Site icon IMLebanon

جمود في ساحة النجمة والسراي وتحرّك غربي – عربي لإنقاذ غزّة

الحرب الإسرائيلية على غزّة مستمرّة على رغم إدراك تل أبيب استحالة تحقيقها أيَّ مكسب عسكري أو سياسي، باستثناء إعادة الاعتبار للقوى الرافضة للسلام وتعزيز مناخات التطرّف أسوةً بسوريا والعراق. والحرب بين «حزب الله» والمعارضة السوريّة على الحدود اللبنانية – السورية مستمرّة أيضاً، في ظلّ الحديث عن خسائر متبادلة بالأرواح وتوسّع إطار المواجهات. والحروب السياسية بين القوى السياسية مستمرّة بدورها، فلا انتخابات رئاسية، ولا جلسة نيابية ولا حتى حكومية، على رغم المساعي القائمة لتذليل العقبات المتصلة بعَقد جلسة تشريعية وأخرى وزارية. وفي هذا الوقت تتّجه الأنظار إلى ما سيقوله الرئيس سعد الحريري غروبَ الجمعة المقبل في الإفطار الرمضاني لـ»المستقبل».

قالت مصادر واسعة الاطّلاع إنّ هذا الأسبوع لن يشهد لا جلسة لمجلس النوّاب ولا جلسة لمجلس الوزراء، بعدما تبيّنَ أنّ ورشة الاتصالات والمشاورات الجارية في لبنان والخارج لم تؤدِّ إلى أيّ صيغة تُسهّل الوصول إلى توافق يُعيد الحركة إلى ساحة النجمة والسراي الحكومي.

وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية» إنّ الجميع ينتظر عودة الرئيس فؤاد السنيورة والسيّد نادر الحريري من جدّة، والمرجّحة في الساعات المقبلة، للوقوف على نتائج لقاءاتهما مع الرئيس الحريري، وهي التي تقرّرت في ضوء الزيارة التي قام بها النائب السابق غطاس خوري قبل أيام إلى السعودية ونقل الدعوة إلى أركان تيار «المستقبل» للقاء الحريري.

وقالت مصادر تواكب هذه الحركة إنّ المشاورات في المملكة شملت، إضافةً إلى نتائج الحوار القائم بين التيار وحركة «أمل»، عناوينَ الخطاب الذي سيلقيه الحريري في الإفطار المركزي للتيار في الثامن عشر من الشهر الجاري، والذي تعطيه المصادر أهمّية بالغة كونه سيشمل كلّ القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية، ويحدّد موقفاً ممّا يجري في المنطقة، خصوصاً المستجدّات في شمال العراق امتداداً إلى الشمال السوري، في ضوء التسريبات التي تحاول بعض الجهات بثّها عن رهان التيار على ما يجري هناك من «صحوة سنّية» يستقوي بها بعض اللبنانيين، فيما الواقع يقول إنّ التيارات السنّية المعتدلة في بيروت ومنها تيار «المستقبل» ستدفع الثمن غالياً قبل أيّ مكوّن آخر مسيحي أو شيعي.

إلى ذلك قالت المصادر إنّ الحوار بين «أمل» و»المستقبل»، والذي توقّف عشية سفر نادر الحريري الى السعودية لم يحقّق ايّ تقدّم، وإن الخلافات القائمة حول موارد سلسلة الرتب والرواتب ما زالت قائمة، ولا سيّما تلك المتصلة بإصرار «المستقبل» على إيرادات ثابتة ومحدّدة سَلفاً تكمن في رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1 % لأنّها من الواردات المضمونة، فيما هي ترى أنّ باقي الحسابات حول إيرادات أخرى فيها الكثير من التشكيك، لئلّا يُقال إنّها قد تكون وهمية، ولا سيّما تلك المتصلة بتقديرات عائدات الأملاك البحرية ورسوم أخرى غير مباشرة وغير مضمونة بأرقامها وحجم وارداتها.

وبناءً على ما تقدّم تختم المصادر لتقول إنّه لن يكون هناك جلسة نيابية يوم الخميس المقبل ولم يوجّه الدعوة اليها أحد الى الآن كما أجمعت مصادر نيابية ووزارية على القول، علماً أنّ رئيس المجلس نبيه برّي سبق له أن ترك الجلسة الأخيرة التي عُقدت من أجل البحث في موارد سلسلة الرتب والرواتب مفتوحةً، ويمكنه أن يوجّه الدعوة الى جلسة أخرى قبل يوم واحد على أنّها استكمال للجلسة السابقة، وأنّ الدعوة إليها لا تلزمه بأية مهلة دستورية.

إنتقادات قاسية لسلام

لم يَلُح في الأفق بعد أيّ مؤشّر عن إمكانية دعوة رئيس الحكومة تمام سلام إلى جلسةٍ لمجلس الوزراء هذا الاسبوع، وسط إصرار سلام على ضرورة حصول تفاهم مسبَق للتوقّف عن التعطيل.

إلى ذلك لم يتوصّل سلام من خلال «إستدعائه» وزراء من طرفي النزاع حول تعيينات مجلس الجامعة اللبنانية الى أيّ قناعة بانتهاء الخلاف في وجهات النظر ليوجّه الدعوة الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء، بعدما ربط بين الدعوة إليها والتفاهم المسبق على ما هو مطروح في جدول أعمالها.

وقال أحد الوزراء الذي كان التقى سلام أمس لـ»الجمهورية» إنّ رئيس الحكومة وجّه انتقادات قاسية في أكثر من اتّجاه ودعا للعودة إلى الأصول المعتمدة في التعيينات الإدارية الجديدة المحكومة بالآلية التي تمّ التوصل إليها في الحكومة السابقة وما قبلها، أي بالعودة إلى المؤسسات الرقابية، ومجلس الخدمة المدنية واحد منها. وقد اعتبر هذا الموقف نسفاً لبعض ما هو مقترح في تعيينات مجلس عمداء الجامعة اللبنانية والمشاريع الجاري تحضيرها لتعيينات مرتقبة في مجالس إدارات بعض المستشفيات الحكومية.

قزّي

وقال وزير العمل سجعان قزّي لـ»الجمهورية»: «نعتبر أنّ مجلس الوزراء مَدعوّ إلى متابعة أعماله على قاعدة «أخوك مرغم لا بطل»، لأنّ الحكومة تشكّل اليوم السلطة الدستورية المؤتمَنة على القرار الوطني والمعنية بتسيير شؤون الناس، ولا يجوز بالتالي أن تعطّل اجتماعاتها كلّما حصل خلاف حول بند من جدول أعمال مجلس الوزراء، وإلّا نقدّم سلاح التعطيل لمن يريد التعطيل، في الوقت الذي يوجد شبه إجماع لدى مكوّنات الحكومة على مواصلة مجلس الوزراء اجتماعاته على أساس جدول أعمال يوزّع قبل موعد الجلسة.

وأثبتَت الاجتماعات الأخيرة جدوى هذا الأمر، بغَضّ النظر عن بعض السجالات التي لا بدّ منها والتي كانت تحصل في ظلّ أيّ حكومة، حتى حكومات اللون الواحد. وبالتالي أنا أدعو الرئيس سلام الى ان يعقد جلسة لمجلس الوزراء لكي يؤكّد متانة الوضع الحكومي، خصوصاً في هذه الظروف».

أضاف: «أمّا بالنسبة الى الملف الجامعي، فلا أعتقد أنّه يشكّل عائقاً ضخماً، إذ إنّ هناك إجماعاً حصل على مشروع تفرّغ أساتذة الجامعة اللبنانية، و»الكتائب» من الذين يدعمون هذا المشروع، ويبقى موضوع مجلس الجامعة الذي لا بدّ من أن يتمّ إيجاد حلول له عبر الاتصالات، ولا يُعقل أن يشكّل مانعاً لاستمرار عمل الحكومة، وأساساً إنّ الذين يعارضون مشروع مجلس الجامعة ليسوا من نوع معارضة «عنزة ولو طارت».

المهم أن لا يعتبر وزير التربية الياس بو صعب أنّه يستطيع أن يفرض ما يريد على الآخرين من دون نقاش ومن دون حوار، ومن دون التفاف».

بو صعب

من جهته، أوضحَ وزير التربية الياس بو صعب بعد زيارته رئيس الحكومة أنّه «ليس لدينا أيّ نيّة تعطيل، وكلّ ما حصل في آخر جلسة لمجلس الوزراء هو صرخة من الرئيس سلام لكي تسير الأمور كما يجب. فهو كان لديه تطمينات بأن يسير ملف الجامعة اللبنانية، وطرح الموضوع بناءً للتطمينات التي كانت لديه، ونتيجة ما حصل قال بأنّه لن يدعو إلى جلسات ما لم يتمّ التوافق».

حمادة

وفيما لم يطرأ أيّ جديد يحرّك ملف الاستحقاق الرئاسي من ركوده، أكّد النائب مروان حمادة لـ»الجمهورية» أنّ الأولوية المطلقة هي لانتخاب رئيس جمهورية جديد قبل كلّ شيء آخر، وكلّ حديث عن تعديلات دستورية وانتخابات نيابية هرطقات وهروب الى الأمام لا أكثر ولا أقلّ».

وإذ توقّع حمادة أن تظهر خلال أيام ترشيحات من مرجعيات زمنية وروحية قد تحرّك ملفّ الانتخابات الرئاسية، قال: «في انتظار ذلك، لا بدّ من تفعيل العمل الحكومي على غير ما هو عليه من محاصَصة تخرق الدستور وتعطّل الدولة».

وأوضح حمادة أنّه مع عقد الجلسة التشريعية، وكعضو هيئة مكتب المجلس هو مع إدراج مشاريع محصورة جدّاً ولكن مصيرية على جدول أعمال الجلسة، والبحث عن حلّ لآخر النقاط العالقة في سلسلة الرتب والرواتب، خصوصاً تلك الآيلة إلى تأمين الموارد الجدّية، وإجازة المجلس للحكومة بإصدار سندات اليوروبوند للحفاظ على صدقية لبنان.

وكان حمادة زار أمس رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، واكتفى بالقول لدى خروجه: «إنّ اللقاء على أهمّيته يمنعني من إطلاق التصريحات».

«حزب الله» والمعارضة السوريّة

وفي وقتٍ تتواصل الاشتباكات في السلسلة الشرقية بين عرسال ومرتفعات القلمون بين»حزب الله» ومسلّحين من المعارضة السورية، ذكرَ «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أنّ عدد القتلى من الطرفين ارتفعَ الى 16 قتيلاً خلال الساعات الـ 36 الماضية.

وأكّد مصدر أمني لـ»الجمهورية» أنّ «التقارير التي بحوزة الأجهزة الأمنية، تؤكّد أنّ تحرّك «حزب الله» العسكري في البقاع الأسبوع الماضي لم يكن استعراضَ قوّة أو رسالة من الحزب إلى الداخل والخارج، بل كان تحرّكاً سريعاً وأشبَه بخطّة طوارئ، لنجدة ومساندة جبهة القلمون». ولفتَ المصدر إلى أنّ «الحزب دفع بعددٍ كبير من مقاتليه وآليّاته إلى الجبهة التي تدور فيها معارك هي الأشرس».

غزّة وتجدّد إطلاق الصواريخ

وفيما تستمرّ المساعي الغربية لإنقاذ الاتّفاق النووي مع إيران قبل حلول تاريخ العشرين من الشهر الجاري، دخلَ العدوان الإسرائيلي على غزّة أسبوعه الثاني، وحفلَت الساعات الأخيرة بتطوّر ميداني تَمثّل بإطلاق «كتائب القسّام» طائرات من دون طيّار لتنفيذ مهامّ خاصة داخل إسرائيل، واستهداف «سرايا القدس» مفاعلَ «ناحال سوريك» النووي جنوب تل أبيب وقاعدةً جوّية بصاروخين.

ودعت الولايات المتحدة إسرائيل الى عدم شنّ هجوم بَرّي على قطاع غزّة، وقالت إنّه يمكن أن يعرّض حياة المزيد من المدنيين للخطر، كما دعت مصر كلّاً من إسرائيل والفصائل الفلسطينية إلى وقف فوريّ لإطلاق النار اعتباراً من اليوم لبدء تنفيذ تفاهمات التهدئة بين الطرفين.

وسط هذا المشهد، تجدّد إطلاق الصواريخ في الساعات الماضية من سهل القليلة في صور على شمال إسرائيل التي ردّت بإطلاق عدد من القذائف المدفعية على مناطق جنوبية.

وأشارت قيادة اليونيفيل الى أنّه الحادث الثالث من نوعه في أسبوع تحصل خلاله خروق أمنية خطيرة جنوبي نهر الليطاني، وأكّدت العمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني على تعزيز السيطرة الأمنية في المنطقة، مشيرةً إلى أنّها باشرت تحقيقاً في الحادث الذي شكّلَ خرقاً خطيراً للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة، والذي يهدف بوضوح إلى تقويض الاستقرار في المنطقة، ويُعرّض حياة الناس للخطر.

واعتبرَ وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون «أنّ حكومة لبنان ونظام بشّار الأسد مسؤولان عن إطلاق النار على أراضينا، ولا يمكن القبول بهذا الوضع، وسنردّ بحَزم على أيّ محاولات من هذا النوع».

وليل أمس، أفاد مراسلنا في الجنوب أنّ السيناريو نفسُه تكرَّر لليوم الثالث على التوالي، إذ أُطلِقت صواريخ من منطقة جب السويد وسهل المنصوري في اتّجاه إسرائيل التي ردّت بقصف المنطقة، مُطلِقَةً صفّارة الإنذار في رأس الناقورة وشلومي على الحدود مع لبنان، كما ألقَت قنابلَ مضيئة قبالة عيتا الشعب في ظلّ تحليق الطيران الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق.

وقد استنفر الجيش اللبناني وقوّات «اليونيفيل» في منطقة القليلة بعد إطلاق الصواريخ، التي انفجرَ أحدُها في مكانه وفقَ المعلومات الأوّلية، فيما انفجرَ آخرُ ما بين المنصوري والناقورة، الأمر الذي استدعى ردّاً من المدفعية الإسرائيلية.