ما هي الاجراءات التي تتخذها الدول عندما تكون في حالة حرب! في البديهيات المتعارف عليها ان السلطات المعنية، وفق انظمتها الدستورية تأخذ عددا من الاجراءات يلحظها الدستور، وتنص عليها القوانين مثل اعلان التعبئة العامة، واستدعاء الاحتياط تبعا لسير الحرب، ووضع القوى المسلحة من جيش وقوى امن داخلي، في حالة متدرجة من الاستعداد، وصولا الى اعلان حالة الطوارئ، واعلام الامم المتحدة، والاتصال بالدول الشقيقة والصديقة لوضعها في الصورة الكاملة، وبالنسبة الى بلد عربي مثل لبنان، اعلام جامعة الدول العربية بالامر، ودعوتها الى الانعقاد الفوري للنظر في ما يتعرض له بلد، هو عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، والامم المتحدة ومؤسساتها، وقد يقتضي الامر تحويل المجتمع بكامله الى مجتمع حرب ومواجهة.
«الدولة الاسلامية» التي تمتد جغرافيا على مساحة ارض، تبلغ على ما قدّره خبراء اختصاصيون ثماني مرات مساحة لبنان، اي حوالى 183 الف كيلومتر مربع، وهذه «الدولة» المزعومة بدأت بترتيب اوضاعها الداخلية، وفي الوقت ذاته تتمدد لتحقيق «حلمها» باقامة دولة «الخلافة الاسلامية» التي تضم من جملة ما تضم، دولة لبنان الكبير، بما يعني انها عمليا اعلنت الحرب على لبنان، وهجماتها داخل الارض اللبنانية، وفي مناطق مختلفة، وقتل جنود ومواطنين، وخطف وذبح اخرين، هي من بدايات حربها على لبنان، وتهدد بانها ستكون ساحقة وشاملة، حيال هذا الوضع، ماذا فعلت دولة لبنان المختصرة حاليا بحكومة الوفاق الوطني بعدما تعذر الاتفاق على انتخاب رئيس ليكون رأس الدولة باعتباره القائد العام للقوات المسلحة اللبنانية لمواجهة هذا التهديد الداعشي التكفيري المتوحش، غير الاجتماعات التي تبدأ على خلاف وتنتهي على خلافات اشد، ويبقى لبنان وشعبه متروكين لقدرهما، في حين ان داعش تدق ابوابنا بايد مضرجة بدماء شهدائنا، من جيش وقوى امن ومدنيين ابرياء، علما بان جميع مكونات الشعب اللبناني الطائفية والسياسية اجمعت على التوحد ضد جرائم «الدولة الاسلامية» واستعدادها للقتال ضدها اذا دعت الضرورة لذلك، واعلن الجيش فتح الباب امام المتطوعين والانصار للقتال في سبيل الوطن والسيادة والكرامة.
***
في قداس معراب لراحة انفس شهداء المقاومة اللبنانية. اطلق سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، العمود الفقري لاكثر من 15 الف شهيد، سقطوا على مذبح حماية لبنان من تنظيمات وانظمة «داعشية» التفكير والاهداف والممارسة، جملة مواقف حقيقية، واضحة وشجاعة، اهمها، ان القوات اللبنانية التي قدمت الاف الشهداء وعشرات الاف الجرحى والمعوقين، ليبقى للبنان حريته وسيادته وكرامته وثقافته ونمط عيشه، ستقاتل «داعش». وغير «داعش»، ومن هم على شاكلة «الداعشية» السرطانية، المتخلفة البدائية المعزولة، في داخل لبنان وخارجه، برأس مرفوع وهامة منتصبة، وتضحيات لا حدود لها، ليبقى لبنان ويستمر كما اراده الاباء والجدود، مساحة حرية وسيادة وعنفوان وسلام، ومن الصدف البالغة القسوة على الاهل خصوصا واللبنانيين عموما، ولكنها تحمل في العمق جوهر شعب لبنان العاشق للحرية والكرامة، ان يتزامن قداس شهداء المقاومة اللبنانية مع استشهاد الجندي البطل عباس مدلج على يد برابرة القرن الواحد والعشرين، واعلان والده ان عباس هو شهيد كل لبنان، كما سبق واعلن ذلك والد الشهيد علي السيد، بما معناه، ان كل شهيد يسقط في معارك الدفاع عن لبنان هو شهيد كل لبنان، وليس شهيد العائلة او الطائفة او الحزب.
«لا تخافوا…» قال جعجع للمسيحيين: «ان الله معنا الى انقضاء الدهور». واكد على عراقة المسيحيين في القتال والاستشهاد في سبيل لبنان عندما قال بحزم وصلابة: «نحن للمقاومة جاهزون… ولن نموت الا واقفين..»
فعل الايمان هذا بلبنان، ومواجهة الاخطار والصعاب بهذه الروح الاستشهادية عند كل مقاتل من اجل استقلال لبنان وبقائه وسيادته، معروفة جيدا ايضا عند جنود الجيش اللبناني وقواه الامنية وقد امتحنت بالشهادة والبطولة في اكثر من مناسبة. وكان آخرها في معركة عرسال، وخصوصا في الاستشهاد الملحمي للجنديين البطلين، علي السيد وعباس مدلج.
متى تصحو الحكومة من غفلتها…. نحن في حالة حرب يا هوو..