الحكومة تُعيّن الهيئة المشرفة على الانتخابات وخليل يحذر من «نفاد الرواتب في تشرين الثاني»
جرود عرسال «شبه معزولة» والجيش يتحصّن للشتاء
بينما تتواصل الخطوات المتقاطعة سياسياً وحزبياً لخفض منسوب الاحتقان الأهلي والمذهبي بقاعاً، وآخرها خطوة الإفراج أمس عن المخطوفين عبدالله البريدي وحسن الفليطي برعاية «حزب الله» بما يملك من «مَونة» على خاطفيهما من آل المصري في حورتعلا، يواصل الجيش على خط موازٍ مسار تحصين الساحة البقاعية في وجه الإرهاب المنسلّ من وراء الحدود وقد تمكّن صباح أمس من تفكيك سيارة مفخخة تحمل لوحة سورية وتحتوي مواد متفجرة بزنة 100 كلغ في محلة عين الشعب في عرسال. وعلى المسار نفسه أكدت مصادر عسكرية رفيعة لـ»المستقبل» أنّ جرود عرسال باتت «شبه معزولة» عن البلدة بحيث «لم تعد طريق الجرود سالكة أمام آليات المجموعات المسلحة ولم يتبقّ أمامها إلا بعض المعابر الضيقة التي يمكن أن يسلكها البعض على متن دراجات نارية للتسلل إلى عرسال»، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ «الجيش يعمل على تعزيز تحصيناته في المواقع المتقدمة عند المنطقة الحدودية تحسّباً لاضطرار المسلحين إلى النزول من الجرود باتجاه عرسال تحت وطأة الصقيع المرتقب في فصل الشتاء».
وإذ أوضحت أنّ «منفذ المسلحين الوحيد حالياً هو باتجاه أعالي الجرود في القلمون»، لفتت المصادر العسكرية الانتباه إلى أنّ التحصينات الجاري تنفيذها حالياً من قبل الجيش في المنطقة الحدودية إنما تأتي في سبيل «اتخاذ كل التدابير والاحتمالات الممكنة في المرحلة المقبلة لا سيما لجهة احتمال انسداد منافذ وممرات المجموعات المسلحة باتجاه القلمون ما قد يضعها مجدداً أمام خيار التقدم باتجاه عرسال».
وفي معرض نفيها ما تردد إعلامياً في الأيام الأخيرة عن اجتماعات يعقدها وفد عسكري أمني لبناني مع أجهزة الاستخبارات الأميركية في الولايات المتحدة، شددت المصادر العسكرية الرفيعة على أنّ «المسألة كناية عن دورات روتينية يُجريها عدد من الضباط في أميركا بموجب اتفاقيات التعاون بين الدولتين ولا صحة لما تردد عن اجتماعات عسكرية لبنانية – أميركية مخصصة لموضوع مكافحة الإرهاب»، وأردفت المصادر: «السلطة السياسية لم تكلّف الجيش بأي دور يلعبه ضمن إطار الحملة الدولية على الإرهاب، إلا أنّ الجيش بطبيعة الأحوال والأحداث التي تشهدها الساحة الداخلية يتولى مكافحة الإرهاب بشكل يومي في مختلف المناطق وعلى كافة الأصعدة»، لافتةً في سياق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة إلى أنّ «طائرات المساعدات العسكرية الأميركية تتوالى بوتيرة شبه يومية إلى لبنان».
وعن موجة الخطف المناطقي لا سيما منها عصابات الخطف مقابل فدية مالية، أكدت المصادر العسكرية أنّ «وحدات الجيش تضيّق الخناق على هذه العصابات وتعمل على مطاردة المدعو حسين طليس في الجرود، وهو أحد أكبر رؤوس العصابات الضالعة في الخطف المالي وكان وراء خطف المواطن أيمن صوان مطلع الأسبوع».
مجلس الوزراء
وخلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت أمس في السرايا الحكومية، تطرق رئيس الحكومة تمام سلام في مستهل الجلسة إلى «المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد وما يرافق ذلك من تحريض طائفي يصب في مصلحة التكفيريين الارهابيين الذين يهدفون إلى اشعال الحساسيات المذهبية في عرسال وسائر المناطق اللبنانية«، مستغرباً «على الرغم من وحدة الموقف في مجلس الوزراء، إقدام بعض وسائل الإعلام على استهداف الحكومة من دون الأخذ بالاعتبار ما تقوم به من جهد لوضع الأمور في نصابها ومن توفير التغطية الكاملة للجيش للقيام بواجب الدفاع عن لبنان وتحرير الجنود المخطوفين»، ودعا في المقابل «جميع القوى السياسية إلى إدراك خطورة الوضع والعمل على عدم إفساح المجال لأي إثارة أو تجاوزات في اطار الخطة الأمنية التي اعتمدها مجلس الوزراء»، مؤكداً أنه يواصل التفاوض مع قطر وتركيا سعياً لتحرير العسكريين المخطوفين، مع إشارته إلى أنّ «هناك بعض التقدم في هذا الشأن».
وإذ نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» عن رئيس الحكومة إحاطته مجلس الوزراء علماً بأنه سيزور الدوحة بعد غد الأحد «للتباحث مع القيادة القطرية في ملف العسكريين المخطوفين»، أشارت المصادر إلى أنّ سلام لفت على المستوى الميداني إلى أنّ قائد الجيش العماد جان قهوجي طمأنه إلى أنّ «الوضع في عرسال تحت السيطرة ومعنويات الجيش مرتفعة»، مشدداً في الوقت نفسه على وجوب «رفع مستوى تماسك السلطة السياسية وترجمة هذا التماسك عملياً من خلال انتخاب رئيس للجمهورية».
التضامن مع الجيش
وفي إطار تأكيد التضامن الحكومي مع الجيش، شدد وزير الداخلية نهاد المشنوق خلال الجلسة على أنّ «أي تصريح يشكك في دور الجيش وقيادته لا يعبر إلا عن رأي صاحبه ولا يمثل موقف الجهة السياسية التي ينتمي اليها والتي عبّرت عن موقفها أكثر من مرة بدعم الجيش وقيادته وسائر القوى الأمنية» في إشارة إلى وقوف كتلة وتيار «المستقبل» خلف الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية، وهو موقف أكد عليه كذلك وزير العدل أشرف ريفي أمام أعضاء مجلس الوزراء، مشدداً كذلك وفق ما نقلت المصادر الوزارية على «ضرورة توقيف قاتل المواطن فواز بزي في طرابلس وإحالته على القضاء لينال قصاصه العادل، بينما طالب الوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن بملاحقة خاطفي المواطنين في البقاع بغرض تحصيل فدية مادية لا سيما وأنّ أماكنهم معروفة».
هيئة الانتخابات
وعن مقررات جلسة الأمس التي شملت تعيين الهيئة المشرفة على الانتخابات النيابية برئاسة القاضي السابق نديم عبد الملك، أوضحت المصادر الوزارية لـ«المستقبل» أنّ القرار أتى بناءً على اقتراح وزير الداخلية تزامناً مع انتهاء المهلة القانونية لتعيين الهيئة، ونقلت عن وزير التربية الياس بوصعب «اعتراضه في بداية الأمر على القرار طالباً تأجيل بته بداعي عدم التنسيق المسبق مع تكتل «التغيير والإصلاح» حول الأسماء المنوي تعيينها في الهيئة، فلفت انتباهه المشنوق حينها إلى أنّ «التيار الوطني الحر» يؤكد وجوب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بينما تأجيل قرار تعيين الهيئة المشرفة على الانتخابات سيؤدي إلى تطييرها ربطاً بانتهاء المهلة القانونية لتشكيل الهيئة. وبناءً عليه تمت الموافقة بالإجماع على تعيين الهيئة بعد اتصالات جرت على هامش الجلسة وخلصت إلى تعديل أحد الأسماء المقترحة لعضوية اللجنة».
التحريض الإعلامي
أما على صعيد ما تم التطرق إليه خلال الجلسة حول التحريض الطائفي والمذهبي إعلامياً، أوضحت المصادر الوزارية أنّ «هذا الموضوع أثير بشكل واسع أمس بحيث تناول عدد من الوزراء أسلوب التشنيج والتخوين الذي يعتمده بعض وسائل الإعلام في البلد، لا سيما ما يتصل بمسألة التشكيك بالجيش ودوره»، ناقلةً عن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس قوله في هذا الصدد: «نحن لا زلنا موجودين في الحكومة لأنّ الطبقة السياسية فشلت في انتخاب رئيس للجمهورية ونعمل من أجل تعويض هذا التقصير، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك نرى البعض يقوم بتوجيه سهامه تجاهنا عبر بعض الوسائل الإعلامية»، وأضاف متوجهاً إلى سلام: «هل يُعقل يا دولة الرئيس أن تقوم بعض الصحف بحملة متواصلة على الجيش على مدى أربعة أيام وتقول لقائده إرحل، ومن ثم تقوم الصحيفة نفسها بحملة علينا كحكومة تخلص أيضاً إلى القول لك إرحل؟ هل يمكننا السكوت عن ذلك، ثم أين هو ذلك التضامن الحكومي الذي نتغنى به؟». هنا تدخل الوزير الحاج حسن قائلاً: نحن نؤكد تمسكنا بالتضامن الحكومي، وهذه الصحيفة لا تعبّر أبداً عن رأينا في «حزب الله»، كذلك طلب الوزير بوصعب الكلام فقال: «نحن أيضاً نؤكد ونجدد تمسكنا بالحكومة».
المالية.. والرواتب
وفي الشق المالي من الجلسة، نقلت المصادر الوزارية عن وزير المالية علي حسن خليل تحذيره من «نفاد الرواتب المتصلة ببعض الوزارات في شهر تشرين الثاني المقبل بسبب إنفاقها الأموال المرصودة في موازنتها»، مجدداً التأكيد في المقابل على أنّ أي إنفاق متصل بهذا الموضوع «لا بدّ وأن يقرّ بقانون في مجلس النواب».