أطلق النائب وليد جنبلاط سلسلة من المواقف أمس، محذّراً من خطر «داعش» على لبنان. ومن الشويفات، عكس تحوّلات ما بعد لقائه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله
كاد النائب وليد جنبلاط بمواقفه، أمس، أن يتفوّق على نفسه في «انعطافة» 2 آب 2009. سريعاً، بدأ ترجمة مفاعيل لقائه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأسبوع الماضي. اختار البيك الشويفات ودير قوبل لينقضّ على خطاب قوى 14 آذار السائد منذ سنوات، عبر قوله إن «الأسطوانة أنه لولا تدخل حزب الله في سوريا لما أتت داعش، غير صحيحة»، وليؤكّد أن خطر «داعش»، أو «الهواء الأصفر» آتٍ.
لم يكن جنبلاط حكماً يتصوّر أن «الربيع العربي» الذي راهن عليه منذ 2011 إلى قبل أقل من عام، قد يتمخّض فينجب «داعش»، ثم تزور الأخيرة لبنان! لكن الوقت الآن ليس وقتاً للعتاب. أن يأتي جنبلاط متأخراً، وتحديداً إلى وجهة نظر حزب الله من «النكبة السورية والعراقية» (كما يسميها صديقه الرئيس نبيه برّي)، خير من أن لا يأتي.
يقول العارفون بخبايا لقاء نصر الله ـــ جنبلاط، إن وجهتي النظر كانتا متطابقتين لناحية تحديد الخطر الكبير الذي يشكّله مشروع «داعش» على المنطقة ولبنان. استمع البيك من نصر الله إلى شرح تفصيلي عن التنظيم وعقيدته التكفيرية تجاه كلّ من يخالفه الرأي، بدءاً بالمسلمين السنة، مروراً بالأقليات، وعرض جنبلاط جملةً من المخاوف، بينها وقوع توترات في إقليم الخروب والبقاع الغربي. لكنّ الأهم أن ما نتج من اللقاء قاله جنبلاط أمس: «نحن بحاجة إلى التعاون مع الشيخ سعد الحريري، ممثل تيار الاعتدال الإسلامي السني، ومع الرئيس بري… ومع السيد حسن».
كيف يمكن أن يتمّ التعاون مع «السيد حسن»، وبعض الدوائر في الجبل، كجماعة الداعية عمّار وبعض المشايخ، وحتى دوائر في الحزب الاشتراكي لا تزال تعادي حزب الله؟ لا بدّ إذاً من لملمة البيت الداخلي.
فالكلام طوال العام الماضي عن تنسيق بين حزب الله والاشتراكي لم يكن كافياً لطي صفحة أحداث 11 أيار 2008. حتى صورة نصر الله وجنبلاط لم تقنع هؤلاء بأن «العدو» ليس حزب الله. كان لا بدّ للبيك من أن يصطحب ابنه تيمور والوزير أكرم شهيّب في جولة على «معادي» حزب الله ليبلغهم بالخطر القادم، وعن ضرورة طي صفحة أحداث أيار إلى غير عودة، كما طوى هو صفحة اغتيال الراحل كمال جنبلاط، وصافح الرئيس الراحل حافظ الأسد، لأن «البعد الوطني والقومي والأممي والفلسطيني كان أكبر بكثير من أن نقف عند اغتيال كمال جنبلاط، واليوم الوحدة الوطنية بكل مكوّناتها أهم بكثير من بعض الشكاوى أو ما حصل في 11 أيار».
في دير قوبل، كما في الشويفات، عقد جنبلاط خلوتين على هامش اللقاءين الموسعين في البلدتين. الأولى مع أقرباء علام ناصر الدين (قُتل في الشويفات باشتباك مع حزب الله في 11 أيار) من جماعة الداعي عمار، والثانية مع مشايخ من آل الخشن رفضوا المصالحة في السابق مع حزب الله. وفي اللقاءين، كان جنبلاط صريحاً وشفافاً. مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي أكدت لـ«الأخبار» أن البيك أبلغ من التقاهم «ضرورة العبور فوق الأحقاد الشخصية، لأن الأيام المقبلة تحمل أخطاراً كبيرة من التكفيريين، وشدد على ضرورة التصالح مع حزب الله». وأشارت المصادر إلى أن «المشايخ في اللقاءين أبدوا تفهماً كبيراً لوجهة نظره، وأبدوا تعاوناً وثقة بخياراته». وعلمت «الأخبار» أن جنبلاط سيقوم في الأسابيع المقبلة بسلسلة زيارات ولقاءات في عاليه وجردها، ثمّ الشوف وراشيا وحاصبيا، لعرض وجهة النظر ذاتها. كما أعاد جنبلاط التشديد على ضرورة تنسيق الاشتراكيين الكامل مع قوى الثامن من آذار في الجبل.