مجلس النواب اليوم على موعد مع جلسة تلاوة رسالة رئيس الجمهورية التي وجهها الى النواب وحضهم فيها على احترام المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، وغدا مع جلسة جديدة للانتخاب يتكرر فيها سيناريو الجلسات السابقة بتعطيل النصاب ليتكرس عمليا الفراغ الرئاسي، على رغم كل الكلام عن خطط للتمديد او مفاجآت الساعة الاخيرة التي تترجم حركة اتصالات خارجية.
وسألت “النهار” رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط عن جلسة الخميس وامكان انتخاب رئيس للجمهورية، فأجاب: “ما ورد في بيان تكتل الاصلاح والتغيير لا يوحي بالمشاركة والحضور، وهذا أمر غير مشجع”. وماذا بعد؟ “للأسف سندخل منذ الان في الفراغ”. وأكد جنبلاط مجددا انه لم يلتق أحدا في باريس وان زيارته كانت خاصة.
واذا كان جنبلاط بشّر بالفراغ، فان رئيس مجلس النواب نبيه بري ظل اكثر حذرا، لكنه قال ان “ما أخشاه هو قيام الخارج بتدخل حقيقي بعد 25 أيار الجاري في شكل مباشر وواسع يطاول صميم عملية انتخاب رئيس للبلاد”. وأكد ان “لا معطيات جديدة في مسار الاستحقاق، واذا لم يكتمل النصاب في جلسة الخميس، وتبعاً لأي تطورات مشجعة، أدعو الى جلسة الجمعة وقبل موعد صلاة الظهر، وكنت في صدد توجيه دعوة الى جلسة السبت، لكن الرئيس ميشال سليمان يقيم احتفالاً في هذا اليوم. واذا تبينت ان الاتصالات والمشاورات الجارية ستصل الى قواسم مشتركة وايجابية، لا مانع لدي من عقد جلسة قبل منتصف ليل السبت – الاحد موعد انتهاء المهلة الدستورية”.
الفراغ الى تموز
وسألت “النهار” مصادر سياسية مواكبة للمجريات، فأوضحت ان الفيتوات التي تعوق تقدم اي من المرشحين من خارج الاربعة الكبار بدأت تتراجع تمهيدا للانتقال الى المرحلة الثانية التي تبدأ بعد 25 ايار الجاري، وان التفاوض سيجري على الثمن في مقابل التنازل عن الترشح. وتحدثت عن عقبات ترتبط بالحوار الاميركي – الايراني، والسعودي – الايراني، كما بتطورات الازمة السورية، وبالملف العراقي. لكن الفراغ قد لا يطول نتيجة الضغوط الدولية أولا، وانقشاع الرؤية في بعض الملفات الاقليمية. وتوقعت ان تظهر بشائر حلول ابتداء من منتصف تموز المقبل وصولا الى منتصف آب.
وأفادت مصادر أخرى واكبت لقاءات باريس، إن المناقشات في شأن الاستحقاق الرئاسي لا تزال في مربعها الاول وحيث انتهت جلسة الانتخاب الاخيرة.
وقالت مصادر في قوى 14 آذار لـ”النهار” إنه تبين للنواب العونيين وحلفائهم في نهاية المطاف أن كل ما أشيع في الأسابيع الاخيرة عن احتمالات انتخاب العماد ميشال عون رئيساً توافقياً لم تثبت صحته. وتاليا لم يعد النزول إلى جلسة الانتخاب في مجلس النواب يستحق الجهد. وبدأ الجميع يلمسون ويا للأسف أن العد العكسي لدخول لبنان الفراغ سيبدأ الخميس”. وأضافت: “نحن ضد تسخيف الفراغ. والكلام على أن الحكومة متماسكة ويمكنها إدارة البلد وملء الفراغ وأن مجلس النواب يظل قادراً على التشريع للقضايا الطارئة لا يريح كثيراً”.
وأشارت مصادر أخرى إلى “اتفاق عفوي بين الكتل النيابية المسيحية على عدم السماح بالتشريع العادي في مجلس النواب، وإن من زوايا ولحسابات مختلفة، ما لم ينتخب رئيس للجمهورية”. وأكدت أن كتلاً غير مسيحية ستسير في هذا المنحى ايضاً رفضاً لتكريس واقع الفراغ الرئاسي، لكنها تساءلت عما سيكون الموقف من عودة مجلس النواب الى البحث في سلسلة الرتب والرواتب، والذي حُدد له موعد في 27 ايار الجاري بعد يومين من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.
ومساء أمس أعلن الرئيس أمين الجميل عبر برنامج “رئاسيات 2014” انه حتى هذه اللحظة لا يمكن أي فريق تأمين النصف زائد واحد وكون لا فرصة لعون ولسمير جعجع فنحن في حاجة الى شخص توافقي غيرهما.
نيويورك
في غضون ذلك أمل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون أمس أن ينخرط النواب اللبنانيون “تماماً” في عملية تضمن انتخاب رئيس جديد للجمهورية بحلول الموعد المحدد قانوناً، لأن “تلافي شغور الرئاسة مهم للاستقرار” في لبنان.
وخلال الإحاطة الشهرية لمجلس الأمن عن “الحال في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية”، لاحظ الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية أوسكار فيرنانديز – تارانكو أن مهلة الشهرين للانتخابات الرئاسية في لبنان بدأت في 25 آذار وأن أربع جلسات نيابية أخفقت حتى الآن في انتخاب رئيس جديد، مضيفاً أن أعضاء المجلس “شددوا على أهمية الانتخابات الناجحة في لبنان، من أجل استمرارية مؤسسات الدولة”. وأشار الى البيان الأخير لمجموعة الدعم الدولية للبنان الذي شدد على أن “هذه العملية ينبغي أن تكون بمجملها لبنانية، خالية من التدخل الخارجي”، فضلاً عن أنه شدد على أن المجتمع الدولي “يصبو الى اتمامها بنجاح، ضمن الموعد ووفقاً للممارسات الدستورية”. وكرر أنه يأمل في أن “ينخرط” النواب اللبنانيون تماماً في الأيام المقبلة لضمان (انتخاب) رئيس بحلول الموعد المحدد قانوناً، لأن تلافي شغور الرئاسة مهم للثقة والاستقرار في لبنان”.
مجلس الوزراء
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان مجلس الوزراء سيعقد جلسة عادية الرابعة عصر غد الخميس في السرايا وعلى جدول أعماله 100 بند ليس بينها تعيينات، الأمر الذي قد يفسر عدم انعقادها في قصر بعبدا على رغم انها الجلسة الاخيرة في عهد الرئيس سليمان. وردا على سؤال لـ”النهار” عن عدم عقد الجلسة في بعبدا قال احد الوزراء مازحا: “يبدو ان رئيس الجمهورية يريد ان يدع الرئيس سلام “يتمرّن” على ادارة الجلسات من الآن فصاعداً!
وعلى جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء غداً، تأجير الخطوط الرقمية وتجديد عقد في كازينو لبنان وطبع جوازات سفر خاصة بكلفة 400 مليون ليرة وتشكيل لجنة الادوية والاسمدة الزراعية ومخطط توجيهي لحماية قمم لبنان والشواطئ والمساحات الخضراء وهبات وسفر وفود لعدد من الوزارات وغيرها.
الفقر يزداد
ومن المتوقع ان يعود ملف اللاجئين السوريين الى فرض نفسه على جدول أعمال مجلس الوزراء، في ظل تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” عن أبرز انعكاسات الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني ومنها:
– انخفاض النمو الفعلي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2,9% كل سنة.
– دفع ما يناهز 170 ألف لبناني الى براثن الفقر (إضافة الى مليون لبناني يعيشون دون خط الفقر).
– مضاعفة معدل البطالة ليتجاوز نسبة 20%.
– تقليص واردات الحكومة بمبلغ 1,5 مليار دولار أميركي وزيادة نفقاتها بمبلغ 1,1 مليار دولار نظراً الى الزيادة الحادة في الطلب.
سلام
وكان الرئيس تمام سلام لفت امس في ختام زيارته للسعودية التي عاد منها ليلاً، ولقائه الملك عبدالله بن عبد العزيز في مطار جدة قبيل سفره، الى انه “تم تداول وطرح العديد من الهموم والشجون مع القيادة في السعودية، ومن أبرزها ما يواجهه لبنان على صعيد تفاقم عدد اللاجئين السوريين، وهذا همُّ كبير علينا في لبنان ولا يمكننا ان نواجهه من دون أي مساعدة، والسعودية ستكون في مقدم من يبادر الى مساعدتنا على معالجة هذا الوضع”.
وعن الاستحقاق الرئاسي قال سلام: “هو استحقاق لبناني – لبناني ونحن نعمل من أجله ليتحقق في لبنان وليس خارجه ونستفيد من دعم السعودية ومواكبتها لنا في لبنان، وسمعنا كلاماً واضحاً في السعودية ان هذا شأن لبناني مع تمنيات أن ينتخب رئيس جمهورية ويستمر التوافق الذي جاء بالحكومة، ليطاول رئاسة الجمهورية ليتحصن الوضع السياسي في لبنان”.