Site icon IMLebanon

حفاظاً على الموقع المسيحي الأوّل!؟

تتبادل مراجع أمنية وديبلوماسية محلية ودولية معلومات عن سيناريوهات أمنية للوضع في سوريا والعراق يمتدّ للسنوات المقبلة. فليس في حساباتها ما يتحدّث عن متغيّرات عسكرية قريباً، فالخيارات التي اتّخذت لا تقف عند حدود هذه السنة أو التي تَلي. لذلك هل يمكن الفصل بين الإستحقاقات السياسية في لبنان والوضع في المنطقة؟ وما هي المعطيات؟

على هامش المناقشات التي رافقت التطورات الأمنية الأخيرة في البلاد خصوصاً تلك التي أُدرجت على لائحة الإرهاب العالمي أو تلك التي استدرَجها تدخّل اللبنانيين في الشأن السوري، تعزَّز الاقتناع بأنّ العالم تحوَّل مسرحاً لبعض هذه المنظّمات التي زرَعت مجموعات منها في مختلف دول العالم بعدما عصت على بعض أجهزتها الإستخبارية.

ولذلك، بات الهمّ الأمني وسبل مواجهته مسؤولية دولية مشتركة قبل أن يكون من مسؤوليات الدول التي تشهد عمليات إرهابية، ولبنان منها. فالأجهزة الأمنية اللبنانية تواجه مجموعات لها امتداداتها الإقليمية والدولية العابرة للقارات. من هنا جاء التنسيق الدولي وكأنّه أمر واجب خصوصاً عندما أثمر عمليات وقائية واستباقية ناجحة بكل المقاييس.

وكما في الأمن كذلك في السياسة، ففي حوار بين أحد الديبلوماسيين الغربيّين وأحد الأقطاب المسيحيّين عن الإستحقاق الرئاسي، قال الديبلوماسي: «إنّ السيرَ في العملية السياسية أمرٌ ضروري وعاجل»، مضيفاً: «لا تنتظروا أيّ تدخل أجنبي في هذه المرحلة.

فإذا نجحتم في إحياء الحوار الداخلي يمكنكم التفاهم على انتخاب الرئيس العتيد الذي بات أمراً ملحّاً للتخفيف من حجم المآزق السياسية والدستورية المتراكمة التي تجاوزتم قسماً منها، وتلك التي اقتربت من مواعيدها».

أجاب القطب المسيحي: «الجميعُ يدرك وأنتَ منهم، أنّ الإستحقاق الرئاسي ليس استحقاقاً لبنانياً فحسب لا بل ليس مسيحياً أو مارونياً كما يعتقد البعض أو يريد الإيحاء به عن سابق تصوّر وتصميم. فهو منذ البداية مرهونٌ بنصاب ثلثي أعضاء المجلس النيابي متى التأم لإنتخاب الرئيس. والواضح أيضاً، أنّ توفير هذا النصاب يشكل ورقة صلبة في يد «حزب الله» تحديداً، ومَن يعتقد عكس ذلك هو واهم.

فكلّ الأطراف قد أظهرت استعدادها للمساهمة في توفير النصاب لكنّ المشكلة أنّ مَن يُمسك بناصيّته لم يُقرّر بعد موعداً لإنتخاب الرئيس، ولم يعلن بعد عمّا إذا كان العماد ميشال عون ما زال مرشّحه او قد إختار غيره، وكل ما عبَّر عنه حتى اليوم أنه ضدّ وصول الدكتور سمير جعجع الى قصر بعبدا مهما كان الثمن، وكلّ ما عدا ذلك ما زال ضرباً من الإستنتاج يحمل التفسير والتأويل».

ردَّ الدبلوماسي: «صحيحٌ هذا الكلام، لكنّ المطلوب هو سحب الذرائع التي وضعت الإستحقاق رهينة هذه القوة القادرة على ربطه بتطوّرات المنطقة. فإذا صحَّ أنّ «حزب الله» ينتظر حرب المحاور الكبرى في سوريا والعراق للبتّ في انتخاب الرئيس فإنّ الأمر سيطول سنوات.

فالحزب يُدرك أكثر من غيره أنّ هذه المواجهة طويلة الأمد وهو يستعدّ لها من دون أن يكون لديه أو لدى غيره أيّ أفق للحلّ. فهل يمكنه تجميد الوضع في لبنان طيلة هذه الفترة ما لم تتوافر له الظروف المؤاتية؟».

لم ينتظر الديبلوماسي جواباً من مضيفه، فقال: «فتّشوا عن وسيلة لسحب هذه الذرائع فلن تعجزوا عن ذلك. علماً أنّ أقصر الطرق يكمن بوقف الرسائل التي تُشجّع العماد ميشال عون على المضي في مشوار ترشيحه الى النهاية كما فعل غيره من قبله، حرصاً على ما تبقى من أمل بإعادة تكوين السلطات والمؤسسات الدستورية وبالحفاظ على الموقع المسيحي الأول في لبنان والوحيد في المنطقة».

إنتهى اللقاء بتكوين اقتناع لدى الطرفين بأنّ الصبر مفتاح الفرج، ولا بدّ منه مدخلاً الى الفرج وإن كان على قاعدة «الصبر أمر واجب ولو بلا حدود».