ساقتني حشريّتي الصحفية الى قراءة تحقيق نشرته إحدى الصحف اللبنانية المعروفة بانحيازها الى المقاومة، وسلاحها، وشرعية هذا السلاح الموجّه الى صدر العدو الاسرائيلي، عن مقاوم جنوبي إسمه حسين عطوي، وقرأت في هذا التحقيق ملخصاً عن سيرة هذا المقاوم الجنوبي والمثقف الذي يحمل الدكتوراه في الدراسات الإسلامية والذي ترعرع في بيت مقاوم، والذي استشهدت والدته بقذيفة إسرائيلية عام 1977، وبعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 انخرط في صفوف المقاومة عبر قوات الفجر وتدرّج في التدريب العسكري حتى أصبح قيادياً ومدرّبا عسكرياً والذي اعتقلته القوات الاسرائيلية لفترة قصيرة في معتقل الخيام والذي شارك في حرب تموز 2006 على محور العرقوب والذي اجتهد في تحصيله العلمي حيث درَّس في كلية الدعوة ثم حاضر كأستاذ جامعي فيها، وحملت رسالته للماجستير عنوان الحرب النفسية في السيرة النبوية وكذلك تناولت أطروحته للدكتوراه الحرب النفسية خلال المرحلة المدنية.
هذا الشيخ المقاوم منذ صغره والذي استفزّه العدوان الاسرائيلي على غزة وسقوط عشرات بل المئات من أهالي هذه المدينة المقاومة التي رفضت أن تركع أو تستسلم للعدو الاسرائيلي وقاومته بكل ما تملك من قوة إرادة الشعب الفلسطيني في غزة، وإصراره على الصمود والمواجهة وتلقين العدو درساً لن ينساه أبداً، هذا الشيخ اعتقله الجيش اللبناني وأودعه السجن لأنه تكبّد عناء إطلاق الصواريخ بنفسه على اسرائيل من جنوب لبنان وهو كما قال من مركز إقامته في المستشفى لست نادماً وأنا مقتنع بما فعلت بدلاً من أن تعامله الدولة وقواها الأمنية كبطل مقاوم، يؤمن بأن المقاومة هي حق للجميع أي لجمع اللبنانيين وليست حكراً على فريق معيّن من اللبنانيين كما تتعامل الأجهزة الأمنية في الدولة اللبنانية مع هذا الواقع.
إن اعتقال الدكتور حسين عطوي بتهمة إطلاق الصواريخ من داخل الأراضي اللبنانية على اسرائيل هو عمل مشين بحق الدولة اللبنانية ويُظهر للملأ تحيّزها في التعامل مع اللبنانيين بالنسبة الى موضوع المقاومة بالذات فهي ترى بعين واحدة وتتعامل بتحيّز فاضح عندما تسمح للذين يدّعون المقاومة بنقل الأعتدة والتجهيزات والمواكب المثقلة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة عبر الطرق الدولية والمعابر الى سوريا لقتال الشعب السوري الى جانب النظام المدجّج بالسلاح والذي يستخدم كل الأساليب و الوسائل العسكرية الأكثر تقدّماً لقتل شعبه وتدمير معالم بلده من دون أن توقف أحداً منهم بتهمة القتال خارج الحدود اللبنانية، ومن دون قرار منها أو من أي جهة مسؤولة في الدولة.
إنه حال سلطاتنا الأمنية وهي حال مؤسفة، وتستدعي المحاسبة والمساءلة.