يمكن اختصار الاتفاق الذي أجمع عليه الاقطاب الموارنة الاربعة في آخر اجتماع لهم برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، باربعة بنود اساسية هي اولاً، وجوب احترام اجراء استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري، ثانيا، الحرص على حضور جلسة انتخاب الرئيس والدورات التي تلي، ثالثا، حق الاقطاب الاربعة في الترشح لامتلاكهم الصفات المؤهلة، لذلك، رابعا، اي مرشح يفوز بالرئاسة الاولى، يتعهد بعدم ممارسة اي سياسة عدائية او اقصائية في حق الاخرين.
رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، انطلاقا من موافقته الخطية على خريطة الطريق هذه، بادر الى قبول ترشيح حزبه له، واعلن في مؤتمر صحافي برنامج عمله في حال انتخبه النواب رئيسا، وطلب من حلفائه ورفاقه في قوى 14 اذار تأييده على اساس هذا البرنامج الذي يتماهى تماما مع اهداف وثوابت انتفاضة 14 اذار، كما مدّ يده الى خصومه السياسيين، وقامت وفود من نواب حزب القوات وقيادييه بزيارات حضارية الى الشخصيات المعنية بالاستحقاق ممن قبلوا الزيارة، ولم يرفضوها كما فعل غيرهم، ومع ذلك قامت حملة مجنونة في خطة مبرمجة تحمل هدفين اثنين الاول التشهير بسمير جعجع، والاساءة اليه، واذا كانت فتحت اليوم في وجه جعجع، فقد فتحت سابقا في وجه النائب وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وقبله في وجه والده الشهيد رفيق الحريري، وستفتح حتما في وجه الرئيس الشيخ امين الجميل، والنائب والوزير بطرس حرب، اذا شعر فريق 8 آذار ان ترشحهما بدأ يأخذ طريقه الجدي واذا كان موقف حزب الله وحلفائه من الاحزاب الاخرى مفهوما ومتوقعا، الا ان موقف التيار العوني الذي تعهد خطيا في بكركي، باحترام البنود الاربعة، التي سبق ذكرها، وسلوك نوابه في جلسة الانتخاب الاولى، كشفا بوضوح عدم صدقية العهود والتعهدات. اما النائب سليمان فرنجيه المشارك في تعطيل النصاب، خلافا لتعهده في بكركي، فيسجل له ابتعاده عن سياسة نبش القبور التي كانت عماد مواقف حلفائه، وليته بقي عند تصريحه، بانه يقبل انتخاب جعجع رئيسا اذا تم في شكل قانوني وديموقراطي، ولكنه لن يتعاون معه، لان هذا الموقف الديموقراطي، اكسبه الكثير لدى المسيحيين.
***
اما الهدف الثاني للحملة ضد جعجع، والذي يعمل عليه بقوة في هذه الايام، فهو ضرب تحالف قوى 14 آذار، باثارة الخلافات والتناقضات بين حزب القوات اللبنانية من جهة، وحزب الكتائب وتيار المستقبل من جهة ثانية، واذا كان ظهر احيانا ان هذا الهدف بدأ يؤتي ثماره، وان بلبلة ما او خلافات في وجهات النظر بدأت تطفو على سطح علاقات قوى 14 اذار، الا ان تصميم هذه القوى على استمرار تماسكها كان يجهض محاولات 8 اذار، ويمكن في هذا المجال الاشارة الى نتائج اخر اجتماع ضم قيادات في تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية حيث اتفق الطرفان على التمسك بجعجع ما دام حزب الله مصرا على الاتيان برئيس صورة، او الفراغ، كما ان اعلان جعجع استعداده للبحث في انسحابه لمصلحة اي مرشح من 14 اذار يقبل ولو بالحد الادنى من برنامجه الرئاسي، اكد مرة اخرى لحلفائه، وخصوصا الرئيس الجميل والوزير حرب، ان انقاذ الدولة هو اولوية جعجع وليس منصب الرئاسة الاولى، بعكس موقف التيار الوطني الذي يعتبر ان تأييد تيار المستقبل له هو واجب لتأمين توازن الاقوياء في الطوائف، وان النائب ميشال عون، هو الوحيد القادر على انقاذ الوطن، وتأمين التوازن للمسيحيين، على الرغم من ان جميع استطلاعات الرأي، في الفترة الاخيرة تحديدا، وبعد الحملة الظالمة عليه، اثبتت ان سمير جعجع هو المسيحي الاول شعبيا، وهو صاحب الرؤية والقدرة والتمسك بالمبادئ والثوابت، وانه لم يتراجع يوما عن تعهد او عن اتفاق.