Site icon IMLebanon

جعجع يمهّد للتراجع.. و«التعقيدات» تعرقل عون

 

استغرق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وقتا أطول مما يفترض ليقتنع بأن استمرار ترشحه لرئاسة الجمهورية هو العامل الاول في تأخير إتمام هذا الاستحقاق، وان الفريق الآخر غير مستعد لمجرد النقاش مع أي طرف في إمكانية التفاوض معه وتأمين نصاب انتخابه، فيما يرى حلفاء جعجع أن ترشح العماد ميشال عون، المضمر حتى الآن، هو ايضا يعيق إمكانيات التفاهم مع فريق «14 آذار» على إجراء الانتخابات. إلا ان الوقائع تفيد ان معطيات وظروف التوافق على عون اكبر من إمكانيات القبول بجعجع، خاصة مع الجهد المبذول من أكثر من طرف محلي وإقليمي ودولي لإقناع الآخرين بانتخاب عون رئيسا.
ويعتبر المتابعون ان كلام جعجع، من بكركي بالذات، عن احتمال انسحابه من السباق الرئاسي، مؤشر على بداية البحث عن مرشح آخر، خاصة ان مصادر متابعة لموضوع الانتخابات الرئاسية تفيد ان حسم موضوع انسحاب جعجع تم يوم الاثنين الماضي، وان ترشح الرئيس أمين الجميل وجولاته على القيادات من مختلف الاطياف جاء بناء لهذا المعطى الجديد الذي يسهل على الجميل وباقي مرشحي «14 آذار» التحرك بحرية وهامش أوسع.
ستختلف الحركة الداخلية مع هذا التطور الجديد، ولكن لن يتغير شيء في الجوهر، واحتمالات حصول الفراغ الرئاسي ما زالت تؤرق المعنيين مباشرة بالاستحقاق، لا سيما الدول المصنفة صديقة للبنان، وخصوصاً من بينها الولايات المتحدة الاميركية وأوروبا، ولذلك تنشط حركة السفراء بين لبنان والخارج، فيما تقول مصادر كتلة نيابية وازنة في «فريق 8 آذار» ان السفير السعودي علي عواض عسيري انما عاد الى لبنان من أجل استطلاع الوضع والمواقف عن قرب، وإفادة القيادة السعودية بالمعطيات الواقعية المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي.
وتؤكد المصادر ان معركة الرئاسة لم تبدأ فعليا بعد، وكل ما يجري هو مجرد حراك لاستكشاف المعطيات الداخلية وما اذا كانت الاطراف السياسية جاهزة للتوافق، وهو ما لم يظهر حصوله بعد. وتبدي المصادر خشيتها من أن يصل لبنان الى شغور الكرسي الرئاسي في 25 ايار الحالي ولا يحصل هذا التوافق، لأنه مرتبط بالتوافق الإقليمي غير الناضج بعد، لأن بعض الملفات الساخنة في المنطقة لم يحن أوان حلها بعد، خاصة اتضاح صورة الوضع في العراق وشكل الحكومة الجديدة، إضافة الى انتظار نتائج مفاوضات ايران مع مجموعة دول 5+1 حول الملف النووي وإعادة تطبيع العلاقات بين ايران والغرب، ومسار العلاقة بين ايران والسعودية، وهنا النقطة الأصعب. كذلك انتظار تطورات الوضع السوري.
وترى الاوساط النيابية أن الجانب السعودي غير جاهز بعد للتدخل جدياً في ملف الرئاسة اللبنانية، ولم يفتح باب التفاوض مع ايران حول أوضاع المنطقة ومنها لبنان، ولم يعطِ أي جواب على كل الاقتراحات والمبادرات والتحركات الجارية سوى انه لا يريد التدخل في الشأن الرئاسي اللبناني، ربما بانتظار تطورات أو تغييرات ما.
وتشير الاوساط الى ان السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل بات مقتنعا بأن ترشح العماد ميشال عون للرئاسة قد يحل في لبنان مشكلات كبيرة، وهو يسعى لإقناع الاطراف بالموافقة على ترشحه، لكن السعودية لم تقتنع بعد، لذلك لم تثمر اللقاءات بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» أي تفاهم عملي على أي أمر داخلي، باستثناء إبداء حسن النيات والانفتاح والتأسيس لما تصفه أوساط التيار العوني مسائل استراتيجية كبرى تتعلق بمستقبل لبنان.
وتقول مصادر حكومية قريبة من «تيار المستقبل» ان الرئيس سعد الحريري أبدى عدم ممانعة في ترشيح عون لكنه اشترط عليه إقناع «مسيحيي 14 آذار»، وهذا أمر لم يحصل، فتوقفت مساعي الترويج لعون عند هذا الحد حتى الآن على الأقل.
وأضافت المصادر: ان الجانب الاميركي والحريري أكدا لعون انه مقبول كمرشح توافقي، «لكن تعقيدات الوضع الداخلي اللبناني تحول دون وصوله الى كرسي الرئاسة»، مشيرة الى ان الجانب الاميركي مهتم مباشرة بالاستقرار الامني وبالتهيئة لانتخاب رئيس للجمهورية، لكن حاليا لن يحصل أي تنازل من طرف لطرف، ولا كلام عن انفراجات حقيقية في لبنان قبل التفاهم الاميركي – الايراني على الملف النووي، وهذا لن يحصل مبدئيا قبل تموز المقبل.
إلا ان المصادر أكدت ان الوضع اللبناني سيبقى مستقرا هذا الصيف، وهناك مؤشرات برفع إعلان «الحذر» الخليجي على سفر الرعايا الى لبنان تمهيدا لرفع «حظر السفر» غير المعلن رسميا والقائم فعليا، في حزيران المقبل.