حرب لبنانية باردة على جبهة الرئاسة … وموفد جنبلاطي إلی الحريري
«حزب الله»: لا مكان لرئيس معادٍ للمقاومة { 14 آذار: تاريخ عون إستفزازي
كل شيء تحت السيطرة، باستثناء التحركات المطلبية والنقابية، التي صحا أصحابها فجأة على مطالبهم والغبن اللاحق بهم، فأعلنوا اليوم وغداً والأربعاء أيام إضراب، من السائقين وأصحاب الشاحنات، الى المعلمين والأساتذة الثانويين وموظفي الإدارة العامة، وبينهم الاتحاد العمالي العام الذي يرفع شعارات مناوئة للضرائب على الفقراء ويتبنّى مطالب بعض القطاعات كالمعلمين المتعاقدين في التعليم المهني أو الأساسي وحتى الثانوي، فضلاً عن المستأجرين والمالكين القدامى.
وفي التحركات تلك، لكلٍ إعتباراته ومطالبه، سواء في التوقيت، أو عشية عيد العمال، غير عابئين بأن بعد غد الأربعاء ستعقد الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية.
وإذا كانت الكتل النيابية والنواب، فرادى وزُمر، ينامون ملء جفونهم عن شوارد الرئاسة الأولى، حيث قضت «كلمات السر» لكل كتلة بأن تستعد لدورها داخل الجلسة أو خارجها، فقط من أجل الانتظام ضمن إيقاع متفق عليه ضمناً: أن الدعوات للجلسات ستستمر وأن النصاب لن يتوفّر، وأن لا رئيس للجمهورية يُنتخب قبل التوافق.
إذاً، السؤال: لماذا تُعقد الجلسات، ولماذا يحرص الرئيس نبيه بري أن لا يفصل الجلسة الأخيرة عن أختها الجلسة الجديدة سوى أسبوع واحد، إلا إذا نضجت فكرة عرض سلسلة الرتب والرواتب على جلسة تشريعية، بالتأكيد سيكون موعدها في الأسبوعين الأولين من أيار، مع أن مصدراً على اطلاع يستبعد السير في هذا الخيار، في ما تبقى من الولاية الرئاسية نظراً للصعوبات المالية الآخذة بالتزايد، وعجقة المطالب، على خط الحكومة التي تصرّ على أنها لم تأتِ لملء الفراغ الرئاسي.
الجواب يتجاور «مكر» الكتل ورؤسائها الى إظهار عجز فعلي عن إتمام الاستحقاق الرئاسي، سواء في المهلة الفاصلة عن 25 أيار أو بعدها، ما لم يتحرك الدور الفعّال الإقليمي بالدرجة الأولى والدولي بالدرجة الثانية، لوضع خطة ملء الشغور الرئاسي إذا حصل، أو استدراكه إذا أمكن.
وعليه، يمّم وزير الصحة وائل أبو فاعور وجهته شطر المملكة العربية السعودية، علّه يلتقط من هناك إشارات سواء عبر لقائه مع الرئيس سعد الحريري – إذا سمحت الظروف – أو مع الجهات المعنية التي تحرص على دعم ما يتوافق عليه اللبنانيون في المملكة العربية السعودية، علماً أن الوزير السابق جان عبيد ما يزال في المملكة.
ويأتي تحرك أبو فاعور، إنفاذاً لما كشف عنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من أن دوره سيشبه دوره في تأليف حكومة المصلحة الوطنية.
من المؤكد أن تفاعل المشهد الرئاسي اللبناني يحظى باهتمام فاتيكاني وأوروبي، نظراً لخصوصية موقع الرئاسة اللبنانية، ليس في النظام اللبناني فحسب، بل في معادلة الجماعات والاستقرار الديني والأثني في الشرق الأوسط، والحفاظ على الدور المسيحي في هذه المنطقة. وفيما يعود الرئيس ميشال سليمان غداً من روما بعد تطويب البابوين يوحنا الثالث والعشرين ويوحنا بولس الثاني قدّيسين، والذي كان الأخير قد شهد لبنان الذي زاره في العام 1997 وترك له الإرشاد الرسولي الذي فتح الباب لعودة المسيحيين الى الدولة بعد مقاطعة انتخابات 1992، يتوجه البطريرك الماروني بشارة الراعي الى فرنسا في إطار مساعيه المحلية والدولية لتوفير المناخ المناسب لانتخاب رئيس جمهورية مقبول.
الموقف الرئاسي
وقبل 48 ساعة من العودة الى ساحة النجمة، كيف بدا الموقف على الجبهة الرئاسية؟
خارج التبريرات والمماحكات والتراشق من فوق السطوح العالية، يمكن تلخيص الموقف بأنه يشبه «حرب لبنانية باردة» بين «حزب الله» من جهة ومعه حلفاؤه المعلنين والمتوارين، وقوى 14 آذار لا سيما مسيحيي هذا الفريق على خلفية ترشيح الدكتور سمير جعجع، ودعوته الصريحة والعلنية لسحب قوات «حزب الله» من سوريا، حيث بثّ أمس شريط لوحدة مؤللة للحزب تتحرك في سوريا، فضلاً عن نزع سلاح المقاومة.
لم يمار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عندما اعتبر أن «على الجميع أن يتفهم أن لا مكان لرئيس الجمهورية يحمل مشروعاً معادياً للمقاومة في لبنان»، في إشارة أوضحها الوزير محمد فنيش بأنها تعني جعجع عندما قال أنه المرشح الذي ليس في تاريخه ما يشجّع على اختياره، نظراً لما ألحقه من أذى للبنان واللبنانيين، أو رئيس «موضع شبهة» وفقاً لتعبير أحد نواب «حزب الله».
أما على جبهة 14 آذار، فلم يخفِ وزير الاتصالات بطرس حرب أن فريقه لا يبدي حماساً لانتخاب النائب ميشال عون، ولا يعتبره مرشحاً وفاقياً، بل أن تاريخه هو تاريخ استفزازي أيضاً.
جلسة بلا نصاب
ولكن، ميدانياً، يتوجه نواب 14 آذار إلى ساحة النجمة لحضور الجلسة داخل القاعة وليس خارجها، على ان تجري عملية تقييم لكل جلسة بجلسة، وصولاً إلى إقناع جعجع في وقت من الأوقات انه لا يمكنه أن يستمر بالترشح، وهو الأمر الذي يأمله هذا الفريق من ان يتوصل اليه النائب عون، فيبعد الرجلان عن الحلبة، ويبدأ البحث الجدي عندها عن رئيس.
من النائب فريد مكاري إلى مُنسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد لغة واحدة، أن جعجع هو مرشّح هذا الفريق حتى الآن ولا عودة عن هذا القرار.
واليوم أو غداً، تصدر الكتل تباعاً مواقفها من جلسة الأربعاء، من كتلة «المستقبل» إلى تكتل «الاصلاح والتغيير»، علماً أن صورة التوافق، كما تراها مصادر الرئيس برّي، غير متوافرة بعد، ما يبشر بجلسة انتخاب بلا نصاب وموعد جديد لجلسة جديدة لن يكون بعيداً، فيما تقول مصادر العماد عون انه إذا بقي المشهد في جلسة الأربعاء على حاله، من انعدام التوافق، فان التكتل لن يحضر الجلسة، كما الحلفاء، باستثناء كتلة «التحرير والتنمية» لأسباب تتعلق بموقع الرئيس برّي كرئيس للمجلس النيابي.
في المقابل، لا ترى مصادر كتلة «المستقبل» أن شيئاً جديداً قد حصل خلال عطلة نهاية الأسبوع، مشيرة إلى ان العطلة كانت كاملة بمعنى الكلمة، في إشارة إلى ان أي اتصال لم يحصل سواء على مستوى 14 آذار، او على مستوى اتصال بين الفريقين المتخاصمين.
وأكدت أن نواب «المستقبل» سيحضرون الجلسة، فإذا اكتمل النصاب فان نواب 14 آذار سيستمرون على تماسكهم بالنسبة للمرشح المعلن لديهم، في انتظار أن يبادر الفريق الآخر، أقله إلى ترشيح احد منهم.
وتوقعت المصادر أن تتم خلال اليومين المقبلين اللذين يفصلان عن موعد جلسة الأربعاء جولة واسعة من المشاورات بين أطراف 14 آذار وغير 14 آذار لاستكشاف الأجواء وإعادة تقييم المواقف، لكنها أكدت ان المنطلقات لا تزال نفسها بالنسبة لترشيح جعجع الذي سيعقد ظهر اليوم مؤتمراً صحفياً في معراب، لا ينتظر ان يتخلله جديد.
إلى ذلك، رأت أوساط سياسية مطلعة أن عدم اكتمال نصاب جلسة الاربعا لن يُشكّل بالضرورة واقعاً للرئيس برّي لقذف موعد الجلسة المقبلة إلى اكثر من أسبوع، مبدية اعتقادها أن مهلة الأسبوع قد تساهم أكثر فأكثر في غربلة الأمور وتكثيف المشاورات لتحديد المواقف المتصلة بهذا الاستحقاق.
وأوضحت مصادر في كتلة برّي انه حريص على تواجد كتلته بشكل دائم في جلسات الانتخاب، لكنها أقرّت في الوقت عينه بوجود صعوبات، متمنية إتمام الاستحقاق وفق إخراج لبناني.
أبو فاعور في جدّة
وأكدت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «اللواء» أن الوزير أبو فاعور موجود في جدّة لاجراء مشاورات ربطاً بالاستحقاق الرئاسي، وأن العمل سيكون شبيهاً بما حصل أثناء المشاورات الحكومية، لكن جهد النائب جنبلاط يتركز على تأمين دعم المرشح الوسطي هنري حلو أو من يشبهه، مشيرة الى ان ما يروّج عن اتفاق سعودي – إيراني ليس دقيقاً، وهو اذا كان صحيحاً ليس سوى مهادنة دولية معالمها ليست واضحة.
ولاحظت أن التصويت بالورقة البيضاء تكتيك سطحي لم يبهر أحداً في السياسة، ولا تعني سوى الفراغ، معتبرة بأن هذا التصويت لم يكن مقبولاً من القاعدة المسيحية.
ومن جهتها، لفتت مصادر وزارية إلى أن الأفق الداخلي ما زال مقفلاً على إمكانية حصول تفاهم على شخص رئيس الجمهورية، مشيرة إلى ان الجلسة الأولى للانتخاب جاءت بإرادة داخلية، لكن، على ما يبدو، مسألة الانتخاب باتت تحتاج إلى تسوية وتفاهمات إقليمية ودولية، على غرار ما حصل في اتفاق الدوحة، معربة عن اعتقادها بأن الاستحقاق الرئاسي لن ينضج في المهلة الدستورية، وأن الفراغ ربما يعمّر لأشهر قليلة، كون أن استحقاقات كثيرة في المنطقة تحتل أولوية بالنسبة لصنّاع القرار، اكثر مما هو عليه الحال اللبناني، في إشارة واضحة الى الاهتمام الدولي بالانتخابات العراقية والمصرية والسورية، قبل اللبنانية.
تجدر الإشارة إلى أن الوزراء تبلغوا أمس اتجاهاً لعقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل، على اعتبار أن يوم الخميس هو يوم عطلة لمناسبة الأوّل من ايار، وفي هذه الحال، فان جدول أعمال الجلسة يفترض ان يوضع اليوم أو غداً لتوزيعه على الوزراء.
السلسلة
وسط هذه الأجواء، ينتظر أن تنجز اللجنة النيابية الوزارية المكلفة إعادة درس سلسلة الرتب والرواتب مهمتها الثلاثاء أو الأربعاء، وسط إعادة تحريك للمطالب الاجتماعية، حيث ينظم السائقون العموميون اضراباً اليوم الاثنين مع تظاهرة
سيارة، فيما تعقد هيئة التنسيق النقابية مؤتمراً صحفياً اليوم أيضاً أمام الأونيسكو للإعلان عن تنظيم اعتصام وتظاهرة الثلاثاء للمطالبة بالسلسلة من دون تعديل، كما ينفذ الاتحاد العمالي العام اضراباً الأربعاء، تزامناً من تحريك مطالب المستأجرين الثلاثاء أمام الأنيسكو.
وأوضحت مصادر الرئيس بري، بأنه مستعد لدعوة الهيئة العامة للمجلس إلى عقد جلسة في أي وقت، فور تسلمه تقرير اللجنة بخصوص السلسلة، حتى لو كان هذا الموعد قبل عشرة أيام من المهلة الإلزامية للإستحقاق الرئاسي.
طرابلس تستعيد فرحها
في هذا الوقت، استعادت طرابلس حياتها الطبيعية وفرحتها، بمهرجان توجته بلدية المدينة في شارع عزمي بعنون: طرابلس أنا .. ومدينتي أجمل» وسط مشاركة كثيفة من كافة أطياف المدينة واقتصادييها وتجارها وهيئاتها الاجتماعية والمدنية»، كما أقيم احتفال ضمن فعاليات »يوم طرابلس 2014» اقتصر على إلقاء كلمات أكدت بأن المدينة دخلت في أجواء التهدئة وعودة الحياة الطبيعية إلى ربوعها.
وفي المناسبة أكد وزير العدل اللواء أشرف ريفي ان طرابلس ستبقى مدينة العيش المشترك مهما حاولوا تشويه صورتها وتحويلها إلى طوراً بورا وقندهار، ونقل تحيات الرئيس سعد الحريري الی أبناء طرابلس، داعياً رجال الأعمال على الاستثمار في المدنية، مؤكداً إلى أن شارع سوريا في التبانة سيتحول إلى تحفة نموذجية معمارية، تماماً كما فعل الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت».