” وسائر مكونات قوى 14 آذار بأنهم مع اجراء الانتخابات في موعدها وضد الفراغ “ولم نكن يوماً عقبة في وجه اجرائها، وخير دليل اننا في كل مرة نتوجه الى مجلس النواب ونحضر الجلسة، كما شاركنا في الانتخاب في الجلسة الاولى التي لم يتم تعطيل نصابها، وأن لا فيتو من الحريري على أي مرشح يتفق عليه المسيحيون، وأنه مع العمل على تجنب الفراغ في سدة الرئاسة لأن التجارب غير البعيدة تجعل تجنب الفراغ واجباً وطنياً، فالفراغ الذي اعقب انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل “أنجر” حربي التحرير والالغاء وجلب المصائب على اللبنانيين في كل المناطق، والفراغ الذي أعقب انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود “أنجز” حرب 7 أيار من “حزب الله” في بيروت ولم تنته تداعياتها الكارثية بعد. وعليه، تضيف المصادر نفسها “فإن الفراغ في نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان يبعث على الخشية من تطورات السلبية. خلاصة القول ان لا معطيات تؤكد حصول انتخابات رئاسية قريباً، وبعد 25 أيار “كلام جديد”…