Site icon IMLebanon

جلسة لـ «الرسالة» تليها جلستان للرئاسة قبل بدء الشغور

 

فيما انشغلت الأوساط السياسية في تقصّي نتائج لقاءات باريس وجَدّة الأخيرة حول الاستحقاق الرئاسي، وإمكان مساهمتها في انتخاب رئيس توافقي في خلال الأيام الثلاثة المتبقّية من ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بدا أنّ الجلسة الانتخابية المقرّرة غداً لن تنتج رئيساً لأنّ نصابها لن يكتمل، فيما تناقش الجلسة المقرّرة اليوم رسالة سليمان إلى مجلس النواب حول الاستحقاق الرئاسي، وهي ستنعقد بنصاب الأكثرية المطلقة وستحضرها غالبية الكُتل النيابية.

تكثّفت اللقاءات والاجتماعات على أكثر من خطّ عشية جلستَي مناقشة رسالة سليمان والانتخاب. ورأسَ رئيس مجلس النواب نبيه بري اجتماعاً لكتلة «التنمية والتحرير»، ثمّ اطّلع من موفد النائب وليد جنبلاط الوزير وائل ابو فاعور على أجواء لقاءات باريس، وذلك في حضور الوزير علي حسن خليل.

ولم تستبعد مصادر نيابية ان يتهجم نواب من تكتل التغيير والاصلاح على سليمان خلال الجلسة، وان ينبري نواب من كتلة المستقبل الى الدفاع عنه. كذلك لم تستبعد هذه المصادر ان يقدم احد النواب اقتراحاً يطلب فيه تعديلاً دستورياً يقضي باستمرار رئيس الجمهورية في ولايته حتى انتخاب رئيس جديد. لكنّ مصادر نيابية اخرى اكدت انّ «هذا الاقتراح لن يكون جدّياً، ولا قيمة دستورية ولا قانونية له، لأن التعديل الدستوري يحتاج آلية غير متوافرة حالياً، إذ يحتاج الى نصاب الثلثين وهو بدوره لن يكون متوافراً، ولذا فإن جلسة اليوم ستكون فولكلورية استعراضية، ولن يحضرها رئيس الجمهورية حسب ما تردد».

وأوضح بري مساء أمس أنّ رسالة سليمان لم يطّلع عليها أيّ من النواب، كونها وردت الى رئاسة المجلس مباشرة، وقال: «إنّ هذه الرسالة هي حقّ دستوري لرئيس الجمهورية بموجب المادة 53 من الدستور، ولا تشكّل ايّ تدخّل في صلاحيات مجلس النواب، وسيصار الى تلاوتها غداً (اليوم) ثمّ مناقشتها، وبعد ذلك سيترك القرار في شأنها للنواب».

وأوضح بري «أنّ الرسالة تتحدّث عن أهمّية الاستحقاق الرئاسي والميثاقية، وتحضّ على إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، وهي لا تتضمّن انتقاداً مبطناً للمجلس، نظراً الى اهمّية الاستحقاق. وإنّ مبرّر إرسالها هو تأخّر المجلس في انتخاب رئيس جمهورية».

وعبّر بري عن عدم تفاؤل بانتخاب رئيس جمهورية ضمن ما تبقّى من المهلة الدستورية، وأشار في ضوء الجلسة الانتخابية المقرّرة غداً إلى «أن لا جديد في مسار الاستحقاق، وفي حال لم يكتمل نصاب الجلسة سأدعو الى جلسة قبل ظهر الجمعة المقبل، تبعاً لأجواء جلسة الخميس». وأضاف: «كنتُ في صدد توجيه دعوة الى جلسة يوم السبت المقبل، ولكن صودفَ أنّ رئيس الجمهورية سيقيم احتفالاً وداعياً ظهر اليوم نفسه. أمّا إذا تبيّن انّ هناك إيجابيات نحو انتخاب رئيس جمهورية جديد فيمكن عندئذ ان أدعو الى جلسة تعقد قبل الساعة الاخيرة من انتهاء المهلة الدستورية».

وسُئل بري عن لقاءاته الاخيرة مع عدد من السفراء العرب والاجانب، وهل أثاروا معه الاستحقاق الرئاسي؟ فأجاب: «إنّ ما صرّح به هؤلاء السفراء لدى مغادرتهم مكتبي هو نفسه ما دار في الحديث بينه وبينهم، حيث أبدوا رغبتهم في إجراء الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية، وحتى الآن كنت أطلب من هؤلاء السفراء عدم تدخّل دولهم في هذا الاستحقاق. لكنّني أخشى بعد 25 أيار بشهر أو أكثر حصول تدخّل خارجي مباشر وواسع فيه».

«اللقاء الديموقراطي»

من جهته، قرّر «اللقاء الديموقراطي» في إجتماعه أمس في منزل المرشح النائب هنري حلو الذي يزور بكركي اليوم، المشاركةَ في جلستي اليوم وغداً النيابيتين. وقال حلو: «لدينا فرصة حتى نهاية الأسبوع ليكون الاستحقاق لبنانياً، ونعمل على تجنيب قصر بعبدا الفراغ».

تكتّل «التغيير والإصلاح»

وإذ سجّل تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّ رسالة سليمان جاءت متأخّرةً، ترك الحرّية لنوابه في الحضور من عدمه لجلسة اليوم. ورهنَ مشاركته في جلسة الانتخاب غداً بمسار الاتصالات الجارية، رافضاً اعتبار عدم حضور جلسات الانتخاب تعطيلاً «بل تمسّك صارم بالميثاق ومقتضياته»، مُذكّراً بحصيلة نقاشات اللجنة السياسية التي تألّفت في بكركي وتمثّل فيها الأقطاب الاربعة وبعض الأعضاء الآخرين.

«المستقبل» وجعجع

وبدورها، رفضت كتلة «المستقبل» الشغور في موقع الرئاسة الأولى، مجدّدةً تمسّكها بترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، داعيةً قوى 8 آذار الى تسمية مرشّحها.

في هذا الوقت، اتّهم جعجع، الذي عاد أمس إلى بيروت بعد رحلة استمرت خمسة أيام، «البعض» بتحوير ما قاله خلال مؤتمره الصحافي امس الأوّل «عمداً»، وأعلن انّه «على مسافة واحدة من الجميع، ومنفتح على كلّ الأفرقاء بمن فيهم «حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، ولكنّ هذا لا يمنع أن يكون لديّ برنامجي الانتخابي الذي قد يُعجب البعض وقد لا ينال رضى البعض الآخر». واعتبرَ أنّه يملك «بعض الحظوظ» ليُصبح رئيساً للجمهورية، وشدّد على وجوب «انتخاب رئيس قوي للبنان يملك برنامجاً محدّداً، لأنّنا سئمنا من الرؤساء الذين يُنتخبون لإدارة الأزمة». واعتبر «أنّ أيّ رئيس توافقي سيكون فقط لإدارة الأزمة، وهذا ما لا نريده في الوقت الحالي».

كرم

إلى ذلك، قال عضو كتلة «القوات» النائب فادي كرم لـ«الجمهورية» إنّ زيارته لسليمان امس كانت «مبادرة فردية وليست بتكليف قواتي»، وإنّه سمع منه «كلاماً جازماً برفض كلّ طروحات التمديد أو البقاء في بعبدا بعد 24 أيار». وأكّد أنّ سليمان «لا يرغب في البقاء دقيقة واحدة بعد انتهاء ولايته، وأنّه سيكون في 25 أيار في عمشيت، بعد أن يتلو خطاب الوداع». وأكّد أن «لا مرشّح لسليمان، بل مرشّحه النصاب وتأمين الاستمرارية لمنصب رئاسة الجمهورية».

وأوضحَ كرم أنه ناقش مع سليمان «موقفه من صعوبة وصول الأقطاب الموارنة الى بعبدا، لأنه يعتبر أنّ الظروف الحالية لا تسمح بوصولهم»، مشيراً إلى أنّ موقفه هذا «ليس بموقف شخصي».

موفد الحريري في بكركي

وفي الحراك المتصل بملف الاستحقاق، زار نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري بكركي أمس وأطلعَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على حصيلة لقاءات باريس، ونقل اليه أجوبة واضحة وصريحة على اسئلةٍ سبق له أن طرحها على الحريري استكمالاً للحوار القائم بينهما منذ اللقاء الذي عقداه في باريس بداية الشهر الجاري، عندما زارها البطريرك في طريقه الى ترؤّس الإحتفالات في سيّدة لورد.

وأبدى الحريري للراعي رغبته في أن تتكثّف الجهود من أجل مصالحة مسيحية ـ مسيحية تؤدي الى توحيد الترشيحات الرئاسية لتأمين الظروف المثلى لتوفير النصاب الدستوري المطلوب لإجراء الإنتخابات ضمن المهلة الدستورية حسب رغبة البطريرك وجميع والقيادات التي ترفض الفراغ.

عودة سلام

في غضون ذلك عاد رئيس الحكومة تمّام سلام مساء أمس من زيارة رسمية للسعودية، توَّجَها بلقاء الملك السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في مطار جَدّة قبيل سفر الأخير الى المغرب. وكذلك التقى وليّ العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز الذي أولمَ على شرفه.

واعتبر سلام في مؤتمر صحافي عقده عصر أمس في ختام زيارته أنّ «الاستحقاق الرئاسي شأن لبنانيّ داخلي ولا يتحقّق خارج الدولة»، مشيراً إلى «أنّ القيادة السعودية تشارك

وجهة النظر هذه». وأعلن أنّ الحريري «جادٌّ في الوصول إلى نتيجة لإنجاز هذا الاستحقاق».

وفي حال حصول شغور في موقع الرئاسة، قال سلام: «لا خوف من أن تكون الأمانة في مكان غير مناسب، بل هي في صلب عمل السلطة التنفيذية في مجلس الوزراء».

دعم سعودي

وقالت مصادر اطّلعت على أجواء زيارة سلام للسعودية أنها حملت رسائل عدة أهمها:

أولا، على مستوى توقيت الزيارة التي جاءت على مسافة أيام من انتهاء ولاية الرئيس سليمان، في إشارة دعم للحكومة السلامية بغية أن تتحمل مسؤولياتها وتواصل عملها لتفويت الفرصة على المتربصين شرا بلبنان والساعين لاستغلال الفراغ الرئاسي تنفيذا لمآربهم.

ثانيا، اللقاء مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي لم يكن مدرجا على جدول أعمال الزيارة شكّل التفاتة من الملك في رسالة تجسّد مدى اهتمامه بلبنان، وهذه الرسالة موجهة إلى الداخل والخارج بأن الاستقرار في لبنان خط أحمر، فضلا عن جرعة دعم قوية لسلام وحكومته.

ثالثا، الخلوة مع الرئيس سعد الحريري التي أكدت في الشكل على مدى عمق التفاهم والتنسيق بين سلام والحريري، واكتسبت بالمضمون أهمية بالغة لوضعها خريطة طريق للمرحلة المقبلة تناولت كل التحديات المطروحة.

وأكدت المصادر أن سلام عاد من زيارته إلى السعودية بدعم غير محدود لحكومته، وهذا الدعم يتجاوز المعنوي والغطاء السياسي على أهميتهما إلى الترجمة العملية التي ستظهر تباعا.

عسيري

وإلى ذلك، قال السفير السعودي علي عواض العسيري لـ»الجمهورية»: «كانت زيارة دولة الرئيس سلام الى المملكة ممتازة ومفيدة جداً، وقد تُوِّجت بلفتةٍ لها مدلولاتها الكبيرة من جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز تأكيداً لاهتمام القيادة السعودية بشؤون لبنان واللبنانيين ودعمهم في مواجهة التحدّيات التي تعترضهم».

وأضاف: «لقد طرح الرئيس سلام، في ما طرحه من ملفّات مهمّة وحسّاسة، موضوع تداعيات أزمة النازحين السوريين التي تحتاج الى مساعدة ومعالجة في العمق، لِما لها من تأثيرات تفوق إمكانات لبنان على تحمّلها وحدَه. كذلك طرح مسألة عودة المستثمرين والمواطنين السعوديين الى لبنان خلال هذا الصيف. وهنا لا بدّ من الإشارة الى أنّ السعوديين توّاقون الى زيارة لبنان، لكن على الحكومة اللبنانية ان تطمئنهم من خلال إجراءات وترتيبات ميدانية لكي يتشجّعوا على المجيء إلى لبنان مجدّداً».

جلستان لمجلس الوزراء

إلى ذلك، يشهد الأسبوع الأخير من نهاية ولاية سليمان جلستين لمجلس الوزراء، الأولى عصر غد في قصر بعبدا، يتضمّن جدول اعمالها أكثر من مئة بند تتناول قضايا إدارية ومالية وإنمائية، تحتاج الى بتّها قبل نهاية العهد، كما رغب بذلك سلام وتجاوب معه سليمان، من أجل انتظام العمل المؤسساتي قبل شغور موقع الرئاسة.

أمّا الجلسة الثانية فستعقد عصر بعد غدٍ الجمعة في بعبدا أيضاً، لإقرار جملة بنود يمكن ان تفيض عن جلسة الخميس ومن بينها بعض التعيينات الإدارية، وهي الدفعة المتبقّية، وتشمل بعض مواقع الفئة الأولى في بعض الوزارات والمؤسّسات العامّة.

وعقبَ الجلسة يولم رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة والوزراء تكريماً لهم قبل نهاية الولاية بأربع وعشرين ساعة وعشيّة خطاب الوداع. وعلمت «الجمهورية» أنّ سليمان قرّر التقدّم في آخر جلسة لمجلس الوزراء بـ»عرض» يقارب «المبادرة» من جهة و»الوصية» من جهة أخرى. وقد حرصَت المصادر على إبقاء مضمون هذا «العرض» طيّ الكتمان حتى اللحظة الأخيرة.

مراسيم التعيينات الأخيرة

وتكثّفت الإتصالات أمس بين الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والوزارات المعنية للتعجيل في تحضير المراسيم الخاصة بدفعة التعيينات الأخيرة التي صدرت في الجلسة ما قبل الأخيرة لمجلس الوزراء لإصدارها مُذيّلةً بتوقيع رئيس الجمهورية في مهلةٍ أقصاها السبت المقبل، اليوم الأخير من الولاية الرئاسية.

إسرائيل و«حزب الله»

من جهة ثانية، وقبل إطلالة الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله من الجنوب الأحد المقبل في عيد «المقاومة والتحرير»، جدّدت إسرائيل حملتها على الحزب، واتّهمَه رئيسُ وزرائها بنيامين نتنياهو بأنّه هو من نَفّذ «الإعتداء «ضد السيّاح الإسرائيليين في منتجع بورغاس البلغاري قبل عامين وقُتلَ فيه خمسة إسرائيليين ومواطن بلغاري، وذلك «بإيحاء من إيران».

وقال نتنياهو خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء البلغاري بلامِن اوريشارسكي: «إنّ ايران هي دولة الارهاب الرقم واحد في العالم، ولا يجوز تمكينها من الحصول على قدرات تطوير الأسلحة النووية، لأنّ من شأن ذلك أن يعرّض العالم بأسره للخطر».

وضع الهرمل

وعلى الصعيد الأمني، وبعدما سرَت معلومات عن أنّ «حزب الله» يتّخذ إجراءات امنية مشدّدة في الهرمل بعد ورود معلومات اليه عن تورّط بعض الاشخاص في المنطقة بالتخابر والتعامل مع مجموعات إرهابية وإعطائهم إحداثيات خطيرة، أكّد مصدر قريب من الحزب في الهرمل لـ»الجمهورية» أنّ «الوضع الأمني في الهرمل عاديّ جداً، والإجراءات الأمنية طبيعية، ولا شيء يدعو إلى القلق»، لافتاً إلى أنّ «الإجراءات الأمنية تقتصر على الجيش اللبناني، والحزب لا يتدخّل». وأكّد أنّ «كلّ المعطيات تثبت أنّ الاجهزة الامنية نجحت في ضبط الوضع، فهناك كثيرٌ من الإشاعات التي تُرمى، لكنّ الوضع في الهرمل لا يختلف عن بقيّة المناطق اللبنانية حيث لا شيءَ استثنائيٌّ».

إضراب

وعلى الخط المطلبي، تُنفّذ الإدارات العامة إضراباً عامّاً مركزيّاً العاشرة صباح اليوم أمام مبنى وزارة الصناعة في المتحف «دعماً لكرامة الموظّف ورفضاً للبنود التخريبية الواردة في تقرير اللجان»، وفقَ ما جاء في بيان نقابة موظفي الإدارة العامة.

ويأتي هذا الإضراب الذي يشمل عمّال شركة الكهرباء وموظفيها، بالإضافة الى المراقبين الجوّيين الذين يُضربون من العاشرة حتى الثانية عشرة ظهراً، ردّاً على الاقتراحات الإصلاحية التي وردَت في مشروع سلسلة الرتب والرواتب حسب ما رفعته اللجنة النيابية.

وفي هذا الإطار، أوضحَ رئيس «هيئة التنسيق النقابية» حنا غريب لـ»الجمهورية» أنّ إضراب موظفي الإدارة العامة «يهدف الى الاحتجاج على زيادة دوام عملهم، ويأتي في إطار المطلب العام، وهو إقرار السلسلة».