“رئيس المستقبل مدعو لإسكات أصوات الفتنة في تياره”
جنبلاط لنصر الله والحريري: لا تنتظرا الرياض وطهران
يتهيّب النائب وليد جنبلاط خطورة الوضع في لبنان والمنطقة، ما انعكس في الآونة الاخيرة مزيدا من الواقعية والانفتاح على مستوى سلوكه السياسي، في زمن التعصب والتطرف.
لكن جنبلاط يدرك ان “المبادرة الفردية” وحدها لا تكفي، وانه إذا لم تُستبدل “القطيعة” بين “حزب الله” و”المستقبل”، بـ”التقاطع” ولو بحده الادنى، فإن الامور ستتدحرج نحو الأسوأ.
ينبه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” الى ان موضوع “داعش” ليس بسيطا، محذرا من انه إذا استطاع هذا التنظيم الربط بين عكار وعرسال كما كان يخطط، فسنكون امام مشكلة كبرى. أكثر من ذلك، يلفت الانتباه الى ان “داعش” لم يعد موجودا على الحدود فقط، “بل أخشى من ان يكون قد أصبح في الداخل بأشكال مختلفة، يتقمص بعضها سياسيون”.
وبرغم المخاطر الداهمة، يصر جنبلاط على رفض “الامن الذاتي” الذي من شأنه ان يُدخلنا في فوضى شاملة.
الخيار الوحيد الذي يتيح – برأيه – تأمين الحماية لجميع اللبنانيين هو دعم الجيش. لذا، يبدو جنبلاط شديد الحرص على المؤسسة العسكرية “التي باتت تشكل بارقة الامل الوحيدة في هذا الظلام”، داعيا الى تأمين الحماية السياسية لها وعدم انتقادها علنا.
يشعر جنبلاط بان الافق اللبناني بات مسدودا بالكامل، ما يستدعي من وجهة نظره مبادرة شجاعة واستثنائية، تُحدث صدمة إيجابية، وتلجم هذا الانحدار السريع نحو قعر المستنقع.
بالنسبة إليه، المرحلة تتطلب ترفعا عن الصراعات التقليدية والاصطفافات الكلاسيكية، في اتجاه صوغ معادلة داخلية جديدة، تكون مؤهلة للتعامل مع التحديات التي يفرضها التهديد التكفيري وخطر الفتنة المذهبية.
لا يكتفي جنبلاط بتشخيص المرض، بل يقترح وصفة لعلاج موضعي له، إذا كان الشفاء الجذري والكامل متعذرا في الوقت الحاضر. أما الوصفة، فيختصرها بجملة واحدة: المطلوب عقد لقاء سريع بين السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري.
بداية، يستعجل جنبلاط “العودة الثانية” للحريري الى لبنان، لافتا الانتباه الى ان الحريري مُطالب بإسكات بعض الاصوات المتطرفة التي تخرج من صفوف تياره، وتمعن في التحريض على الفتنة.
ويلفت الانتباه الى انه عندما عاد الحريري مؤخرا، حصل انعكاس إيجابي على الشارع، وتمكن الرجل من إعادة لملمة “تيار المستقبل” الذي يعاني في غياب زعيمه تذبذبا بين هبوط وصعود، منبها الى ان الاتجاهات المتطرفة والتكفيرية تأكل تدريجيا من صحن “المستقبل”، ولا تجوز المكابرة في رفض الاعتراف بهذه الحقيقة، كما ان على الفريق الآخر بدوره ملاقاة الاعتدال السني والتعاون معه.
“الخطوة التالية بعد عودة الحريري، هي حصول اللقاء بينه وبين نصر الله في اقرب فرصة ممكنة”، يكرر جنبلاط بإصرار، لافتا الانتباه الى ان الرجلين هما الوحيدان القادران حاليا على حياكة شبكة أمان نسبي للبنان، تقيه شرور هذه المرحلة الصعبة.
يعتبر جنبلاط انه لم يعد جائزا ان تبقى عقارب الساعة متوقفة عند المحكمة الدولية، “إذ ان التطورات تتسارع ونحن امام تحديات مصيرية تتطلب منا جميعا ان نخرج من خنادقنا، ونلتقي في منتصف الطريق، وهذا ما حاولت أن اقوم به مؤخرا، لكن يدا واحدة لا تصفق، والازمة هي سنية – شيعية بالدرجة الاولى، ما يلقي على السيد نصر الله والرئيس الحريري مسؤوليات مضاعفة”.
ينصح جنبلاط قطبي الطائفتين الشيعية والسنية بألا ينتظرا ما سيؤول اليه المسار السعودي – الايراني، “لان الحوار بين الرياض وطهران قد يطول، وملفاته تتوزع بين اليمن والعراق وسوريا والبحرين ولا أعرف أين موقع لبنان وسط هذه الزحمة، ثم ان مصير هذا الحوار مرتبط بما سيؤول اليه التفاوض النووي بين الغرب وإيران، فلماذا نربط أنفسنا بتعقيدات المنطقة، لا سيما ان واقعنا لم يعد يحتمل المزيد من الاهتراء والتحلل؟”.
لا يملك جنبلاط إجابة حاسمة، في السياسة، عندما يُسأل عما إذا كانت هناك إمكانية فعلية لعقد لقاء بين نصر الله والحريري، قبل ان يتقدم الحوار السعودي – الايراني. يفضل جنبلاط في هذه الحال تبسيط الامور و”لبننتها”، على قاعدة تأكيده “ان أمننا ووحدتنا على المحك، ويُفترض ان يكون لدى كل من الزعيمين، هامشه اللبناني”.
على مستوى الاستحقاق الرئاسي، ليس في جعبة جنبلاط ما يبشر بالخير في المدى القريب. يلفت الانتباه الى ان العماد ميشال عون متمسك بأحقيته في الوصول الى رئاسة الجمهورية انطلاقا من حيثيته المسيحية، وليس في وارد التراجع حاليا عن هذا الموقف.
يؤكد جنبلاط انه إذا حصل توافق كبير على اسم محدد لرئيس الجمهورية فلن يقف ضد التسوية، مقترحا في هذا المجال ان يتفاهم كل من نصر الله والحريري وعون على طبيعة التعويض الذي يمكن ان يُعطى للجنرال، في مقابل تسهيله انتخاب الرئيس، خصوصا ان عون تربطه علاقة تحالفية مع “السيد” وعلاقة مستجدة مع رئيس “المستقبل”.
وحتى ذلك الحين، يؤكد جنبلاط انه مستمر في ترشيح هنري حلو، “ومن لا يعجبه حلو فليقترح عليّ أفضل منه”.
وفي الوقت الضائع، قدم جنبلاط ترشيحه الى الانتخابات النيابية، برغم انه يتوقع التمديد للمجلس مرة أخرى، مفضلا ان يقتصر التمديد على سنة واحدة، “حتى نخفف الصدمة على اللبنانيين”.