Site icon IMLebanon

حزب الله» في صلب الحوار مع الأميركيين

واشنطن

لم تخلط زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الخاطفة الى بيروت الأوراق. هذا على الأقل ما فهمه وسمعه غالبية المسؤولين اللبنانيين، الزمنيّين والروحانيّين، الذين التقاهم، غير أنّ البحث عن ملحقات سرية، قد يكون على عاتق آخرين سيُتابعون ويلاحقون ما ينبغي من ملفات، البحث مُعلّق فيها الى مراحل مقبلة.

في المقابل، بدا واضحاً أنّ القضايا التي بحثها كيري أو علَّق عليها في مؤتمره الصحافي، كانت بعيدة نسبياً من الملف الأكبر الذي يقلق بال اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً. فملف رئاسة الجمهورية ليس في سلّم الأولويات. غير أنّ مصدراً أميركياً مُطّلعاً دعا الى ضرورة التوقّف مليّاً أمام طلب كيري المباشر الى كلّ من روسيا وايران و»حزب الله»، لعبَ دور بنّاء في وضع حدّ للأزمة السورية.

ولعلّ ذكر الحزب بالإسم ومساواته بالآخرين، يُضفي «شرعية سياسية» كثيراً على الدور الذي يؤدّيه، سواء على المستوى الإقليمي او على المستوى الداخلي، ويندرج في سياق الكشف عن الإتصالات السابقة والمقبلة التي تجريها الإدارة الأميركية معه.

إذاً، هو اعتراف بهذا الدور، لكنه إعتراف يُلقي في المقابل مسؤوليات كبيرة عليه وعلى الآخرين عندما يؤون أوان البحث عن الحلول.

ويعتقد المصدر الأميركي أنّ هذا الأمر ينسجم مع توجّهات الإدارة الأميركية التي شرَعت في التفاوض مع كثير من الحركات والتنظيمات السياسية والعسكرية التي لا يمكن استبعادها من المشاورات السياسية، طالما أنّ وجهة هذه الإدارة تقوم على التعاطي المباشر وليس بالوساطة.

فالإتفاق الذي وقعته مع حركة «طالبان» لإطلاق الجندي الأميركي المختطف في افغانستان، يصبّ في هذا الاتجاه. والإعتراف بشرعية الحكومة الفلسطينية الجديدة، على رغم التأكيد أنّها لا تضمّ أيّ فرد من حركة «حماس»، لا يُلغي عملياً تشريع التعامل معها، على رغم اعتراض الإسرائيليين.

لكن في المقابل، هناك مَن يعتبر أنّ مخاطبة «حزب الله» من بوابة الأزمة السورية، هدفه التنبيه من خطورة المسّ بثوابت تركيبة لبنان، بعدما لمست الإدارة الأميركية أنّ الوجهة التي قادت البلد الى «فراغه» الرئاسي، تريد استكمال هذا المسار عبر فتح نقاش حول مستقبل تركيبته وتوازناته الكيانية. وهو ما تعارضه، على الاقل في هذه المرحلة.

هذا ما يفسر تخصيص كيري البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بلقاء خاص، حمل رسالةَ تطمين الى المسيحيين، خلافاً لما يُشاع زوراً عن حرص الأطراف المنغمسة في النزاع السوري تحت عنوان التصدّي للتكفيريين والحفاظ على الأقليات عبر الدفاع عن النظام الذي يتحمّل تحديداً المسؤولية الكبرى عن التهميش الذي أصاب المسيحيين، سواءَ في لبنان او سوريا.

أوساط أميركية أخرى ترى أنّ وصف كيري الإنتخابات الرئاسية في سوريا بأنها «صفر كبير للغاية»، ما هو إلّا رسالة بالغة الوضوح بأنّ النتائج السياسية المترتبة عنها هي صفر ايضاً.

وترى هذه الأوساط أنّ ما أعلنه السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد، وعلى رغم أنه يحمل في مضامينه انتقاداتٍ كثيرة لسياسة بلاده تجاه سوريا، يكشف رسالةً أخرى ترى أنّ الوصول الى حلّ سياسي يُجبر النظام وحلفاءه على الإذعان لعملية سياسية توقف الحرب، مرهون هذه المرة بصدقية الوعود التي أطلقتها الادارة الاميركية وجدّيتها في تعويم المعارضة السورية مجدّداً، بشقّيها السياسي والعسكري.

هذا ما يُتوقّع في المرحلة المقبلة، في الوقت الذي تشير فيه تقارير كثيرة الى أنّ أسلوباً جديداً طويل النفس سيُتّبع مع الوضع الميداني بهدف خلق ظروف أكثر ملائمة.