Site icon IMLebanon

حسن نصر الله و«المثالثة» والعرض الإيراني!

بالأمس بدا أحد أحزاب فريق 14 آذار مطالبته بسؤال فرنسا عن اقتراحها موضوع المثالثة وكأنه “متل الأطرش بالزفّة”، وكأنه لم يقرأ حديث علي لاريجاني لمجلة لوفيغارو الفرنسية بُعيْد فوز نيكولا ساركوزي برئاسة فرنسا في أيار العام 2007، ولم يكن على علم بزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان كلود كوسران لطهران لمدة يومين قبيل انعقاد مؤتمر سان كلو في تموز العام 2007، وما صدر آنذاك عن علي لاريجارني سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، أو كأن هذا الحزب “معمي على قلبو” وصدّق ما كرّره أمين عام حزب الله على مسامعنا منذ بضعة أيام بعد نفيه موضوع رغبة الثنائي الشيعي في المثالثة، واعتباره المثالثة اقتراحاً فرنسياً!! أصرّ حسن نصرالله على أنّ “المثالثة” تُهمة حزب الله بريء منها، وهنا لا بُدّ لنا من إنعاش ذاكرة الحزب وأمينه العام الذي طالب بدليل على تُهمة “المثالثة” وننعش معه ذاكرة اللبنانيين.

المثالثة طرحٌ إيرانيّ بامتياز، ولا شأن لفرنسا به، بل على العكس هذا اقتراح قدّمته إيران لفرنسا في إطار ثمن تسليم حزب الله لسلاحه، ففي 8 تشرين الثاني العام 2006  نشرت صحيفة “كيهان” الإيرانية ـ المحسوبة على علي الخامنئي مرشد جمهورية إيران ـ مقالة تدعو فيها إلى “تغيير موازين السلطة في لبنان لمصلحة الطائفة الشيعية” وهذا نصّها: “في ظل النظام الإستراتيجي الجديد الذي برز في الشرق الأوسط، صار واجباً أن يكون للشيعة في لبنان أكبر حصة في المؤسسات الحكومية والرسمية. وعلينا أن نرى ونتابع كيف تتطور الأمور. إن لبنان يواجه تغييرات لا تستطيع الحكومة الراهنة أن تعالجها. لهذا، من الضرورة تغيير المؤسسات فيها، وأول ما يجب تغييره هو اتفاق الطائف. إنَّ الشيعة يمثلون اليوم 40٪ من السكان اللبنانيين، ويشغلون 40٪ من الأرض اللبنانية، وهم المجموعة الأكثر وحدة وتوحداً فيه، وصارت قوتهم العسكرية الأقوى في تلك المنطقة من العالم العربي، لذلك يجب أن يكون لهم التمثيل الأكبر والأوسع في الحكومة وفي البرلمان وفي كافة المؤسسات اللبنانية”، فهل بعد هذا الكلام أدنى شكّ أن “المثالثة” سعى إليها حزب الله ومعه حليفه الرئيس نبيه بري، وتوالى تطبيقها بالإكراه تحت مسمّى “الثلث المعطّل” أو “حكومة وحدة وطنيّة” والثنائي الشيعي حتى اليوم يمارسها بصيغة تعطيل البلاد وتطيير الرئاسة الأولى وشلّ الثالثة!!

هذا من جهة إيران “وليّ أمر حزب الله”، أما من الداخل اللبناني فكان صوت الرئيس نبيه برّي أول صوت ارتفع لـ “يفسّر” الطائف وفق أهواء إيران وحزب الله، ففي 6 تشرين الثاني العام 2009 وفي هذا الهامش كتبنا تحت عنوان “تفسير الدستور” مرحلي في جمهورية “طرّة نقشة” متوقفين عند ما قاله نبيه بري من دارته في المصيلح: “إننا أقدمنا بإجماعنا موالاة ومعارضة في اتفاق الدوحة على تفسير الطائف في ما يخص تشكيل حكومة وحدة وطنية تعبر دائما عن الديمقراطية التوافقية”، فهل هناك “مثالثة” وضرب للطائف بل نسفه لمصلحة اتفاق الدوحة الذي أسقطته لاحقاً حزب الله بمخالفة تعهده بعدم إعاقة عمل الحكومة وعدم الاستقالة منها!!

وبالعودة إلى كلام علي لاريجاني للفيغارو الفرنسية وما أطلق عليه آنذاك “مبادرة إيرانية بشأن لبنان”، وقدّم لاريجاني 4 نقاط مركزيّة: “الأولى تناولت موضوع المحكمة الدولية واقترحت بدلا عنها صيغة مخففة أطلقت عليها “محكمة لبنانية”، الثانية تناولت موضوع حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل الأطراف، والثالثة اشتملت مسألة التوافق اللبناني على رئيس جديد للجمهورية، وتناولت النقطة الرابعة ما أسمته الصحيفة الفرنسية محاولة إيران إقناع حزب الله بنزع سلاحه”، يومها ردّت فرنسا وقبيل مؤتمر سان كلو الذي استبقه لاريجاني بالحديث مجدداً عن “الشيعة في لبنان” الذين يمثّلون 40 في المائة من السكان ويشغلون 40 في المائة من مساحة الأرض على لاريجاني بتصريح مقتضب: يومها ردّت فرنسا على هذه المبادرة بأنها “لا تريد أن تحل محل اللبنانيين” كما أنها “غير راغبة بقيام وصاية خارجية عليهم”!!

ميرڤت سيوفي