Site icon IMLebanon

جونيه… ضريبة ماذا؟ ولمن؟

بات إجتياز الشارع الرئيس في جونيه مغامرة بكل ما للكلمة من معنى. والمسألة ليست محدودة يتأثر بها بضع مئات أو بضعة آلاف من المواطنين والمقيمين، إنما هي مسألة كبيرة تشمل مئات الآلاف الذين هم محكومون بالمرور على الطريق ذهاباً من المتن وبيروت والعودة اليهما، وذهاباً من محافظتين ومجموعة أقضية والعودة اليها.

فالذين يكابدون ويعانون (وإنها لمعاناة حقيقية) هم الآتون والذاهبون من محافظة عكار ومحافظة طرابلس وأقضية الضنية والمنية وبشري وزغرتا والكورة والبترون وجبيل وفتوح كسروان. ناهيك بالقاصدين تلك الأقضية من سائر المناطق اللبنانية.

عموماً الناس يذهبون صباحاً ويعودون في العصر والمساء… وعلى الذين يغادرون بيروت بعد الساعة العاشرة صباحاً أن يقعوا في فخّ جونيه فيمتد رتل السيارات أمامهم من ضبية الى المعاملتين! ما يعني إنقضاء ساعة وساعتين وأحياناً ثلاثة ساعات لاجتياز تلك الكيلومترات القليلة جداً!

أما أصحاب سوء الطالع فهم الذين يصطادهم إزدحام السير في جونيه إثر إجازة أمضوها شمالاً وعادوا في العصر والمساء. ولا نبالغ بحرف واحد إذا قلنا إن الإنتظار يلامس الأربع ساعات في بعض الأوقات، ولكنه لا يقل عن الساعتين أيام الآحاد والعطلات… فقط لاجتياز شارع واحد في جونيه التي ما همّها هدير البحر… ويبدو أنه لا يهمها هدير الغضب والشتائم… والقهر الذي يغمر القلوب…

لماذا؟ ومن أجل من؟ وفي سبيل أي قضية؟

بصدق لا نملك جواباً حاسماً.

فقط نعرف أنها مسألة مزمنة، وإنها مرشحة الى التفاقم باستمرار مع ازدياد عدد المركبات التي تسلك ذلك الشارع الذي لم تتفتق عبقرية المسؤولين اللبنانيين، بعد، عن ايجاد بديل له.

أو ترى ذلك ممنوعاً، فيبقى مئات آلاف اللبنانيين محكومين بهذا الظلم الواضح، الصريح، المباشر، الهابط عليهم بقدرة لا نعرف من؟!

في النصف الأول من تسعينات القرن العشرين الماضي تنبه الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى تلك الحال، فجمع خبراءه المعنيين وطلعوا بمشروع نموذجي يقوم على إنشاء جسر جوي فوق الطريق ذاته، يمتد من نهر الكلب الى المعاملتين فطبرجا… وعندئذ تستمر ارتال السيارات من دون توقف. ومن يشاء أن يقصد جونيه سائحاً أو متبضعاً أو… يمكنه ذلك بتحويلة الى الطريق الحالي قبل ان ينطلق الى الجسر المعلّق.

فقامت القيامة ولم تقعد في حينه… ولم تقعد بعد. ومّما قيل ان الجسر يؤثر على الحركة السياحية – الإقتصادية في جونيه.

إلا أن هذه النظرية غير صحيحة على الإطلاق… فأي من الذين يصطادهم فخ هذه المعاناة في جونيه سيتحول للدخول الى منتجعاتها ومتاجرها؟!

في ذرى الشمال ثلاث مدن سياحية بارزة احداها بشري وثانيتها حدث الجبة وثالثتها إهدن. وكانت تلك المدن الشهيرة تعاني (على نطاق ضيق) مثل حال جونيه، إلاّ أنّ المؤسسات البلدية والمجتمع المدني فيها توصلت الى إنشاء طريق بديلة تمر خارجها. فقاصد «الأرز» لم يعد مضطراً للمرور داخل بشري، وكذلك من يجتاز الحدث، وأيضاً من يجتاز إهدن. وقد أثبتت التجربة ان الطرق البديلة الثلاث في مدن الاصطياف تلك ليس فقط أنها لم تؤثر على الحركة فيها، بل سهّلت دخول الزوار والسياح واصحاب المصالح محققة ازدهاراً ملحوظاً.

وبعد… هل من يعمل على رفع «شدة جونيه» عن مئات الآلاف؟!