أهالي المخطوفين يلوّحون بخطوات تصعيدية
تكليف متأخر للجيش بمحاصرة مسلحي جرود عرسال!
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع بعد المئة على التوالي.
انتصرت الحكومة لهيبتها وكرامتها ولو متأخرة، وقررت، بعد ثلاثة وثلاثين يوماً على خطف العسكريين على يد مجموعات إرهابية، أن تحزم أمرها وتغادر الارتباك الذي حكم تعاطيها مع هذا الملف.
وبدا واضحاً أن الجريمة الجديدة التي ارتكبها تنظيم «داعش» بإعدام أحد أبناء بلدة عرسال كايد غدادة بعد اسبوع من خطفه، وضع مجلس الوزراء أمام مسؤولياته في ضرورة ضبط الوضع في عرسال، خصوصاً أن غدادة خطف قبل أسبوع من البلدة، وهو احتمال قائم في كل لحظة يريد فيها المسلحون أن يختاروا أية رهينة من أبناء البلدة، وبالتالي، صار لزاماً أن يتقدم موضوع إبعاد المسلحين المتواجدين في جرود عرسال وتلالها ومنعهم من التواصل مع البلدة ومخيمات اللاجئين فيها، حماية للأهالي ولضيوفهم من النازحين السوريين.
وبالتوازي مع ما يتردد من شروط للمجموعات الإرهابية وآخرها اعلان «النصرة» انها لن تفرج عن أي عسكري جديد الا في اطار عملية تبادل، وانها تطالب بالافراج عن 15 موقوفاً اسلامياً (في رومية) مقابل كل جندي لديها (عندها 13 عسكرياً ودركياً)، جاء قرار الحكومة حاسماً بطي فكرة المقايضة مع المجموعات الإرهابية نهائياً، وكذلك رفض التفاوض معها، وحصر الأمر بدول لها علاقة وتأثير على تلك المجموعات، كما حصل في قضيتي أعزاز والراهبات.
وتسللت الى أرجاء قاعة مجلس الوزراء صرخات ذوي العسكريين المخطوفين الذين كانوا معتصمين امام السرايا الحكومية للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم، حيث دعوا الزعماء السياسيين ونواب الأمة الى اتخاذ القرار الجريء بالإفراج عن المخطوفين، محذرين من حصول «فتنة كبيرة» إذا ما حصل أي شيء لأولادهم، وأمهلوا الحكومة 24 ساعة لهذه الغاية.
وفيما أفيد أن رئيس الحكومة تمام سلام سيلتقي اليوم وفداً من الأهالي، بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق، فضلاً عن دعوة خلية الازمة للبحث في الخطوات التي يمكن سلوكها في هذا الملف، اعلنت لجنة المتابعة لأهالي العسكريين المخطوفين عقب اجتماع عقدته، ليل امس، قرارها بعدم النزول الى السرايا الحكومية وبرفض الاجتماع برئيس الحكومة واللجنة الوزارية المكلفة متابعة موضوع العسكريين، «لأن لا ثقة ولا فائدة من هذا الاجتماع»، كما أورد مراسل «السفير» في البقاع نقلاً عن أحد أعضاء اللجنة التي اعطت الدولة اللبنانية مهلة يوم مفتوحة على احتمال القيام بخطوات تصعيدية ستشمل المناطق اللبنانية كافة وتحديداً بيروت.
وإذا كانت الحكومة في جلستها الأمنية، أمس، أكدت تضامنها ووحدة موقفها حيال أمن العسكريين المخطوفين وذويهم، فإن اللافت للانتباه هو تأكيدها قرار تكليف الجيش اللبناني والقوى الأمنية اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضبط الوضع في عرسال ومحيطها وتحرير العسكريين.
وبرزت في مستهلّ الجلسة مداخلة مطوّلة قدّمها رئيس الحكومة تمام سلام، وعرض فيها كل الجهود المبذولة من قبله بالتنسيق مع وزير الداخلية لتحرير العسكريين، قبل أن يطلب الوزير محمد فنيش الكلام فقدم مداخلة دعا فيها الحكومة الى أن تحزم أمرها، داعياً الى توفير الدعم الكلي والجدي للجيش اللبناني وتمكينه من أداء دوره والقيام بمهامه، وأكد أن منطق المقايضة او التبادل مرفوض، وبالتالي لا بد من القيام بكل ما يلزم لاسترداد العسكريين من أيدي المجموعات الإرهابية، وهذه مسؤولية الجميع من دون استثناء.
وأضاف فنيش: «الدولة اللبنانية ليست في موقع ضعف بل تملك الكثير من أوراق القوة التي يمكن أن تستخدمها في مواجهة المجموعات الإرهابية، وصولاً الى اتخاذ القرارات الحاسمة».
ووصف فنيش الوضع القائم في عرسال بأنه «ليس طبيعياً، وصار من الضروري معالجته بما يحفظ البلدة واهلها، ويمنع المجموعات الارهابية من استباحتها واستخدامها كملاذٍ لها، فالمسلحون يدخلون ويخرجون ساعة يشاؤون (عقب أحد الوزراء بالقول إن الارهابيين يعتبرون عرسال «إمارة» قائمة بذاتها ولكن من دون إعلان).
وأكد فنيش أن العلاج الحقيقي «يكمن في فصل عرسال عن الجرود التي ينتشر فيها المسلحون، لأن استمرار التواصل بعناوين إنسانية معناه بقاء الأمور مفتوحة على التوترات.
وطلب وزير الداخلية نهاد المشنوق من مجلس الوزراء الإجابة على ثلاثة اسئلة: هل تريدون المقايضة؟ هل تريدون التفاوض؟ اذا قررنا الفصل بين عرسال والجرد فيجب أن يتم اخراج النازحين من البلدة، فما هو موقف مكوّنات الحكومة وإلى اين يتم نقل النازحين؟
وستشكل الزيارة التي يقوم بها وزير الداخلية الى الدوحة نهاية الاسبوع الحالي، ويرافقه فيها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مناسبة لإثارة قضية العسكريين. وقال المشنوق لـ«السفير»: إن مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي انعقد مطلع السنة في مراكش شكل لجنة وزارية مهمتها وضع الأسس لجائزة الامير نايف بن عبد العزيز، ولبنان عضو فيها والزيارة تأتي في هذا السياق، لكن من الطبيعي أن يكون موضوع العسكريين المخطوفين محور متابعة، فنحن لن نترك باباً إلا وسنطرقه مع الدول التي يمكن أن تؤثر إيجاباً على الخاطفين.
على صعيد آخر، ينتظر أن يصل الى بيروت الاسبوع المقبل مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية د.حسين امير عبد اللهيان. وقال مصدر ديبلوماسي معني لـ«السفير» إن عبد اللهيان سيلتقي قيادات لبنانية ويضعها في أجواء المحادثات الايرانية ـ السعودية، وسيركز على تحصين الوضع الداخلي والتشجيع على الحوار والتواصل للتفاهم حول الاستحقاقات الداخلية مع إبداء كل الاستعداد لمساعدة لبنان في كل ما يطلبه لا سيما على صعيد مواجهة الإرهاب.