Site icon IMLebanon

حديث مصارحة وصراحة.. مع الرئيس سليمان

اهميّة الحديث والنقاش مع الرئيس العماد ميشال سليمان، هي الشعور فوراً بأنك تتحدث مع انسان يؤمن حقيقة بالحرية والديموقراطية وقبول الآخر، والتعاطي بكثير من الهدوء والايجابية مع اي سؤال تطرحه عليه، وقدرته على «الزوغان» بلباقة من الردّ على سؤال يشعر انه في غير وقته، او ان المجالس بالامانات، ولم يحن بعد وقت كشف هذه الامانة، وانا بحكم جلساتي العديدة معه، أعرف مسبقاً اي سؤال لن يصل الى خواتيمه السعيدة، ولكنني مع ذلك، اسأل على أمل أن التقط شيئا من بين سطور اجوبته، ولذلك وكعادتي دائماً عندما ألتقيه، قصدت منزله في اليرزة، من دون قلم ولا ورقة ولا مسجّلة، معتمداً على ذاكرتي التي يفترض ان تكون ضعيفة بسبب التقدم في السنّ، ولكنها لم تخنّي يوماً في اي لقاء مع هذا الرجل الذي اعترف انّي احترمه واحبّه، وكنت اتمنى ان يكون الآن في منصب الرئاسة الاولى، ليس من اجل مصلحته او مصلحتي او مصلحة اي كان، بل من اجل مصلحة الوطن الذي عمل من اجله ضابطا وقائدا ورئيساً، ويكرّس وقته اليوم وهو خارج الحكم، ليعمل ما يمكن عليه، وبما ربحه من صداقات عربية ودولية لحماية لبنان جيشاً وشعباً ومؤسسات.

وصولي الى بيت الرئيس سليمان، صودف مع خروج الرئيس امين الجميّل، وكان طبيعياً ان اسأل سليمان عمّا دار في اجتماع الرئيسين، وهل هو من ضمن النشاط لتأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خصوصاً ان الجميّل هو من الموارنة الاربعة الاقوياء الذين باركت بكركي ترشّحهم للرئاسة، فأكّد سليمان ان البحث والاتصالات والاهتمام منصّبة اليوم على تفكيك عقدة الانتخاب وليس على الاسماء، لأن الكلام عن الاسماء والمرشحين «وكلّهم خير وبركة» قبل فك عقدة الانتخاب، يضرّ ولا ينفع خصوصاً ان مجلس النواب هو الذي يجب ان يتحمّل هذه المسؤولية، وعلى النواب ان يحضروا يومياً ويؤمّنوا نصاب الثلثين، وينتخبوا المرشح الذي يرونه الافضل وفي دورات متوالية، الى ان تظهر استحالة وصول احد من المرشحين الحاليين، عندها يبدأ مجلس النواب بالحوار للتفاهم على مرشح ومرشحين آخرين وانتخاب احدهم رئيساً، وكرر سليمان استعداده للوقوف الى جانب الرئيس الجديد – في حال رغب بذلك – للقيام بأي مهمة يكلّف بها.

بعد ذلك انتقل الحديث مع الرئيس سليمان الى الاتصال الهاتفي الذي تمّ بينه وبين العاهل السعودي الملك عبدالله، فذكر ان الملك كان قلقاً للهجوم الارهابي على قوى الجيش والأمن الداخلي وما يمكن ان يقدّمه لمساعدة لبنان في حربه ضد الارهاب، فشرح له سليمان ما يجري، واقترح عليه تأمين مبلغ يمكن التصرّف به من دون تعقيدات تأخذ وقتاً لشراء ذخيرة كافية للجيش وقوى الأمن، واستجاب الملك عبدالله بهبة بمليار دولار، واوكل الى الرئيس سعد الحريري مهمة متابعة الهبة، وللصدف اعلم الرئيس سليمان ان الحريري على الخط وتم اتصال بين الرجلين يدخل في خانة «المجالس بالامانات» لكن حديث تسليح الجيش فتح امامنا باب سؤال سليمان عمّا جرى في موضوع هبة الثلاثة مليارات، والطائرات الروسية، والمساعدات التي وعدت بها واشنطن، ولماذا لم تقبل الحكومات اللبنانية في عهده العرض الايراني بتسليح الجيش، وكانت المفاجأة الكبيرة ما قاله الرئيس سليمان، ربما للمرة الاولى، حول ما يقال عن العرض الايراني، اذ كشف انه اثناء زيارة ايران وقبل حظر شراء الاسلحة من طهران، فاتح سليمان المسؤولين الايرانيين بامكانية تزويد لبنان بالسلاح، فوعدوا بدراسة الموضوع، ولكنني لم اسمع منهم لاحقاً اي عرض بتقديم سلاح الى لبنان، امّا موضوع الطائرات الروسية فان وزير الدفاع يومذاك الياس المر هو الذي تكلم مع الروس وهو الذي اعلن عن الهبة الروسية، ولكن قيادة الجيش حسب علمي كان لها رأي اخر، وطلبت استبدال طائرات السوخوي بطائرات هليكوبتر بفاعلية واهمية طائرة الاباتشي الاميركية، وعندما زرت روسيا ناقشت معهم الامر، وقبلوا تعديل الهبة، وتم تبادل للزيارات بين ضباط لبنانيين وروس، لترتيب الاجراءات، ولا اعرف الى اي نتيجة توصلوا، كما ان هبة المليارات السعودية الثلاثة، فامر معالجتها يتم عن طريق قيادة الجيش والمسؤولين وفرنسيين، اما بالنسبة الى المساعدات الاميركية، فانني في لقائي مع السفير الاميركي، اوضحت له ان لبنان يخوض حربا ضد الارهاب من اجل مصلحة لبنان ومصلحة العالم كله الذي يشكو من الارهاب، وعلى الولايات المتحدة الاميركية ان تترجم حرصها على امن لبنان واستقراره ليس بالكلام وحسب، بل بالفعل ايضا وبتقديم ما يحتاجه الجيش اللبناني باسرع ما يمكن، وقيل لي انهم ارسلوا دفعة اولى لم اتأكد منها بعد.

***

بعد الكلام عن السلاح والتسلح، كان لي عودة مع فخامته الى حركته الناشطة داخليا، وهل ينوي خوض الانتخابات النيابية كما فعل الرئيس الراحل كميل شمعون بعد انتهاء ولايته، فاوضح جازما ان همه الان منصب على متابعة وتدعيم وتحقيق وترجمة ما عملت من اجله خلال ولايتي، وخصوصا اعلان بعبدا، مستخدما بذلك العلاقات العربية والدولية، التي بنيت على الثقة والاحترام، لتوظيفها من اجل مصلحة لبنان، وفي شكل انتخاب رئيس للجمهورية واجراء انتخابات نيابية حرة وفق قانون انتخابي عصري ومتطور، بعيدا من الطائفية والمذهبية، والزبائنية التي تعطل كل عمل مفيد وجيد، ولقاء العشاء الذي حصل في منزلي كان حلقة من حراك لاقامة نوع من التحالف السياسي القائم على الاعتدال واحترام الدستور واعتماد مصلحة الوطن، والخروج من الاعتبارات الطائفية والمذهبية.

على هامش هذه الجلسة الطويلة مع الرئيس سليمان، سألته عن صحة مفاتحته برئاسة الفرنكوفونية، فاكد صحة هذا القول وابدى قبولا مبدئيا لكن الاحداث في لبنان، اشعرته ان وجوده في لبنان، في هذه الظروف الصعبة، يشده الى البقاء ومساعدة المسكونين بالهم الوطني على عبور هذه المحنة القاسية، وحول علاقته بحزب الله، اعتبر سليمان انه من جهته يراها طبيعية وحسنة، وعندما تقول له ان كثيراً محسوبين عليه يهاجمونه باستمرار، اكد سليمان، ان الحزب ينفي اي علاقة له بما يقوله هؤلاء، كما ان علاقتي بالرئيس نبيه بري جيدة، وكان يمكن ان يكون بيننا على العشاء في بيتي، لكنه اعتذر لاسباب خاصة به.

عندما خرجت من منزل الرئيس العماد ميشال سليمان، شعرت للوهلة الاولى انني اخرج من قصر بعبدا، فقلت بيني وبين نفسي، لماذا لا يتم تعديل الدستور لمرة واحدة يستحقها لبنان، وينتخب الرئيس ميشال سليمان، رئيسا للجمهورية؟!

هيدا رأيي…. فكروا فيها.

(بالاذن من الزميل فيصل سلمان)