Site icon IMLebanon

ثمن وقف النار في غزة!

إذا صح كلام عزّام الاحمد عن ان المحادثات بين محمود عباس وخالد مشعل “توصلت الى اتفاق على ان نبدأ بوقف اطلاق النار اولاً ومن ثم نبدأ النقاش مع مصر والاطراف الاقليمية والدولية حتى تتم بلورة الصيغة النهائية للتهدئة”، فهذا يعني العودة الى المبادرة المصرية التي رفضتها “حماس”، لا بل اعتبرت أنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به!

وكان عبد الفتاح السيسي قد اطلق المبادرة المصرية بعد اليوم الثالث على العدوان المتوحش والتي دعت اساساً الى ضرورة وقف إطلاق النار وكل “الاعمال العدائية” من الطرفين ثم البدء بمفاوضات تستضيفها القاهرة لتضع صيغة للحل.

لم تعترض “حماس” على كلمة “الاعمال العدائية” فحسب، باعتبار ان اسرائيل هي التي تشن العدوان على قطاع غزة، بل كان من الواضح انها تريد اتفاقاً يتجاوز وقف النار الى انهاء الوضع الخانق الذي تعاني منه والذي عجزت عن ايجاد الحلول له.

فليس سراً ان على جدول رواتبها خمسين ألف موظف لم يقبضوا رواتبهم منذ اشهر، ولا ان معبر رفح، وهو المتنفس الاساسي مع مصر، مغلق منذ اشهر بسبب تدهور العلاقات مع السيسي بعد انهيار حكم “الاخوان المسلمين” ومحمد مرسي، ولا ان الحصار الاسرائيلي مستمر في خنق غزة.

بعد مرور خمسة ايام على العدوان النازي البشع، تكشفت قدرة “حماس” النارية الصاروخية الغزيرة التي فاجأت الاسرائيليين، وهكذا ربطت “حماس” موافقتها على وقف النار بمطالب لم ترد في المبادرة المصرية التي كانت قد دعت الطرفين الى التفاوض عليها، وهي مطالب تتجاوز عملية وقف النار الى أمور اخرى تبدو مستحيلة الآن.

خالد مشعل واسماعيل هنية يقولان انه لا يمكن العودة الى الوراء بعد كل التضحيات والخسائر التي سببها العدوان، فالقتلى بالمئات والجرحى بالآلاف والدمار زلزالي، ولهذا فإن “حماس” التي تبدو انها لا تملك شيئاً تخسره، تريد وقف العدوان والامتناع عن سياسة التوغل والاجتياح والاغتيالات، وفك الحصار البحري والبري وضمان حرية الملاحة والصيد حتى ١٢ ميلاً بحرياً وإلغاء المنطقة العازلة، وإطلاق كل المعتقلين، وإسقاط كل الإجراءات والعقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين، وكل هذا يمثل بحثاً عن انتصار كبير على رغم فداحة الخسائر التي سببها العدوان!

في المقابل اسرائيل التي ناورت بقبول وقف النار راهنت على رفض “حماس” له لتستمر في حملتها الوحشية التي بدأت قبل ١٥ يوماً، واذا كانت “حماس” تعتبر صمودها انتصاراً له ثمنه فإن العدو يعتبر عدوانه انتصاراً ثمنه جعل غزة منزوعة السلاح!

لهذا لم نعد بوقف للنار بل بمفاوضة على حلول أوسع، لكن اقصى ما يمكن ان يحققه محمود عباس هو اعادة فتح معبر رفح ضمن شروط اتفاق ٢٠٠٥.