حملت زيارة النائب وليد جنبلاط لـ«جماعة الداعي عمار» في بلدة ديرقوبل ـ قضاء عاليه أكثر من دلالة، لعل أبرزها تبديد الهواجس لدى هذا الفريق الذي يمثل حالة دينية(سلفية) منفصلة عن المؤسسة الروحية للطائفة الدرزية بمرجعياتها الرسمية من مشيخة العقل إلى المجلس المذهبي.
وعقدت خلوة مغلقة بين جنبلاط ومشايخ «الجماعة» كرر جنبلاط خلالها التذكير بأن الدروز مكون من المكونات الإسلامية الأساسية، رافضا الدعوات الى الانغلاق، واستعاد دور الأمير شكيب أرسلان الاسلامي العروبي ودور الأمير السيد عبدالله التنوخي الديني التوحيدي.
وكان جنبلاط خلال مصالحات الجبل قد التقى حشدا من المشايخ في مزار التنوخي في عبيه، وأكد أن الدروز ينتمون الى فضاء الاسلام مستشهدا بالامير التنوخي، وقال يومها (في لقاء مغلق) «تذكروا أن السيد عبدالله كان يؤم المصلين في المسجد الأموي في دمشق».
من هنا، يبدي جنبلاط الحرص على ملاقاة الأجواء المتشنجة في هذه اللحظة السياسية باحتواء أي ظاهرة قد تبدو متطرفة، خصوصا أن «جماعة الداعي عمار» لها هيكلية دينية وتنظيمية خاصة، لكنها في الوقت عينه تنظر الى جنبلاط كمرجعية سياسية رئيسية وان اختلفت مقاربات الجانبين حيال قضايا معينة، وجاءت زيارته لـ«الجماعة» في سياق تبديد هواجس مجتمع المشايخ الدروز والتي تدفعهم للتسلح والتدريب، وبينهم «جماعة الداعي عمار» في معقلهم دير قوبل، على قاعدة «الدفاع عن الأرض والعرض».
يذكر أن «جماعة الداعي عمار» يقتصر حضورها على عدد من القرى، أهمها: ديرقوبل، الشويفات، قبيع (المتن الأعلى)، وهم يتسمون على المستوى الديني بطقوس خاصة، منها على سبيل المثال لا الحصر، عدم البكاء على الميت، «فالموت عملية انتقال الروح من جسد لآخر (تقمّص)»، وهم شديدو التكتم ويمارسون طقوسهم الدينية بعيدا من الطقوس المعروفة لدى الموحدين الدروز، في الشكل، فضلا عن أنهم يهتمون بتفاصيل كثيرة ومنها لفظ كلمة الجلالة (الله) وغيرها من أمور شكلية لا تطال جوهر التوحيد، وتختلف عادات الدفن عندهم عن العادات التقليدية.
ونشأت «جماعة الداعي عمار» في سبعينيات القرن الماضي، وسميت بجماعة «الداعي عمار» وهو من آل ناصرالدين من ديرقوبل، ورفض الدروز في غالبيتهم ولا سيما المشايخ منهم ما يعتبرونه «ادعاء» ناصرالدين أنه «الداعي عمّار» الذي عاش في القرن الحادي عشر، والذي قُتل على يد «سكين» الذي ارتد عن دعوة التوحيد، وله منزلة مهمة لدى الدروز.