جيش رديف للمالكي بقيادة أبو مهدي المهندس ممثل قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني
«حزب الله» إلى العراق «دفاعاً عن المقدسات»
فتح تقدم الفصائل السنية المسلحة ومن بينها تنظيم «داعش» وسيطرتها على مدن شمال وغرب وشرق العراق واقترابها من أسوار بغداد، الباب واسعاً لطهران للدخول لاعباً مباشراً في الساحة العراقية عبر إطلاق أذرعتها العسكرية والميليشيات الشيعية التي كانت تقاتل في سوريا. وقرر «حزب الله« الانخراط في الصراع العراقي تحت لافتة «الدفاع عن المقدسات«، والاستعداد لإرسال الآلاف من مقاتليه للقتال تحت راية الجيش الرديف الذي يشكله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بقيادة وإشراف قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني.
ودفع تقهقر جيش المالكي أمام المجموعات المسلحة في نينوى وتكريت وأجزاء من ديالى والأنبار وانعكاساته الخطيرة على وضع العراق، إيران الى حشد المجموعات الموالية لها لتفادي أي انهيار جديد قد يبدد ما عكفت على صوغه منذ سقوط نظام صدام حسين في نيسان 2003، بمسكها لخيوط اللعبة العراقية واعتبار العراق حديقة خلفية لها ونقطة انطلاق لمد نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
ووجدت طهران ووكلاؤها في العراق والمنطقة في فتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني بـ«الجهاد الكفائي» ضد تنظيم «داعش» أي الدفاع عن المنطقة من دون اللجوء الى الهجوم، فرصة سانحة لترتيب أوراقها بعد أن فاجأها الانهيار شبه التام للقوات العراقية والمأزق الذي وجد نفسه فيه حليفها المالكي، لتندفع بشكل مباشر لتقديم العون والمساعدة له، وتكلف النائب السابق جمال جعفر محمد «أبو مهدي المهندس» ممثل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، بالإشراف على جيش «سرايا الدفاع الشعبي» الذي يضم متطوعين شيعة.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة «المستقبل» إن «حزب الله قرر الدخول في أتون الصراع العراقي وهو ينوي إرسال الآلاف من عناصره للانخراط في الجيش الرديف تحت ذريعة الدفاع عن المقدسات»، مشيرة الى أن احتمال «تدفق المتطوعين اللبنانيين الى العراق لدعم قوات الحكومة العراقية يعتبر تطوراً خطيراً في الصراع الإقليمي من ناحية تواجد عناصر الحزب في العراق بشكل مباشر، بعد أن كانوا يمارسون دور التدريب والتخطيط لدعم ميليشيات عراقية مسلحة».
ورجحت المصادر أن «حزب الله سينخرط ضمن تشكيل جديد تحت إمرة جمال جعفر محمد المعروف باسم «ابو مهدي المهندس» ممثل الجنرال قاسم سليماني قائد قوة القدس الإيرانية في العراق الذي أسهم بشكل كبير في تأسيس العديد من الميليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا»، مشيرة الى أن «المهندس كلف بأن يكون قائداً لما يُسمى بفصائل المقاومة الإسلامية في العراق، كما تم تكليفه بإنشاء الجيش العراقي الرديف أو سرايا الدفاع الشعبي من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بناء لأوامر إيرانية بعد زيارة سليماني الى العراق قبل أيام».
وأكدت المصادر أن «التشكيل الشيعي العسكري الجديد المدعوم من الحرس الثوري الإيراني والذي يقوده أبو مهدي المهندس يضم كلا من حزب الله وفيلق الوعد الصادق وحركة حزب الله – النجباء وكتائب سيد الشهداء وكتائب حزب الله وفيلق بدر وعصائب أهل الحق وسرايا الخراساني، بالإضافة الى لواء أبو الفضل العباس حيث وجهت الأوامر الى عناصرهم في سوريا بالعودة الى العراق للدفاع عن المقدسات».
واعتبرت المصادر أن «دخول حزب الله والميليشيات العراقية الأخرى ساحة الصراع سيشكل تطوراً كبيراً يثبت أن طهران تهتم بالجبهة العراقية كما هو الحال في سوريا»، مشيرة الى أن المأزق الذي تمر به حكومة المالكي بسبب تقدم الجماعات المسلحة سيجعله أكثر اعتماداً على الميليشيات خصوصاً أن التطورات الدراماتيكية جعلت إيران ومن خلفها قطاعات واسعة من شيعة العراق والمنطقة من الموالين لنظام ولاية الفقيه، يعتبرون ما يجري في العراق تهديداً جدياً وخطيراً لمكاسب سياسية تحققت على مدى سنوات طويلة».
وتقاطعت المعلومات الآتية من العراق ومعلومات انتشرت في بيروت، حول إنشاء «حزب الله» غرفة عمليات عسكرية لمتابعة الوضع العراقي من كثب، ولا سيما أن الحزب شعر بأن ما يجري في العراق من انتشار المجاميع المسلحة المعارضة ومنها بقيادة نائب الرئيس العراقي السابق عزة الدوري، وتقهقر قوات المالكي المفاجئ عن مساحات شاسعة استولى عليها تحالف سني واسع، منها محافظتي ديالى وصلاح الدين ومعظم محافظة كركوك، بمثابة زلزال قد تصل أصداؤه ميدانياً إلى بغداد مع استمرار الزخم العسكري للقوى المناوئة للمالكي.
وذكر موقع «ليبانون ديبايت»، أن أجزاء لم تنشر من حديث الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في لقاء مع قادة «كشافة الإمام المهدي»، تناولت الوضع في العراق، حيث أكد نصر الله أن «شعار الحزب في سوريا كان لن تسبى زينب مرتين، وهكذا حصل. واليوم في العراق، شعارنا إن الزمن الذي يسمح فيه لأي أحد في العالم بالاعتداء على مقدساتنا الدينية في النجف وكربلاء وسامراء قد انتهى».
وتساءل نصر الله: «أين سنخبئ وجوهنا من صاحب العصر والزمان (الإمام المهدي) في حال حصول أي اعتداء على المقامين في سامراء؟». وأعرب عن «استعداد الحزب لتقديم خمسة أضعاف عدد الشهداء الذين سقطوا في سوريا من أجل المقامات في العراق، لأن هذه المقامات أكثر أهمية».
وأكد أنه «ما دام هناك شخص اسمه السيد علي الخامنئي، وما دام هناك الجمهورية الإسلامية في إيران، وما دام هناك مقاومة في لبنان، لن تمسّ مقدساتنا في العالم». وأشار نصر الله الى «أننا نعيش اليوم في زمن ظهور الإمام المهدي، وأقسم بالله إذا ظهر الإمام الآن، فإنه سيجد في لبنان الآلاف مستعدون للشهادة بين يديه». ولفت أن «كل ما حصل في العراق هو بسبب خيانة قام بها ضباط تابعون لحزب البعث».
وكان النائب السابق أبو مهدي المهندس حض من أسماهم بـ«الملاك الجهادي والإداري» في العراق، ممن حملوا السلاح سابقاً إلى الالتحاق بمقر المقاومة للمشاركة في «الحرب ضد الإرهاب».
وقال المهندس في بيان نادر حصلت «المستقبل» على نسخة منه إن «على الملاك الجهادي من مستوى آمر حظيرة فما فوق ممن حملوا السلاح سابقاً الالتحاق بمقر المقاومة في بغداد للمشاركة في الحرب ضد الإرهاب وكذلك ممن عملوا في صنوف الوحدات الإدارية لإدارة وقيادة الملحمة الجهادية الحسينية المقدسة»، مبيناً أن «هذا النداء جاء تلبية لفتوى المرجع الديني السيد علي السيستاني».
ودعا المهندس «الموظفين مهما كانت مسؤولياتهم المدنية ومن خلال أخذ الإجازات من دوائرهم ويشمل أيضاً العاملين في وحدات الجيش وأجهزة الشرطة المختلفة ممن لم تشارك وحداتهم في واجبات قتالية»، لافتاً إلى «ضرورة تقديم طلبات الإجازة وكسب الأذن وإذا اقتضى الأمر ترك الخدمة والالتحاق مع القوات الجهادية في بغداد».
وأشار المهندس الى أن «هذا الأمر يستثنى منه العاملون حالياً في وحدات تشارك في جبهات القتال في محافظات بغداد وصلاح الدين والأنبار والموصل والمناطق الشمالية ويمارسون مسؤوليات قتالية حقيقية».
وتحمل تلك التطورات مخاوف جدية من اندلاع حرب مذهبية على نطاق واسع في منطقة الشرق الأوسط تتعدى العراق وسوريا لتشمل بلدان أخرى بالتزامن مع مواصلة تنظيم «داعش» تقدمه، وهو ما جعل وزارة الدفاع الأميركية تواصل حشد قواها العسكرية بالمنطقة استعداداً لأي أوامر قد يصدرها الرئيس الأميركي باراك أوباما للتحرك عسكرياً بالعراق.
وحرك البنتاغون المئات من عناصر مشاة البحرية «مارينز» والجنود لتأمين البعثات الديبلوماسية والمواطنين الأميركيين في العراق.
كما تنتشر في مياه الخليج حالياً حاملة الطائرات «جورج بوش» بالإضافة إلى خمس سفن حربية أخرى من بينها السفينة البرمائية «ميسا فيردي» المخصصة لعمليات الإستجابة السريعة ومزودة بطائرات «MV-22Osprey «بجانب أكثر من 500 من جنود المارينز وعشرات المروحيات القتالية بانتظار ساعة الصفر في حال قررت واشنطن الخيار العسكري لدحر «داعش».
وقال الرئيس الأميركي في وقت سابق إنه ينظر في خيارات عدة مطروحة من بينها القيام بعمليات جوية لكنه استبعد إمكانية إرسال قوات أميركية، في حين تتواصل مشاوراته مع طاقم الأمن القومي.
وكان مسؤول أميركي رفيع أكد أمس أن الولايات المتحدة وإيران ناقشتا الوضع في العراق باقتضاب أول من أمس مشيراً الى أن «مثل هذه المناقشات لن تتطرق إلى التعاون العسكري وأن واشنطن لن تتخذ قرارات استراتيجية من دون تشاور مع العراقيين».
وقال المسؤول الرفيع بوزارة الخارجية الأميركية مشيراً إلى المحادثات بين إيران والقوى الكبرى الست بشأن برنامج إيران النووي «نحن منفتحون للحوار مع الإيرانيين مثلما نفعل مع الأطراف الإقليمية الفاعلة الأخرى بشأن الخطر الذي تشكله جماعة «داعش»».
لكن إدارة أوباما أمام خيارات صعبة في حال قررت التحرك بالعراق، ومن هنا جاء تفضيلها للخيار السياسي عبر إرسال مبعوث رفيع المستوى هو مساعد وزير الخارجية الأميركي بريت ماكورك حاملاً أفكاراً اميركية لإقناع القيادات العراقية لتسوية سلمية للأزمة الراهنة، وهو ما تحقق أمس من خلال عقد اجتماع سياسي موسع يضم القادة العراقيين برعاية رئيس الوزراء الأسبق ابراهيم الجعفري.
وقال مصدر سياسي مطلع لصحيفة «المستقبل» إن «اجتماعاً سياسياً موسعاً عقد أمس برعاية رئيس الوزراء العراقي السابق ابراهيم الجعفري وضم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس البرلمان اسامة النجيفي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك ونائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس والقيادي الكردي برهم صالح لبحث تطورات الأوضاع السياسية والأمنية وبحث الحلول الممكنة لها في ظل توسع التنظيمات المسلحة في مناطق عدة من العراق».
وفي التطورات الأمنية أعلن المالكي أمس إعفاء قائد عمليات نينوى الفريق الركن مهدي الغراوي ونائبه اللواء الركن عبد الرحمن حنظل مهدي ورئيس أركانه العميد حسن عبدالرزاق الغازي من مناصبهم واتخاذ «الإجراءات القانونية بحقهم»، وفيما قرر إحالة قائد فرقة المشاة الثالثة العميد هدايت عبد الكريم إلى المحكمة العسكرية، لـ«هروبه من ساحة المعركة»، أكد أن هناك إجراءات أخرى ستُتخذ بحق الضباط والمراتب «المتخاذلين».
من جانب آخر أفادت مصادر أمنية وصحية في كركوك (شمال شرق العراق) أن 51 عراقياً غالبيتهم من قوات البيشمركة الكردية قتلوا أو جرحوا خلال تصديهم لهجمات شنها تنظيم (داعش) من ثلاثة محاور على المدينة.
وقال مصدر في صحة كركوك إن «عنصري بيشمركة ومدني قتلوا وأصيب 48 آخرين 27 منهم من البيشمركة، في اشتباكات مع تنظيم «داعش» جنوب المحافظة»، في حين ذكر مصدر أمني أن «عناصر «داعش» شنوا أمس هجوماً من ثلاثة محاور على مشارف مدينة كركوك»، مشيراً إلى أن «الهجوم الأول استهدف منطقة بشير، والثاني قرب ملا عبد الله (25 كم غرب كركوك)، والثالث قرب قضاء الدبس (55 كم شمال غرب كركوك)».
وأضاف المصدر أن «قوات البيشمركة تشتبك بين مدة وأخرى مع العناصر المسلحة لمنعها من التقدم صوب مدينة كركوك»، مبيناً أن «منطقة بشير عادت مرة أخرى الى سيطرة المسلحين بعد طردهم منها خلال ساعات» لافتاً الى «أن القوات العسكرية انسحبت من المدينة».
وفي ديالى (شمال شرق بغداد) قال رئيس المجلس البلدي لقضاء خانقين سمير محمد نور إن «قوات البيشمركة الكردية بدأت بقصف مكثف ضد مواقع مسلحي «داعش» في السعدية الخاضعة لسيطرتهم».