Site icon IMLebanon

حراك الجميّل: ما حكّ جلدك إلا ظفرك

 

لأن فريق 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، لا يملك خطة بديلة عن ترشيح رئيس القوات سمير جعجع للاستحقاق الرئاسي، ارتأى الرئيس أمين الجميل وضع خطته الخاصة، وبدأ في ترجمتها بحراك رئاسي يسعى من خلاله الى النجاح حيث أخفق قائد معراب

من ينوِ دخول حلبة المنافسة على الانتخابات الرئاسية اللبنانية قبل نضج ثمرتها، فسيُصبح ورقة محترقة لا محالة. هذه قناعة راسخة لدى الرئيس أمين الجميل، لكن تمهّله في فرض نفسه على فريقه، أو إعلان ترشّحه من داخل 14 آذار، لا علاقة له بهذه القناعة، وحسب، ولا حتّى بتمسّك المكونات الآذارية بمرشّح 14 آذار الأول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. الحجر الآخر الذي لا يزال عثرة في طريق ترشّح الجميل للرئاسة مرتبط بضبابية ما يقوم به حليفه النائب سعد الحريري. يقول مقرّبون من الجميل إن مشكلته ومشكلة أي مرشّح طبيعي في هذا الفريق، نابعة من «عدم إعطاء الحريري أجوبة محدّدة عن الخطّة ب، التي على فريقنا أن ينفّذها بعدما أخذ جعجع فرصته».
فالحريري نفسه «لا يملُك تصوراً واضحاً للمرحلة المقبلة، أو أنه يصطاد في بئر أخرى لا نزال غافلين عنها».

حالما شعر الكتائبيون، وعلى رأسهم الشيخ أمين، بأن ثمّة خطأ في إدارة المعركة داخل فريق 14 آذار، وضعوا خطّتهم الخاصة التي بدأ الجميل تنفيذها بالحراك الذي بدأه منذ أيام في اتجاه عدد من الأقطاب، لمناقشة الملف الرئاسي. على قاعدة «الحياد»، يجول الجميل مسوقاً لنفسه كمرشح لرئاسة الجمهورية من دون إعلان الأمر، على اعتبار أن «طالب الولاية لا يولّى»، بحسب مصادر قريبة منه. وتتحدث هذه المصادر، وفي كل كلمة تنطق بها سهم يصيب قائد معراب من دون أن تسمّيه، محاولةً الغمز من قناة المغامرة التي قام بها جعجع، ناسفاً كل المراحل، مع الاعتراف بأنه «حقق غايته من الترشّح الذي لا يريد منه أبداً الوصول إلى بعبدا». على الأقل «أطلق هو عملية المنافسة، بهدف خلط الأوراق، وإعادة ترتيب التموضعات، وإجبار الفريق الآخر على إعلان اسم مرشّحه».

من حيث أخفق جعجع، بدأ الجميّل. صحيح أن الأول فتح باب المنافسة، لكن ترشّحه لم يغيّر في الخريطة السياسية ولا في التموضعات. حتّى إنه لم يشجّع الفريق الآخر على تبني أحد من المرشحين. من هذه النقطة تحديداً بدأ الجميل في صياغة أهداف حراكه كما تلفت مصادره. فالرجل يريد بداية «معرفة الأسباب التي تقف وراء عدم إعلان الفريق الآخر عن مرشّح له». هدف آخر اختاره الجميل لجولته، وهو «الاستعلام بدقة عن طبيعة التموضع في لبنان ومدى إمكانية تحريك الركود»، إضافة إلى «تحذير القيادات من حقيقة مفادها أن مرور تاريخ 25 أيار بلا انتخاب رئيس سيحمّل الأقطاب الموارنة مسؤولية الفشل، ويدفع الآخرين إلى اختيار رئيس ضعيف باسم المسيحيين».

أمس، عقد الجميل اجتماعاً مصغراً مع أولئك الذين اختارهم لإدارة معركته الرئاسية، لتقويم نتائج الجولة الأولى من حراكه. بعيداً من الكلام الدبلوماسي الذي خرج على الشاشات، أعطى الجميل رجاله أجوبة مختصرة ومفيدة عن الجوّ الحقيقي لكل من التقاه. في ما يتعلق برئيس تكتّل التغيير والإصلاح، أكد الجميل أن «الرجل لن يخوض معركته الرئاسية ولن يقدم عليها إلا بغطاء سنّي، ما يعني أننا ما زلنا حتّى الآن أمام معضلة عدم وجود منافس رئاسي، بما أن فريق الثامن من آذار المحرج من عون لا يستطيع تسمية مرشّح آخر، وبما أن المستقبل لم يوافق عليه حتى الآن». وبالنسبة إلى جعجع «لم يزد الجميل حرفاً على ما أعلنه الرجل من الصرح البطريركي، وهو ما يؤكّد أن جعجع ما زال مرتاحاً على وضعه ومستمرا في ترشّحه، ما دام الحريري ليس في وارد إدارة المعركة على نحو مغاير لما يحصل الآن، وما دام أيضاً ليس مهيأً لتغيير قواعد اللعبة داخل 14 آذار». أما جنبلاط، فلم يثمر اللقاء معه أكثر من «تأكيد ضرورة مواصلة الحراك في ظل استحالة تغيير التموضع الحاصل قبل أن تتضح الصورة الإقليمية والدولية». حراك الجميل لن يقف عند حدود معراب ـــ الرابية ـــ بكفيا. بحسب المصادر يُعدّ الرئيس لجولة ثانية من اللقاءات لم تحدد وجهتها بعد، لكن المحسوم فيها حتى اللحظة أن «طريق الضاحية لا تزال مغلقة أمامه، لأن حزب الله يرفض فتح الأبواب في وجهه، ليس بقرار منه، بل لأنه لا يريد أن يثير استياء عون، على اعتبار أن جنرال الرابية هو مرشحه، ولا أحد غيره». وفي اللقاء أكد الجميل كما تقول مصادره أنه «ملتزم اسم جعجع حتى اللحظة»، لأن «لا معطيات جديدة طرأت في 14 آذار تحديداً، ولا على الملف الرئاسي على نحو عام». لذا هو «يرفض دخول المنافسة التي ستظهر كأنها عملية مبارزة على الأصوات، مع تأكيده أنه قادر على الحصول على استقطاب أصوات إضافية عن تلك التي نالها جعجع»، لذا فإن مهمته في الجولة الثانية من حراكه ستركّز على هدف جديد يسعى من خلاله إلى تحويل «اللا فيتو على اسمه كمرشح رئاسي إلى تأييد يمكن أن ينتزعه من بعض الكتل».

وإن كانت 14 آذار لم تعط أي إشارة واضحة لحسم هذا الموضوع، يرى الجميل نفسه مخولاً تحريك بعض الأحجار لفتح احتمالات أخرى داخل فريقه لسبب واحد، وهو أن «المماطلة ستؤدي إلى خروج الأقطاب الموارنة الأربعة من اللعبة، وهو ما لا يريد الجميل الوصول إليه حتّى لا تضيع فرصته الرئاسية».