Site icon IMLebanon

جعجع يُلهب الحمّى حول “عون التوافقي” السباق مع الفراغ في أيامه الأخيرة

 

لم يكن أدل على المنسوب العالي الذي بلغته الحمى السياسية والانتخابية مطلع الاسبوع الاخير الحاسم من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من الموجة غير المسبوقة للاضطراب والالتباس التي اجتاحت الوسطين الاعلامي والسياسي بعد ظهر أمس، والتي تسبب بها المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في باريس. ذلك ان جعجع الذي فاجأ الاوساط السياسية والاعلامية بكشفه بعض جوانب لقائه الطويل والرئيس سعد الحريري أول من أمس في شأن ترشح العماد ميشال عون الامر الذي أطلق العنان للاجتهادات المتناقضة وخصوصا حيال وصفه بالمرشح “التوافقي”.
واقع الحال أن جعجع قال حرفياً إنه والحريري عرضا “كل الاحتمالات، وقد طرح سعد الحريري من جملة الاحتمالات ان العماد ميشال عون يقدم نفسه مرشحا توافقيا، فلنتوقف ونر. لِمَ هو العماد عون مرشح توافقي؟ وبالفعل توقفنا وعرضنا الامر وكان لي رأيي الموضوعي جداً”. بعد ذلك شرح جعجع موقفه “المستغرب كيف ان عون يتحول بعد تسع سنين من الممارسات في خط مختلف تماما الى مرشح توافقي”. وأضاف ان أحداً “لم يبلغنا أن مذكرة التفاهم مع حزب الله قد ألغيت”، متسائلا: “هل يمكن قبل تسعة ايام من الانتخابات ان يصبح العماد عون توافقيا؟”، وأكد تاليا “اننا وتيار المستقبل فريق واحد وخطواتنا منسقة”، لافتا الى طرح بعض الاسماء كمرشحين توافقيين “لكن انتخابهم يحتاج الى موافقة الطرف الآخر والبعض يحتاج الى تعديل الدستور”.
بيد ان الالتباس الذي أشاعه كلام جعجع ساعات بددته لاحقا معطيات أعادت الواقع السائد عشية اسبوع حسم مصير الاستحقاق الى المربع الاول، أي استبعاد أي تغيير في خريطة المواقف من الترشيحات العلنية والضمنية، بما يرسم علامات الشكوك المتسعة في ما سمي الفرصة الخارقة في جلسة الخميس الانتخابية وحتى في الجلستين الاضافيتين اللتين قد يدعو اليهما رئيس مجلس النواب نبيه بري الجمعة والسبت في حال تعذر الانتخاب. وبدا واضحا ان لقاءات باريس على كثافتها وتنوعها لم تثمر تطورات دراماتيكية في المشهد الانتخابي باستثناء ما بدأ يجري تداوله من تقدم احتمال طرح أسماء مرشحين توافقيين وسط ضغط الايام المتبقية من المهلة الدستورية، الامر الذي عدته أوساط معنية بمثابة فتح لثغرة ممكنة ولكن مع الشك الكبير في امكان نجاحه قبل نفاد المهلة. وأشارت الى أن فريق 8 آذار تعامل مع كلام جعجع امس باعتباره رسالة الى العماد عون أراد من خلالها بالتنسيق مع الحريري الايحاء بأن انتخاب عون يجب ان يمر بالقوى المسيحية في فريق 14 آذار وسائر الافرقاء المسيحيين، وان الحريري لا يعطي نفسه منفردا حق القرار ولو مضى في حواره مع عون وتبادل رسائل حسن النيات معه.
وانعقدت “كتلة المستقبل” مساء امس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة العائد من باريس بعد مشاركته في اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنانية”. وأبلغت مصادر في الكتلة “النهار” ان البحث في نتائج لقاء باريس انتهى الى التأكيد ان مرشح “المستقبل” الذي هو مكوّن رئيسي في 14 آذار هو حتى اللحظة جعجع واعتباره مرشحاً وحيداً ولا أحد سواه. كما أكدت الكتلة ان همها الاساسي هو تفادي الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية والعمل مع الجميع في هذا الاتجاه بمن فيهم العماد ميشال عون.
ومن المقرر ان يتخذ “تكتل التغيير والاصلاح” في اجتماعه اليوم برئاسة العماد عون قراراً في شأن مشاركته في جلستي مجلس النواب غداً والخميس، علما ان جلسة الغد مخصصة لمناقشة الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى المجلس والتي دعا فيها المجلس الى اتخاذ الموقف المناسب لانتخاب رئيس جديد وتجنب الفراغ الرئاسي وذلك عشية الجلسة الخامسة المقررة للانتخاب الخميس.
واسترعى الانتباه في هذا السياق خروج السفير الاميركي ديفيد هيل عن صمته باعلانه موقفا ضاغطا بقوة نحو الانتخاب قبل نهاية المهلة، اذ حض القيادات اللبنانية على انتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية، مشدداً على ان امكان الانتخاب “لا يزال متاحاً” ومنبهاً الى “تفادي دفع ثمن الفراغ”.
وقالت مصادر مواكبة للاتصالات في باريس خلال الايام الاربعة الاخيرة لـ”النهار” إن الحصيلة التي ظهرت أمس هي سقوط ثلاث اوراق: الاتفاق على العماد عون أو جعجع مرشحاً يحظى بالاجماع، امكان الانتقال الى أسماء الصف الثاني، والتمديد للرئيس سليمان من خلال الاستمرارية، وتالياً عادت الامور الى نقطة الصفر، علماً ان الرئيس الحريري غير راغب في قطع العلاقات مع أي طرف في مرحلة ما بعد 25 ايار. ومن المرجح ان يتأمن نصاب جلسة الخميس ولكن من دون امكان انتخاب رئيس. وفي الوقت نفسه حرص وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل خلال لقائه عددا من الشخصيات اللبنانية في باريس على تحييد المملكة عن اتخاذ موقف من الاستحقاق، داعياً اللبنانيين الى الاتفاق في ما بينهم.
ومن المقرر ان يطل مساء اليوم رئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميل من أجل ان “يدق ناقوس الخطر” كما قالت مصادره لـ”النهار”، على ان “يطرح كيفية الخروج من المأزق بالدعوة الى استنفار كل القوى السياسية لانقاذ الجمهورية وليقول إن ما يحدث ليس مصادفة بقدر ما هو اتفاق على ضرب الاستحقاق”.

سلام في السعودية
في غضون ذلك، بدأ رئيس الوزراء تمّام سلام زيارته الرسمية للملكة العربية السعودية مساء أمس. وأفاد مراسل “النهار” سمير منصور المرافق للوفد الحكومي ان زيارة سلام لجدة ستشكل محطته الاولى في جولة عربية وخليجية، “ومن الطبيعي ان تبدأ بالسعودية لأكثر من سبب”، كما قال الرئيس سلام لـ”النهار”، مضيفاً ان “المملكة كانت ولا تزال تاريخيا الى جانب لبنان في السراء والضراء والمحطة المفصلية في هذا السياق كانت اجتماعات الطائف التي انتهت الى مصالحة تاريخية ودستور جديد بعد حرب مدمرة، وفي هذه المرحلة نجد المملكة الى جانب لبنان”. واذا كان شكر السعودية على دعم الجيش خصوصاً على نحو غير مسبوق يشكل عنواناً بارزا في محادثات سلام مع المسؤولين السعوديين الكبار، فان المحادثات ستتطرق أيضاً الى قضايا أخرى منها مسألة النازحين السوريين والمضي قدماً في الخطوات الآيلة الى عودة المصطافين الخليجيين الى لبنان، فضلاً عن عرض الاوضاع الاقليمية واللبنانية.
أما عن الاستحقاق الرئاسي، فقال سلام لـ”النهار” إنه “شأن داخلي لبناني وأتمنى ان يكون صناعة لبنانية كما كانت الحكومة من دون تجاهل مناخ عربي واقليمي يرخي بظلاله على لبنان والمنطقة”.
وزار سلام والوفد المرافق له مساء الرئيس سعد الحريري في دارته بجدة وعقدا لقاء قبل عشاء اقامه الحريري على شرف الوفد. ومن المقرر ان يلتقي سلام ظهر اليوم ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز، ثم ستكون له لقاءات اخرى، علماً ان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز موجود خارج المملكة.

لقاء بكركي
يشار أخيراً الى ان بكركي شهدت امس لقاء روحياً واسعاً شارك فيه رؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية في مناسبة اعلان قداسة البابا يوحنا بولس الثاني وزيارة ذخائره للبنان، وتقدم المشاركين الرئيس سليمان. وكانت كلمات لرؤساء الطوائف أجمعت على ابراز الدعوات الى المصالحة والحوار والوحدة والحريات.