وطالما أن الأمور تقاس بما سبق لجعجع إعلانه في بيان ترشحه، فإن رد فعل حزب الله جاء بمثابة ورقة ابلاغ مفادها انه لا يقبل بجعجع رئيساً بعدما أعلن صراحة إنه لا يقبل بالسلاح غير الشرعي، الأمر الذي فهمه الحزب وكأن المطلوب منه نزع سلاحه وتسليمه صراحة الى الدولة، وهذا الموقف لم يصدر مثله عن اي مرشح محتمل آخر، بمن فيهم العماد عون الذي وجد نفسه محرجاً تجاه خط السير الرئاسي الذي يعتزم جعجع إتخاذه من دون باقي ما يفترض بهم أن يكونوا مقبولين في المعركة الإنتخابية كائناً من كانوا، خصوصاً أولئك الذين يعتبرون أنفسهم حياديين وفي مقدم هؤلاء رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي وجد نفسه مضطراً لأن يخترع مرشحاً في الشكل من دون المضمون؟
وإذا كان لابد من إنتظار اعجوبة سياسية تكفل وصول جعجع الى الرئاسة الأولى، فثمة من يتصور أن رئيس حزب القوات اللبنانية يبقى أقرب من كل ما عداه من رئاسة الجمهورية على رغم العداء الظاهر في رد فعل حزب الله وقوى 8 آذار على ترشحه، لكن الأهم من وجهة نظر جعجع إن الذين يعتقدون ان ليس بوسعه أن يكون رئيساً للجمهورية وخصماً لحزب الله في وقت واحد، فإن هؤلاء هم على خطأ، حيث يبقى بحسب المدلول السياسي، انه صريح في نظرته الى الأمور التي تحتم عليه أن يستخدم المنظار الوطني في مقاربته مختلف الأمور التي لا تفاهم عليها.
من هنا بالذات، يجب القول أن خصومة جعجع ليست شخصية بقدر ما هي محقة وعاقلة ومتوازنة في نظرته الى سلاح المقاومة، ما يعني أيضاً إن حزب الله في حال أصر على معاداة جعجع، فإن الأخير يبقى أفضل من سواه كونه يلعب أوراقاً سياسية مكشوفة ويرفض في المطلق اللعب تحت الطاولة كما يفعل سواه بمن فيهم «جنرال الرابية» الذي يقول إنه في وارد مطالبة الحزب بتسليم سلاحه الى الدولة من خلال عملية تفاهم مع السلطة، من غير أن يعني ذلك إن في ذهن ميشال عون مشروعاً واضحاً يكفل تجنب وجود دولة في مواجهة الدولة مهما إختلفت الإعتبارات؟!
من هذا المنطلق فلن تكون جلسة غداً أفضل من سابقاتها لأن جعجع مستمر في ترشحه مثله مثل المرشح الجنبلاطي النائب هنري حلو الذي وجد نفسه في موقع منافس لا يحسد عليه كونه يعرف كما جنبلاط إنه ليس جدياً، طالما أن الزعيم الدرزي على إستعداد لأن يتخلى عنه في حال كان تفاهم على غيره. وهذه النقطة لا تحسب في مصلحة حلو الذي يعرف بدوره حقيقة وزنه السياسي والشعبي والوطني؟!
إن تكرار المجيء برئيس مثل الياس الهراوي بعد إغتيال الرئيس رينيه معوض لن يتكرر، كما لن يتكرر المجيء برئيس من طراز اميل لحود الذي اضطر الإحتلال السوري لمكافأته مقابل إزاحة ميشال عون وابعاده عن قصر بعبدا.
لذا، فإن لعبة الإتكال على الخارج إقليمياً كان أم دولياً تتكرر، بدليل عدم توافر بدائل تتمتع بقدرة داخلية سياسية ووطنية على حكم البلد من غير محاباة ومن دون وجود غايات تفتقر الى الأصول؟!